منتدى عباد الرحمن الإسلامي الاجتماعي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عباد الرحمن الإسلامي الاجتماعي

لتوعية المسلمين بشؤون دينهم ودنياهم ونبذ التحزب والتمذهب والطائفية ولإنشاء مجتمع متوحد على ملة أبينا إبراهيم وسنة سيدنا محمد (عليهم الصلاة والسلام)
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا
الموسوعة الحديثية http://www.dorar.net/enc/hadith
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ http://tanzil.net
إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ
قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)

 

  سورة البقــــرة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:06 pm

يوسف عمر كتب:
أخواني وأخواتي الكرام


هذه دعوة للتدبر في كتاب الله
عسى أن يهدينا ويغفر لنا وينعم علينا بالسكينة والاطمئنان
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
اللهم آمين

أنا أقرأ تفسير كتاب الله بين الحين والآخر
محاولا أن أضع لكم الخلاصة للنفع إن شاء الخبير
والله الموفق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:06 pm

يوسف عمر كتب:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)


قال (الحمد) كجملة أسمية
ولم يقل (احمد .. يحمد .. تحمد .. نحمد) وغيرها من الجمل الفعلية
لأن الجملة الأسمية أثبت من الجملة الفعلية

وقال (الحمد) ولم يقل (الشكر لله)
لأنك قد تشكر إنسانا على معروف أداه إليك
لكنك لن تحمده
فالحمد مخصوصة بالله العلي القدير

قال (الحمد لله) والله هو اسم الذات العليا سبحانه
وهو تعبير الإلوهية
فكأنه يقول احمد الله على أنه هداك
فهذا أحق ما يستحق عليه الحمد

ومن صفات الله أنه رب
فلأنه إله يُعبد
فهو ربٌ خلق
وهو رب العالمين

والعالمين هم المكلفين وغير المكلفين
لأن السموات والأرض من العالمين
فهي تنطق وتبكي كما في بعض آيات القرآن

فإن كان الله هو رب العالمين مكلفين وغيرهم
فلابد أن يكون رحمانا رحيم

والرحمن : هي صفة خاصة بالربوبية
وهي تشمل المؤمن والكافر في الدنيا
فبها تشرق الشمس على الناس
وبها تتسخر المورودات على الأمم
وبها يُمهل الله ولايُهمل
ولذلك قدم الرحمن على الرحيم
وهذه الصفة لاتشمل الكافرين في يوم القيامة

أما الرحيم: فهي صفة خاصة بالمؤمنين
تشملهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة
لأن الرحمة فيها مخصوصة أكثر

مالك يوم الدين: المالك يختلف عن الملك
لأن الملك هو الذي يستطيع أن يتصرف في حدود ملكه فقط
أما المالك فهو من يتصرف في حدود ملكه وملك غيره
ولذلك قال (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء)

إذن من دواعي الحمد على المسلم
أن يحمد الله على ما هداه
وأن يحمده لأن العالمين مسخرة جميعها بيده
وأن كانت العالمين بيده فلِمَ تجئر لغيره وتتوكل على غيره؟

ومن دواعي الحمد أنه مالك يوم الدين
فهو المتصرف الحق بيوم الجزاء الأعظم
لأن المظلوم إن عرف ذلك
سكنت نفسه ورضت بما قسم الله له في الدنيا
وعرف أن الحق سبحانه وتعالى لن يترك الظالم على ظلمه
ولا المتكبر على تكبره
ولا الجبار على جبروته

فوجود يوم الدين نعمة تستحق الحمد
وكون الله هو المتصرف الوحيد في هذا اليوم فتلك نعمة أخرى تستحق الحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:08 pm

يوسف عمر كتب:
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

هذه الآية عجيبة

فبعد أن تحدث الحق بلسان الغيب وقال
الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين

كان المفروض أن يقول (إياه نعبد وإياه نستعين)

لكن انتقلت الصيغة فجأة من زمن الغائب إلى زمن الحاضر فقال (إياك نعبد وإياك نستعين)

فبعد أن علمك اسمه (الله)
وقال لك إني رب العالمين
وإني الرحمن الرحيم

طلب منك أن تحول الغيب إلى يقين
فإياك أنت يا الله نعبد
وإياك أنت يا الله نستعين

وقال (إياك نعبد) ولم نقل (نعبد إياك)
لأن الثانية تحتمل أن تأتي بعدها (نعبد إياك ونعبد غيرك)
لكن تقديم الحصر (إياك) فكأنه يقول لاتعبدوا غيري

وقال (إياك نعبد وإياك نستعين) ولم يقل (إياك نعبد ونستعين)
لأنك قد تعبد الله وتستعين بغيره
فحصر العبادة به
وحصر الاستعانة به

وقدم العبادة على الاستعانة
لأنك لايمكن أن تستعين بإله دون أن تعبده أولا

واستخدم نون الجماعة (نعبد ونستعين)
لأن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن الناس متفاوتون في العبادة
فمنهم من تكون عبادته مقبولة
ومنهم من يُقبل نصفها
ومنهم من تُرفض

لذلك
طلب منك أن تحشر نفسك في الصالحين
لعلك وعسى تُقبل معهم

كما في الحديث

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم)

"إن لله ملائكة سيارة فضلاء يتتبعون مجالس الذكر
فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملأ ما بينهم وبين السماء الدني
فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله عز وجل –وهم أعلم- من أين جئتم؟
فيقولون جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك.
قال: وماذا يسألوني؟
قالوا يسألونك جنتك.
قال: فكيف لو رأوا جنتي؟
قالوا: يستجيرونك.
قال: ومم يستجيروني؟
قالوا: من نارك يا رب.
قال: وهل رأوا ناري؟
قالوا: لا.
قال: فكيف لو رأوا ناري؟
قالوا: ويستغفرونك.
فيقول قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا.
يقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم.
فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:08 pm

يوسف عمر كتب:
(اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)


هناك أمر مهم علينا التحدث به قبل الدخول في الآيات الجديدة
هذا الأمر هو إعلان الإنسان الدخول في الإسلام
فأول ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
أو هو مسلم بالأصل ويقرر أن يلتزم طريق الحق
سيكون له أعداء

لماذا ؟

لأن الحق قال في آية أخرى

(قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)

فحزب الباطل لن يترك حزب الحق في أن يعيش بسلام
فهناك حروب
ومؤامرات
ودسائس
وتخذيل
وكذب
وتمويه
وتخويف
وإرجاف

لذلك يحتاج المسلم في أن يقول (إياك نعبد)
ولأنه سيكون في فريق مُحارب من قبل فرق الباطل الأخرى
فلابد أن يحتاج لـ (إياك نستعين)

لماذا ؟

لأن أهل الباطل سيكيدون له فيحتاج إلى الإستعانة بالله
وليس ذلك فحسب
بل أن أهل الباطل سيعرضون مساعدته كذبا لنصرة الحق
فالله هنا يقول له
طالما قررت أن تعبد الله
فلا تستعن إلا بالله
أو بما يرضي الله من الأسباب التي سخرها لك

ولأنك قررت أن تعبده وتستعين به حصرا
فقد أحببت دينه الذي ارتضي لك
ولذلك ستطلب منه وستقول

إهدنا الصراط المستقيم

يقول العلماء إن كلمة (إهدنا) هي طلب استدلال بلطف
فكأنك تقول له يارب حبب لي الإيمان وزينه في قلبي
يارب دلني على المنهج الذي ارتضيته كي لا يلتبس علي الأمر
يارب دلني على ما تحبه كي أفعله
وما لا تحبه كي لا أفعله

وأيضا هنا التركيز على المجموعة حين قال إهدنا
ولم يقل إهدني

الصراط : هو الطريق الذي يؤدي لغاية
والمستقيم: هو أقصر الطرق

لكن أي صراط ؟!

صراط الذين أنعمت عليهم

والعجيب أننا لم نكن نعلم بقصص الذين أنعم الله عليهم
إلا منه سبحانه
فهذه نعمة أخرى تستحق الحمد

فمن هم الذين أنعم الله عليهم؟

يقول الحق في آية أخرى

( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا)

فلولا أن الله قصّ علينا قصصهم
ما كنا عرفنا كيف نقتدي بهم

فكأنه يطلب منك أن تقول
يارب دلني كما دليتهم
واهدني كما هديتهم
حتى أدخل جنتك كما ستدخلهم
وترضى عني كما أرضيتهم ورضيت عنهم

لكن

يستوقفك الحق هنا
ليذكرك بمجموعة أخرى

لماذا ؟

لأنه لايريد لك أن تضل
فينبهك أن هناك مجاميع يحسبون أنهم يحسنون صنعا

فمن هؤلاء ؟

المغضوب عليهم: هم كل من عرف الحق فتركه

الضالين: هم الحيارى الذين لايعرفون يمينهم من شمالهم ولم يسعون في سبيل معرفة العقيدة الحق
تراه يضطرب ويشكي لو أن أحدا أضاع منه شيئا
فيبحث عنه جاهدا حتى يجده
لكنه لم يكلف نفسه ويبحث عن عقيدته وربه ومنهاجه

وهكذا شملت الفاتحة كل شيء

العقيدة في (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم)
الأحكام (إياك نعبد وإياك نستعين)
القصص (أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:09 pm

يوسف عمر كتب:
سورة البقرة

الم
ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ


الم: هي الحروف المقطعة التي في البعض من بدايات سور الكتاب الكريم
والنطق بأسماء الحروف هو شيء غير معتاد لرجل أمي لايعرف القراءة والكتابة وهو المصطفى عليه الصلاة والسلام

وكما علمنا (صلى الله عليه وسلم) أن نقول: ألف حرف.. لام حرف.. ميم حرف
وليس ألم حرف

وهذه الأحرف المقطعة
لابد أن تحتوي على معان لايعلمها أحد بعد
ولابد أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يعلمها
ولابد أنه اختص بعض الصحابة ممن يثق بهم في تعليمها
وهي تدخل في نطاق المتشابه من آيات القرآن
وليس المحكم

وجود هذه الأحرف المقطعة وعدم معرفة أسرارها
لايعني أنها لاتعني شيئا
أو أنها غير مفيدة
فمن غير الممكن أن يضع الله حرفا في كتاب عبثا
كيف وهو العلي الحكيم؟

فكونك لاتفهمها هذا هو حد عقلك
و كونك تعجز عن فهمها فهذا هو الإدراك

فعلى سبيل المثال
أنت تنظر ببصرك مسافات شاسعة أمامك
لكن هناك نقاط مكانية يكون من الصعب عليك رؤيتها
إذن لبصرك حد

وهناك ترددات صوتية
يكون من الصعب لأذنك أن تسمعها
إذن لسمعك حد

وهناك نار على سبيل المثال
لاتستطيع يدك أن تلمسها
إذن لحاسة اللمس حد

وهكذا

فإذا آمنا أن لحواسنا الخمس حدود
فلماذا لانعترف أن لعقلنا حد ؟!

كذلك
بهذه الحروف المقطعة
قال الله لجهابذة بلغاء العرب
إن القرآن مصنوع من مادة تعرفونها
فأتوني بسورة من مثله
ثم قال أتوني بعشر آيات من مثله
ثم تخطىى الحواجز وتحدى الجن
لأن بعض الإنس يتصور أن الجن يعلمون الغيب
لكن فشل الجميع في الاختبار

وهذا اختبار عجيب
لأنك حين تتحدى أحدا
عليك أن تتحداه بإمكانيات متوفرة لديه
فأعطاهم الله المادة المكونة لهذه المعجزة
ومع ذلك
أخفق الجمع إنسا وجنا

فما معنى ذلك الكتاب؟

يتصور الناس أن (ذلك) اسم إشارة
والحقيقة أن (ذلك) مكونة من 3 مقاطع

(ذا) اسم إشارة
(لام) هي لام البُعد
(ك) هي ضمير المخاطب

لأنه لو أراد الإشارة من قريب لقال (ذاك الكتاب)

فكاف المخاطب تتغير بتغير المخاطب
فلا علاقة لها بالمؤشر له

على سبيل المثال قول امرأة العزيز (فذلكن الذي لمتنني فيه)
(فذا) تشير إلى يوسف عليه السلام
(كن) ضمير مخاطبة النسوة ولاعلاقة لها بالمعني مطلقا
وهكذا

ووجود (ذلك) في آية (ذلك الكتاب)
يدل على أنه عال الشأن
كما يدل الكاف على أن المخاطب هنا هو محمد (صلى الله عليه وسلم)
أو هو كل مسلم يقرأ القرآن

الكتاب: هو ما يجمع الكلمات مع بعضها ونحتاج أن نسجله
ولعل هذه من الآيات التي تتنبأ بأن القرآن سيكون مكتوبا بين دفتي كتاب
قبل أن يأمر أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بجمعه فتدبر !

والكتاب: تدل على أن الله يقول لهم
إن كنتم تحبون أن تسجلوا أثاركم وأعمالكم وأشعاركم
فهذا الكتاب أولى أن تسجلوه

لاريب فيه: أي لا شك فيه
لا خلل فيه
لا خطأ فيه
ولأنه محفوظ رباني

فأنت تقرأ القرآن بنفس مطمئنة
لعلمك بأن في طيه ذات الآيات التي أنزلها الله على محمد (صلى الله عليه وسلم)
وأنها لم تتغير مذ ساعة أنزلت

فهو لاريب فيه من رب العالمين
وهو لا شك فيه لأن الله أصدق القائلين
وهو لاريب لأنه باق حتى قيام الساعة

فما الفائدة من هذا الكتاب؟

هو هدى للمتقين

والبعض قد يقرأ (ذلك الكتاب لا ريب) ثم يتوقف ويكمل (فيه هدى للمتقين) وهي جائزة
والبعض قد يقول (ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين) دون توقف وهي صحيحة أيضا

لكن
لم اختار الحق كلمة (هدى) وليس (هادي) ؟

هناك فرق بين هدى وهادي
فهو لم يقل (هادي للمتقين)
لأنك إذا قلت عن الرجل إنه كريم
فقد يتغير بالغد ويصبح بخيلا

لكن الحق قال (هدى للمتقين)
فكان الهدى لاينفصل عن القرآن الكريم

وهدىً لمن ؟!

المتقين

فهل هذا الكتاب هدى للمتقين فقط ؟

الجواب: هذا الكتاب هدى للذين أتقوا بالأساس
والذين يريدون أن يتقوا في المستقبل

أي أنه هدى للجميع

فما هو الهدى إذن؟

الهدى: هو الدلالة الموصولة للمطلوب
وكل دلالة توصلك إلى المطلوب فهي هدى
كإشارات الطرق
أو من يعلمك تعليما صحيحا في مادة معينة

بمعنى آخر

الهدى يتطلب عاملين: هاديا ومهديا

لذلك
إن لم تكن هناك غاية فلا هدى

وعلى الهادي أن يكون موثوقا من قِبلك
وله علم وخبرة وحكمة ليكون هاديا لك بأقل مجهود وأقل زمن

وعلى سبيل المثال
لو كلفت مهندسا ليبني لك بيتا
وتعطيه الخريطة ليسير عليها
فقد تغير رايك في المستقبل وتقول له أريد هنا بابا
وأريد هنا نافذة لم تكن موجودة
وبالتالي فإن هديك (دلالتك) له قد تغير بين ليلة وضحاها

وإذا كان هذا مقياس البشر
فلماذا تأخذ الهدى من متغيرين ؟

إذن صدق الحق حين قال (إن الهدى هدى الله)

فكل هدىً دون هداه
هو هدى متغير

لكن
حين يكون القرآن هاديا للجميع
فمن استعان بالقرآن وحكم به حياته فسيعطيه الله هداية أخرى

كيف؟

فهو سبحانه يعطي الجميع هداية الدلالة كما في قوله (قد تبين الرشد من الغي)
وقوله (وهديناه النجدين)
و قوله (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى)

لكن من لبى داعي الله فله هداية أخرى وهي هداية المعونة
كما في قوله (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى)

فما هي هداية المعونة ؟

هي معونة على الطاعة
فيكره الله للعبد الكفر والفسوق والعصيان
ويحبب إليه الإيمان ويزينه في قلبه

نكمل الآية

من هم المتقين ؟

أول صفة: الذين يؤمنون بالغيب
فهي أول مرتبة من مراتب الهدى

والغيب: هو كل ما غاب عن حواسك الخمس
فالروح مثلا من الغيب
والجنة والنار من الغيب
والملائكة من الغيب
والبعث والنشور من الغيب

فكيف تتصرف مع هذه الأمور؟

عليك أن تؤمن
ولذلك قال (يؤمنون بالغيب)

لكن ما معنى الإيمان ؟

الإيمان هو ما انعقد عليه القلب فلا يفارقه
كما تعقد في حبل بين عقدتين
وعندما يمتليء القلب بالإيمان
يفيض على الجوارح

لذلك أعقبها فقال (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)

فلولا الإيمان بالغيب وبوجود الله وبالبعث والنشور والجزاء والثواب
لما صليت وآتيت الزكاة وفعلت المعروف والصلاح

لكن
لم جعل الصلاة أولا؟

لأنها أساس العبادات
ولأن أول ما يسأل عليه العبد في القيامة هو الصلاة
ولأنها صلة العبد بربه
ولأنها تضحية بالوقت

فهناك من يضحي بعمله فيتهاون في الصلاة كسبا في المال
ولايدري أن الصلاة تأتي بالعمل وبالمال أيضا !

ثم قال: ومما رزقناهم ينفقون
والرزق هنا ليس المال فقط
بل قد يكون علما
أو معروفا
أو إصلاحا بين الناس
أو نفعا للغير
أو سعيك لقضاء حاجة أخيك

والزكاة أفضل للفقير من الصدقة
لأن الزكاة تُعطى من بيت المال
فلا يشعر الفقير بالحرج من معونة الغني

والفقير إذا اكتسب المال أو المعونة أيا كانت
فسوف تتحرك طاقته في المجتمع
ويُنتفع به
سواء أراد الفقير أم لم يُرد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:09 pm

يوسف عمر كتب:
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)


بعد أن وصف لنا الحق سبحانه وتعالى الفريق الأول: مؤمني الغيب ومقيمي الصلاة ومؤتيي الزكاة ومما رزقهم ينفقون
انتقل لوصف فريق آخر
هم أهل الكتاب

لماذا ؟

لأن هذه السورة مدنية أي نزلت في المدينة المنورة
والمدينة يسكنها يهود
فلابد أن يقارعهم بالحجة

تقول الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)

فهي تتحدث عن إشارة عديدة

منها أن هناك مؤمنين موحدين قد آمنوا برسلهم وبكتبهم المقدسة
فلما ظهر الإسلام قالوا إن هذا الدين لن يشملنا
فجاءت هذه الآية تذكرهم
كي يكونوا في دين واحد

ومنها إن هناك قسم آخر من أهل الكتاب
يؤمنون بما أنزل إليهم لكنهم لايؤمنون بالأخرة كبعض اليهود
الذين حذفوا الآخرة من كتبهم كما هو موجود اليوم في التلمود

ثم قال: أولئك على هدى من ربهم
وأولئك هم المفلحون

يقول أهل العلم: أن (أولئك) الأولى تشمل الفريق الأول
و (أولئك) الثانية قد تشمل الفريق الثاني

وكان ممكن أن يضع هذه الآية (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) بعد وصف المؤمنين بمحمد (صلى الله عليه وسلم)
ثم يعيد فيضعها مرة أخرى في نهاية وصفه لأهل الكتاب

لكن الحق سبحانه وتعالى لايريد للفريقين أن ينفصلا
يريدهما أن يجتمعا في بودقة واحدة
فإن الدين عند الله الإسلام

فما معنى (أولئك على هدى من ربهم) ؟

الهدى: هو الطريق الموصل إلى غاية
أن تكون على هدى: فكأن الهدى هو مطيتك للوصول إلى تلك الغاية

لأنك لو كنت ضالا فلن تكون (على ضلال) كما في آية أخرى

(وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين )

فاستعمل (في) مع الضلال لكي ينبهك إلى أن الضلال سيغلفك فلن ترى الحق

والهدى الذي استخدمته كمطية للوصول إلى غايتك
هو ليس كأي هدى
بل هو (من ربهم) سبحان الله
ولأنه من ربك فهو أكمل الهدى
وأعظم الهدى
وأهدى الهدى

وأولئك هم المفلحون: المفلحون هم الذين فلحوا الأرض
فالفلاح ليس الذي يزرع
بل الذي يحرث ويروي وينتظر رحمة ربه
لأن الزراعة مخصوصة بالله وحده

انظر ما يقوله الحق في آية أخرى

(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ )

فنسب الحراثة إليك
والزراعة له سبحانه

فواجبك أن تهيء الأرض
وتجعل الهواء يتداخل في المسمامات
وتروي
لكن من ينبتها غير الله
ومن يعطيك محصودها غير الله

والأرض إذا زرعت فيها حبة
قد تعطيك 100 حبة
وهي مخلوقة مثلك

فإذا كانت الأرض وهي مخلوقة مثلك تعطيك أضعاف ما أعطيتها
فكم يعطيك الله وهو الخالق العظيم ؟!

لذلك
وضع المفلحون
لأن الجائزة عنده
لأي من الفريقين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:10 pm

يوسف عمر كتب:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)

بعد أن تحدث الحق سبحانه وتعالى عن المؤمنين وصفاتهم
وجزائهم في الآخرة وما ينتظرهم من خير كثير
أراد أن يعطينا الصورة المقابلة لهم
وهم الكافرون

وكما قلنا سابقا
من أعلن من الناس الإيمان
فلابد أن يكون هناك شر يحاربه

والكافرون قسمين
قسم كفر بالله بالأساس
لكنه لما استمع إلى كلام الله ..استجاب وآمن
وقسم آخر مستفيد من هذا الكفر لذلك يرفض الإيمان

وحين يقول (كفروا بالله)
فهو تعبير عربي مبين على معنى (ستروا الله)
فالفعل (كفر) معناه (ستر)
وكونك تستر الله لايعني أنه سبحانه غير موجود
ولذلك قال لهم في آية أخرى (وكيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم...)

وسؤال من هذا النوع
لايستطيع الكافر له جوابا
لأن الكافر يعرف أن الله هو من خلقه
وهو من أوجده
فكيف يستطيع أن يستره
فوجود من خلقه إشارة إلى وجود البشر !

إذن
من يرفض الإيمان
يرفضه لأنه ينتفع بكفره
مستفيد من كفره
جاه أو مال أو منصب
بعدما أتخذوا من الكفر منهج حياة
فأصبحوا به سادة
بينما الإيمان سيجعلهم متساويين مع الناس
وهذا لايطيقونه

والكافر من هذا النوع
سواء أنذرته أم لم تنذره
فلن يؤمن

لكن ما معنى الإنذار ؟

الإنذار: هو التخويف من شيء قادم
وعلى المنذر أن يعطي غيره فترة لتحقيق هذا الإنذار

كما تقول لصبي صغير
إن لم تدرس فلن أدعك تلعب
وهنا وقت الدراسة هو الوقت الذي سيمنحه فرصة للتفكير
هل يستجيب لك أم يرفض فتقع عليه العقوبة

وحين يقول الحق سبحانه وتعالى عن هذا النوع من الكفار
أنهم لن يؤمنوا
فهذا معناه أنهم لن يؤمنوا فعلا

كيف ؟

لأن الله حينما أنزل سورة المسد

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)


كان بإمكان أبي لهب أن يقف في عرصات مكة
وأن يصرخ بين سادتها معلنا إسلامه
وبذلك
يُبطل القرآن الكريم
بحجة أن ما تنبأ به محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يتحقق
والدليل ها أنذا أعلن إسلامي

لكنه لم يفعل
حتى مات على الكفر

لماذا ؟

لأن الله حكم عليه أنه لن يؤمن
وحكم الله غالب

وهنا قد يقول قائل
ماذنب أبو لهب ليحكم الله عليه فيلقيه في النار؟

والجواب على هذا: إن الحق سبحانه وتعالى
له علم
وله قدرة

كان يستطيع ربنا وهو القادر على كل شيء
أن يقهر أبو لهب على الإسلام
لكنه لم يفعل

لماذا ؟

لأن الله يريد قلوبا
لا قوالب

إذن
فصة أبو لهب
دليل على أن الله حكم عليه بعلمه
لا بقدرته

علم الله أن أبو لهب لن يؤمن حتى يموت
فأنزل فيه قرآنا يتحداه

ولكم أن تتصوروا
أن القرآن مجرد حروف بالنسبة لأبي لهب
لكن هذه الحروف تحدته
وقالت له مدوية: لن تؤمن حتى تموت
ومع ذلك لم يستطيع أن يعلن الإسلام
ولو نفاقا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:10 pm

يوسف عمر كتب:
بعدما شرح الله سبحانه وتعالى حال الكافرين
قال

(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)

إذن هذه هي العلة في عدم كفرهم
فلقد عرف الله في سابق علمه أنهم لن يؤمنوا
فختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم

فما معنى الختم ؟

فمن يختم على رسائل السلطان مثلا
فهذا معناه أنه لن يستطيع فتحها أحد ليقرأ ما فيها
ولن يستطيع أن يضيف إليها أحد ليعدل من محتواها

وهذا معناه
أن الختم على القلوب الكافرة
يغلقها بالكلية
فلا كفر يخرج منها
ولا إيمان يدخل إليها

وإذا ختم الله على القلوب
فالسمع والبصر ستكون عاطلة
ليس عاطلة عن العمل
بل هي عاطلة عن الفهم
وهنا سيكونون كالأنعام بل هم أضل سبيلا

ولو لاحظنا
أن الحق سبحانه وتعالى
قدم ختم القلوب على ختم السمع والأبصار
لماذا ؟

لأن الله لما علم أنك لن تؤمن
سيغلق عليك منافذ إدراك المعلومات
وقد يقول قائل أن هذه المنافذ هي السمع والبصر
وهذا الكلام صحيح لكنه ناقص
لأن الحق يقول في آية أخرى

(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا
وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)


ففي الآية أعلاه
وضع الحق الأفئدة (القلوب) من ضمن وسائل الإدراك
وبالعودة لعملية الختم
فمن البديهي أن يغلق الله القلب لأنه الأساس
فتتعطل الجوارح

أو كما يقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم)

(ألا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب)

لكن
لماذا فقدوا كل أدوات الإدراك تلك ؟
وهل كان بسبب الختم فقط؟

الجواب: لا

لأن الغشاوة التفت حول القلوب الكافرة
فجعلت العيون عاجزة عن تأمل آيات الله
والسمع غير قادر على الفهم

والغشاوة من معانيها الألتفاف حول الشيء
فهي تشبه العمامة
والولاية

فلو ختمنا على الأساس وأغلقناه
ثم وضعنا الجوارح في لفافة
فكيف لاتكون الأنعام التي تسبح وتحمد ربها أفضل منهم ؟!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:11 pm

يوسف عمر كتب:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)


بعد أن ذكر الله لنا صفات المؤمنين
وذكر لنا صفات أهل الكتاب الذين آمنوا مرتين
وذكر لنا صفات الكافرين
بقي أن يذكر لنا صنف آخر من أصناف المجتمع
وهو صنف المنافقين

لكن من هم المنافقين ؟
وماذا يفعلون ؟

بداية
المؤمن يذكر الله
ولأنه يذكر الله فستطمئن نفسه
ليصدق فيه قول الحق (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)

ولأنه يذكر الله
ويجعل كتاب الله منهج حياته
فيطيع ما أمره به الله
وينتهي عما نهاه عنه الله
فسيعيش في سلام

وهذا السلام
سيملأ قلبه
ويملأ نفسه
ويملأ روحه
ثم يفيض على جوارحه
ورويدا رويدا
ينتشر بين المجتمع

أما الكافر
فقد أعلن صراحة في وجهك
أنه لايؤمن بالله
فهو أيضا يعيش في سلام
حتى وإن كان ذلك السلام موهوما
لكن كشف نيته للمسلمين
فحذروا منه

أما المنافق
فهو أخطر من الكافر
وهو أخطر من العدو المجاهر

فهو قد أظهر الإيمان وأبطن الكفر
وهذا يدل على جُبنه وخوفه من الآخرين
والأشخاص من هذا النوع يفتقدون السلام
لأنهم في حالة حرب مع أنفسهم
ومع الآخرين
يخافون أن تُكشف نواياهم
فتراهم متربصين
مترقبين
يحسبون كل صيحة عليهم

والنفاق إن ظهر في المجتمع
فهو ظاهرة صحية على قوة ذلك المجتمع

فلو لاحظنا في السيرة النبوية
أن النفاق لم يظهر في مكة
بل في المدينة
لأن المسلمين كانوا مستضعفين قبل الهجرة
أما في المدينة المنورة فالحال كان مختلفا تماما

والمنافق حين يظهر إسلامه
فلأنه يريد أن يتمتع بكافة المزايا التي يتمتع بها الفرد المؤمن
فهذه احدى الفوائد

وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلم المنافقين من حوله
فردا فردا
لكن لأنه (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين
لم يكن يحاسبهم على إلا ما ظهر من أقوالهم وأفعالهم
حتى وإن كانت نياتهم تبطن غير ذلك

نعود إلى الآية التي تقول

(ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر)

شببهم الحق بالناس
لأنهم مندمجين في المجتمع الإنساني
ليس لهم تمييز
مختلطين ممتزجين لاتكاد تعرفهم

وقد علمنا (صلى الله عليه وسلم) علامات لنعرف المنافق في حال انقطاع الوحي
فقال:

(آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب ، وإذا اؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف)

ولقد كان الحق سبحانه وتعالى يستطيع أن يقول (ومن الناس مؤمنين بالله وباليوم الآخر)
لكنه استخدم الفعل (يقول)
وهذا دليل على أنهم يظهرون القول بلا عمل
فمقياس المؤمنين هو القول والعمل

كذلك هم لم يقولوا (آمنا بالله واليوم الآخر)
بل قالوا (آمنا بالله وباليوم الآخر)
انظر إلى حرف الباء
فكأن القضية عندهم مفصولة
إيمان بالله
وإيمان باليوم الآخر
مع أنها يجب أن تكون واحدة !

كذلك كان الحق سبحانه وتعالى يمكن أن يقول (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ولم يؤمنوا)
لكنه قال (وما هم بمؤمنين)
لأن الثانية جملة أسمية
وهي أثبت من الفعلية كما شرحنا سابقا
وهي تفيد أن الإيمان معدوم عندهم من الأساس

ولأنهم كذلك فهم يخادعون الله
فما معنى المخادعة ؟

هي تأتي من الإخفاء كقولك أخفيتُ متاعي في مخدعي
فهم يريدون أن يخفوا ما يجري في صدورهم عن باقي المؤمنين
ورغم أنهم يستطيعون فعل ذلك
إلا أن لشدة جهلهم
باتوا يتصورون أنهم قد أخفوه حتى عن الله
فكيف ذلك وهو الذي لاتخفى عنه خافية ؟!

وبالتالي
هم لايخدعون إلا أنفسهم

علما أن الفعل (يخادعون) هو فعل مضارع مستمر الحدوث
وذلك دليل على أن هذه الفئة ستبقى موجودة حتى قيام الساعة

ثم قال (يخادعون الله والذين آمنوا)
ولم يقل (يخادعون الله ويخادعون الذين آمنوا)

لأن الجملة الأولى تعني أن الله والمؤمنين هما فريق واحد
وكما قال الحق في آية أخرى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)

لذلك هم لايخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون

فلِمَ قال (وما يشعرون)
مع أن هناك آيات تنتهي بـ (وما يعقلون.. وما يعلمون.. الخ) ؟

الشعور: هو الشيء الذي تدركه بأحدى الحواس
كإحساسك بحرارة النار على سبيل المثال

أما العلم: فهو امور تدركها بالاعتماد على بعض الحقائق

أما العقل: فهو أمور تستنبطها (تستنجتها) بعد ربط الحقائق ببعضها

إذن العقل هو أعلى المراتب
ثم يأتي العلم وهو أدنى منه
ثم يأتي الشعور وهو أدنى الكل

وكنتيجة
فحين استخدم الحق هنا (لايشعرون)
فكأنه يقول
إن المنافقين معطلٌ عندهم الإحساس
وهو أقل المدارك

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:11 pm

يوسف عمر كتب:
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

يكمل الله سبحانه وتعالى لنا وصف المنافقين
فقال سابقا
أنهم أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر
فكانت جزاءهم من جنس العمل
إنه ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم

ولاحظ
أنه سبحانه أفرد السمع وجمع الأبصار
وهي تقريبا في كل القرآن تأتي بهذه الصيغة
لأن الأبصار (وسيلة البصر) تختلف بين الأشخاص
فواحد يرى جيدا
والآخر لديه قصر نصر
والآخر بعد نظر
رغم أنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

وعلى سبيل المثال
لو كنت جالس في مكان مع جمهور
تتفرجون جميعا على مسرحية أو مشهد أو حدث
كل واحد من الجالسين يرى الأمور من وجهة نظر مختلفة
أو بمستوى بصري مختلف
وقد يستطيع أي رجل أن يغمض عينه فلا يرى
أو يتواجد رجل أعمى فلا يرى ما ترى
لكن الكل تسمع
ولايمكن لأحد أن يغمض اّذنه كي لايسمع
لأن حاسة السمع مفتوحة وستبقى مفتوحة حتى الغرغرة
بل أن الميت ليسمع شراك نعل أهله كما في الحديث

طيب نعود إلى الآية...
فلأنهم كفروا
ولأن الله قد طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم
فما سبب كل هذا ؟

(في قلوبهم مرض)

فلو كانت قلوبهم سليمة لاستقبلوا الإيمان بسهولة

فما هو المرض ؟

المرض: هو خروج الجسم عن حد الاعتدال الذي خلقه الله عليه
وكل عضو من جسمك يخرج عن حد الاعتدال سيعطيك مؤشر ألم
وبمؤشر الألم تستطيع أن تعرف العضو الخلل في جسمك
وهذه نعمة أخرى من نعم الله عليك

ولأن الله سبحانه وتعالى يتحدث هنا عن الإيمان
فلابد أن المقصود بمرض القلب ليس المرض العضوي بل المعنوي

والقلب
هو المحل الذي تُعقد فيه العقيدة كما تعقد بين حبلين

والقلب لايحتمل أكثر من عقيدة
كما في قوله سبحانه (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)

فلو أردت أن تضع ماء في قنينة
فلابد أن تخرج منها الهواء أولا
لأن وجود الهواء مع وجود الماء
لاينفع ولن ينفع

لكن
ما الفرق بين القلب والفؤاد والصدر ؟

نقول
القلب: هو العضو الذي نعرفه جميعا وهو محل المشاعر والمعقولات كالعقيدة والإيمان
لذلك قال الحق عن أم موسى (وربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين)

أما الفؤاد: فهو المكان أو التجويف الذي يحتوي القلب
لذلك قال عن أم موسى لما خافت على وليدها (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا)
فكأنها من الخوف على ابنها أصبحت بلا قلب.. سبحان الله

لكن
لما أراد الحق أن يهب الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
قال له (ألم نشرح لك صدرك)
فالصدر هو القلب والفؤاد وما هو أوسع من ذلك أيضا

ولرُب سائل يسأل
لماذا قد ختم الله على قلوب المنافقين
وما ذنبهم ؟

نقول: لولا أن الله قد علم بسابق علمه أنهم لن يؤمنوا
لما ختم على قلوبهم
لأن الله لايرضى لعباده الكفر
ولأن قلوبهم قد خرجت عن حد الاعتدال وهو الفطرة
ورفضت أن تكون قلوبا سليمة (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

فهي قلوب مريضة
مليئة بالشك والخوف والوهن

فماذا حصل لهم ؟

(فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا)

لماذا ؟

لأن الله غني عن العالمين
الله يريد قلوبا تأتيه
وليس قوالبا تعصيه

فهل كان عقابهم فقط أن يزيد الله مرض قلوبهم ؟
لا

بل

(وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

ماذا يعني ذلك ؟

فالجزاء كما قلنا من جنس العمل
ولأن النفاق هو ممارسة الكذب الإيماني
فلهم عذاب أليم في الآخرة أيضا
عقابا لهم على فعلهم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:12 pm

يوسف عمر كتب:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)


لأن المنافقين يكذبون كما أسلفنا
ويخدعون الناس بظاهر خلاف الباطن
فلابد أن هذه الآيات حين نزلت قد فضحت ما في صدورهم
وعرف كل منهم نفسه

كذلك
لابد أن تكون هذه الآيات
قد دفعت بالبعض منهم إلى التوبة
وإلى أن ينضم في صفوف المؤمنين

ولابد أن المؤمنين بدأوا يتحسسون المنافقين في المجتمع
وعرفوا أن لهم علامات كما في حديث المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
فبدأوا ينتبهون لهم

وكخلاصة
سنعلم من الذي قال في الآية (وإذا قيل لهم ....)
لأن القائل في الآية
هو إنسان يدعو إلى الصلاح
فإما أن يكون مؤمنا
وإما أن يكون منافقا تائبا

فماذا قال المؤمنين لهم؟

قالوا: لاتفسدوا في الأرض

فما هو الإفساد ؟

الإفساد: هو إخراج الشيء الصالح عن صلاحه
أو هو زيادة في إفساد الشيء
فلا أنت تركت الصالح على ما هو عليه
ولا أنت منعت الفساد في أن يستشري في الأرض

لكن
كيف يُفسد المنافق في الأرض؟

إما عن طريق وضع العراقيل للإسلام والمسلمين
وإما استهزاء بهم
وإما سخرية منهم
وإما هتكا بأعراض بناتهم ونسائهم
ومثلها كثير

ومع أن المنافقين يفسدون في الأرض
إلا أن جوابهم للمؤمنين كان: إنما نحن مصلحون

وبهذا الجواب
وقعوا في الجُرم مرتين
مرة بخداعهم المؤمنين في الأصل
ومرة بالاعتراف بغير الحقيقة
لأن من يرى أفعالهم سيعرف أنهم مفسدون

وكأن الحق يقول لك
انتبه لتصرفات هؤلاء
فمتى رأيت إفسادا في الأرض أدعوا فيه صلاحا
فاعلم أنهم منافقون
وأنهم في الدرك الأسفل من النار

لذلك قال: ألا إنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون

وحين تسمع كلمة (ألا)
فيعني أن الخبر ما وراءها أمر مهم
وأن الله سبحانه وتعالى يريد منك أن تنصت جيدا لما سيقول

ولو تلاحظ سير الآية التي سأكتبها مرة أخرى

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) طرف حوار
( قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) طرف ثاني للحوار
(أَلَا ) هنا قطع مفاجيء للحوار والمتكلم هو الله
(إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) النتيجة النهائية

وقال (لايشعرون) لأن إفسادهم أمر حسي معنوي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:12 pm

يوسف عمر كتب:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )


أيضا
من الذي يقول هنا في بداية الآية ؟

قد يكون القائل هو منافق عاد إلى حظيرة الإيمان
أو هو مؤمن قد كشف الله له صفات المنافقين
فهم هنا يدعونهم للتوبة
أن ينضموا لركب المؤمنين
أن تؤمنوا أيها المنافقون
لكنهم أبوا

ووصفوا بعض من آمن
بالسفهاء !

فمن هم هؤلاء الذين وصفوهم بالسفهاء ؟

إنهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
وعمار وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من المهاجرين الذين قدموا من مكة
وهم كذلك الأنصار الذين آمنوا بالمصطفى (صلى الله عليه وسلم) من سكنة المدينة
رضي الله عنهم أجمعين
فالسفهاء بنظرهم إذن
هم المسلمين !

علما أن معنى السفيه: هو الخفة .. الطيش .. الجهل..
أو هم القوم الذين لاوزن لهم
ولا قيمة لهم
فكيف ذلك وأبو بكر وعمر وعثمان (رضي الله عنهم) سادة في قومهم قبل الإسلام ؟!

وهكذا تراهم قد وقعوا في كذب محقق
وكانت شهادتهم تدينهم أولا قبل أن تدين غيرهم

المشكلة عندهم أن الإسلام يحقق لهم المساواة
المساواة بين الحر والعبد
المساواة بين الغني والفقير
وهذا لايريدونه

فمن السفيه هنا إذن ؟!
أليس السفيه من سعى للدنيا وأهمل الآخرة ؟!

لذلك يقول الحق: ألا أنهم هم السفهاء ولكن لايعلمون

لاحظ أن ختام الآية هو (لايعلمون)
فمدارك الشعور عندهم تعمل
لكن العلم عندهم معطل
وبالتالي فعقولهم كأنها غير موجودة

ثم يقول: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا)

وهنا أول ظاهرة من مظاهر النفاق
حين يعلنون الإيمان ويبطنون الكفر
وفي الحقيقة فإن من يفعل ذلك يهين نفسه

لماذا ؟

لأنك حين تكذب على الناس تهين نفسك بنفسك
وتهين كرامتك بينك وبين نفسك
فإن كنت بلا كرامة فلتفعل ما تشاء
وإن كنت بلا حياء فلتفعل ما تشاء
وإن كنت كالأنعام أو أضل سبيلا .. فلتفعل ما تشاء

لماذا؟

لأن الناس لو احترمتك دون أن تعلم الدنيّة في نفسك
فسيكون أولئك الناس أكرم منك !

ثم يقول: وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ

فمن الشياطين هنا؟

الآية نزلت في المدينة فالمنافقين فيها
ولأن اليهود من سكنة المدينة فلابد أن يكونوا هم الشياطين والله قد سترهم في الآية !
ولابد أن يبقى اليهود في كل زمان ومكان هم أصل المحرك الذي يدعو للنفاق والشقاق بين المسلمين

والخلوة في الآية (خلوا إلى شياطينهم)
تدل على أنهم يبيّتون ما لايرضى من القول
وهذا التبييت والمكر للمسلمين يحتاج إلى خلوة
سواء في ليل أو نهار

وحين يقولون لشياطينهم: إِنَّا مَعَكُمْ

فكأنهم يخشون أن يفقدوا الصلة بأولئك الشياطين
أو أهل المكر والخداع
أو حتى شياطين الإنس والجن
فكلها مشمولة..
لذلك يسارعون بين الحين والآخر للتأكيد على هذه الصلة
مخافة أن يفقدوا مصالحهم الدنيوية

ثم يقولون: إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ

وهذا القول منتهى الغباء
لأنك حين تستهزأ بغيرك
فعليك ان تستهزأ ممن يماثلك في القوة
أو يماثلك في القدرة
فالغني لايمكن أن يستهزأ بالفقير
والقوي لايمكن أن يستهزأ بالضعيف
وهكذا

ونسء هؤلاء المنافقين أنهم حين يستهزأون بالمؤمنين
فإنما هم يستهزأون بالله
لأن الله هو ولي المؤمنين
وهو ناصر المؤمنين
وهو مُعز المؤمنين
أو كما قال في آية سابقة (يخادعون الله والذين آمنوا)
فحزب الله واحد
وأفراد الحزب مرتبطون بالله

لذلك رد الله عليهم فقال: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

فلأنك تستهزأ بأهل الله وخاصته
فإن من يرد عليك
هو الله
لأن الله يدافع عن الذين آمنوا

لكن كيف يرد عليك الله ؟!

سيقابلك بالطريقة ذاتها
فالجزاء من جنس العمل

فماذا يفعل ؟

يُتركك بلا توبة حتى تموت على الكفر في الدنيا
ثم في الآخرة أنت في الدرك الأسفل من النار
هكذا بكل بساطة !

وليس هذا فحسب
بل أن الله يمد المنافقين في طغيانهم يعمهون

والمد على نوعين
أما تمد الشيء من مادة ذاته
أو تمد الشيء من مادة خارج ذاته

فشريط اللاستيك مثلا
إن سحبته بيديك فأنت مددته بذاته
وأما أن تأتي بخيط فتسحبه.. فأنت مددته بمادة أخرى

وهكذا يمد الله المنافقين
مرة من ذاتهم فيزيدهم مرضا إلى مرضهم
ومرة من خارج ذاتهم وهو مد رباني

ماذا يعني ذلك؟

يعني أن يطفأ عليهم نور البصيرة
ولذلك قال (يعمهون)
لأن العمى: هو عمى النظر
أما العمه: فهو عمى البصيرة

فأعمى البصر قد يستدل على الطريق بمساعدة شخص مُبصر
أما أعمى البصيرة فلن يستدل على الطريق ولو ساعده ألف مبصر

ثم يقول الرحمن: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

حين تسمع (أشتروا) فهذا يعني أن هنالك صفقة

فماذا فعلوا؟

لقد أشتروا الضلالة بالهدى

ما معنى ذلك؟

في عملية الشراء.. الباء التي تدخل على الإسم فهو متروك
فمثلا
اشتريت الجريدة بدرهم
فأنت تركت الدرهم عند البائع وأخذت الجريدة

وكذلك قولهم: أشتروا الضلالة بالهدى
أي تركوا الهدى وأخذوا الضلالة

لكن هل كان عندهم هدى بالأساس ليتركوه ؟!

في الحقيقة.. نعم
بل هو أكثر من هدى
فالهدى الأول.. هدى القرآن
أما الهدى الثاني.. فهو هدى الفطرة

ثم قال: فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

انتبه هنا
لم يقل فما ربح المشتري
أو ما ربح البائع
بل قال: ما ربحت تجارتهم

بمعنى.. أن كلا من البائع والمشتري قد خسرا
بمعنى آخر.. لم يبق لهما حتى رأس المال
وهو الهداية
ولذلك قال: وما كانوا مهتدين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:13 pm

يوسف عمر كتب:
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ)


ما معنى (مثلهم) ؟

هنا
يضرب الله سبحانه وتعالى لنا الأمثال
لكن لماذا؟

حينما يضرب الحق لنا الأمثال
فلأنه يريد أن يشبّه لنا المعنى
ويعطينا الحكمة
وأن يصوّر لنا الغيبيات التي لم نشاهدها من قبل

والأمثال
موجودة في القرآن الكريم بأكثر من موضع
كما يقول الحق سبحانه (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)

فالله سبحانه وتعالى
يريد أن يعطينا صورة
عما في داخل قلوب المنافقين
من اضطراب وذبذبة وتردد في استقبال منهج الله

وفي الوقت نفسه
ما يجري في القلوب .. غيب عنا

فقال سبحانه (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا)
أي حاول أن يوقد نارا

والذي يحاول أن يوقد نارا لابد أن يكون له هدف
والهدف قد يكون الطهي.. أو الإنارة.. أو الدفء
المهم
لابد أن يكون هناك هدف لإيقاد تلك النار

لكن ما الذي حصل بعدها؟

(فلما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لايبصرون)

لأن أولئك المنافقين
سمعوا من اليهود أن نبيا جديدا سيظهر
واسمه محمد
فقرروا أن يؤمنوا به
لكن إيمانهم هذا لم يكن رغبة في الإيمان
لكنه كان محاولة للحصول على أمان دنيوي
لأن اليهود كانوا يتوعدون العرب بالإبادة
ويقولون لهم: أتى زمن نبي سنؤمن به ونقتلكم به قتل عاد وإرم
فأراد هؤلاء المنافقون أن يتقوا هذا القتل
فاعلنوا إسلامهم
أمانا لهم من الموت

فإذن
يصور لنا الحق سبحانه وتعالى
أن المنافقين هم من أوقدوا النار
لتعطيهم نورا يريهم طريق الإيمان
لكنهم عندما جاء هذا النور
بدل أن يأخذوه انصرفوا عنه

لأن الفساد في ذاتهم
ولم يأتوا إلى الله بقلب سليم

ونلاحظ قول الله تعالى (ذهب الله بنورهم)
ولم يقل (بضوئهم)
مع أنهم أوقدوا النار للحصول على الضوء

فما الفرق بين النور والضوء ؟

يقول الحق سبحانه في آية أخرى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا)

فالضوء إذن أقوى من النور
والضوء لايأتي إلا من إشعاع ذاتي
لأن الشمس ذاتية بإضاءتها
أما نور القمر فيأتي من انعكاس ضوء الشمس عليه

وهذا معناه
أن الله قد أذهب عليهم نورهم
أي أنه لم يبق لهم لا ضوء ولا نور
وبالتالي كما في ختام الآية .. تركهم في ظلمات لايبصرون

ولاحظ
أنه لم يقل (وتركهم في ظلام لايبصرون)
بل هي ظلمات
ظلمات متراكبة بعضها على بعض
لايستطيعون الخروج منها أبدا

لكن
من أين جاءت هذه الظلمات ؟!

جاءت لأنهم طلبوا الدنيا ولم يطلبوا الآخرة
جاءت لأنهم انصرفوا عن نور الإيمان
فصرف الله قلوبهم

وهكذا
في قلب كل منافق .. ظلمات متعددة
ظلمة الحقد على المؤمنين
ظلمة الكراهية لهم
ظلمة تمني هزيمة الإيمان
ظلمة تمني أن يصيبهم سوء وشر
ظلمة التمزق والألم من الجهد الذي يبذله للتظاهر بالإيمان

وقال في النهاية (لايبصرون)
لأن إذا امتنع النور امتنع البصر
لأن العين لاتبصر بذاتها
لكن تبصر بانعكاس النور على الأشياء ثم انعكاسه على العين
وهذه معجزة قرآنية اكتشفها العلم بعد نزول القرآن الكريم

ولأن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا بظلم هؤلاء المنافقين لأنفسهم
وأنه قد أذهب نور الإيمان عن قلوبهم فلم يعودوا يبصرون آيات الله
أراد أن يلفتنا إلى أنه ليس البصر وحده الذي يذهب

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ)

ولكن كل حواسهم تعطلت
فالسمع تعطل فهم صُم
والنطق تعطل فهم بُكم
والبصر تعطل فهم عُمي
وهذه هي آلات الإدراك عند الإنسان

فلم تعد تلك الوسائل تفهم منهج الحق
وليس ذلك فحسب
بل وهم لايرجعون
أي لن تعود تلك الوسائل إليهم تعمل ليدركوا نور الإيمان

وبهذا يخبرك الله
إن الإصرار على هدايتهم وبذل الجهد معهم
لن يأتي بنتيجة
فالله أرحم بهم منا
ولو علم الله فيهم خيرا
لأسمعهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:13 pm

يوسف عمر كتب:
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ
يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ
يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)


مثال آخر للمنافقين يضربه لنا الحق سبحانه وتعالى
والصيّب هو المطر
فكيف ينزل المطر؟

المطر يتكون من تجمع قطرات الماء على شكل سحاب
ثم تتجمد تجمدا معينا
حتى إذا صادفت جوا رطبا نزلت تلك القطرات

فالمنافقين هنا
كأنهم كانوا ينتظرون هذا المطر
وهذا حق
لأن اليهود الذين سكنوا المدينة كانوا يعلمون بقدوم نبي
وكانوا يستفتحون به على من يجاورهم من العرب
وكان العرب يصدقونهم لأنهم أهل كتاب

ومن كان لديه نفاق في باطنه
ويسمع ما يقوله اليهود عن قدوم النبي الجديد
لابد وأنه سيقرر في داخل نفسه أن ينضم إلى اليهود في المستقبل
ليس طمعا في الإيمان
لكن طمعا في الأمان من الناس
فقوة الحرب عند يهود
وقوة الاقتصاد عند يهود
فلما ظهر هذا النبي الجديد
وكفر اليهود
كفروا هم كذلك

وهذا الصيّب الذي ينتظرونه هو (مِنَ السَّمَاءِ)
ولأنه من السماء
فلابد أن يكون من إله السماء
إذ لا أحد له القدرة على الإحاطة بأدنى السماء
فكيف بما ينزل منها ؟!

وهذا الصيّب (الدين.. الإسلام.. النبوءة بوجود نبي جديد)
لن يُقدم على طبق من ذهب
لأن الدين فيه تضحيات
وفيه جهاد
وفي ابتلاءات وفتن
وفيه شدة من أعداء الإسلام
لذلك قال (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ)

كما أن الظلمات تأتي أحيانا من تجمع السحاب قبل نزول المطر
فهي تحجب على الإنسان ضوء الشمس
وقد يقع الإنسان في الشبهات قبل دخوله الدين الصحيح
إن لم يكن مسلما بالأصل

أما الرعد والبرق
فالرعد هو صوت البرق
والرعد تستقبله الأذن
والبرق تستقبله العين

وعندما يكون صوت البرق أكبر من قابلية تحمل سمع الأذن
ترى الإنسان يغلق أذنه
ليحافظ عليها من شدة الصوت

فماذا قال الحق سبحانه وتعالى ؟

(يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت)

ويجعلون أصابعهم فيها إشارة
هي أنك إذا أردت أن تغلق أذنك
فيكفي أن تدخل فيها أناملك وليس أصابعك
أو هي الأنملة الأولى من الأصبع

لكن الحق قال (يدخلون أصابعهم) وكأنها مبالغة في الإدخال
وهذا ناجم عن خوفهم من هذا الدين
فهم يريدون الإيمان طمعا في الأمان
وطمعا في الحصول على حقوقهم كمواطنين مسلمين من ضمن الدولة المسلمة
لكن المسلمين قد يحاربون
وعليهم هنا أن يحاربوا معهم
وأن ينفقوا الأموال معهم
وهُنا سيُفضحون
لأنهم يكرهون الموت
ويحبون الشُح

ثم قال (والله محيط بالكافرين)

لأنهم منافقين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر
فهم عند الله كافرين
لأن الله يأخذ بالباطن وليس بالظاهر
ولأنهم يتصورون أنهم يخادعون الله
فهو محيط بهم

وإحاطته بهم هي إحاطة علم
لأنه عليم بخفايا نفوسهم
فيعاملهم بظاهر قولهم في الحياة الدنيا
ثم يعاملهم بخفايا قلوبهم في الآخرة

وإحاطته بهم هي إحاطة قدرة
فهم لايُفلتون منه
أعمارهم بيده
وحياتهم بيده
وهلاكهم في أي لحظة بيده

ثم يقول (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ )

هناك فرق بين الأخذ والخطف والغصب والسرقة والاختلاس

الأخذ: هو أن تأخذ شيئا من أحد بكامل إرادته ورضاه
أما الخطف: فهو أن تأخذ شيئا بسرعة دون أن يكون للمأخوذ منه القدرة على منعك
أما الغصب: فهو أن تأخذ شيئا من أحد بعد علاج وجدال معه
أما السرقة: فهي أن تأخذ شيئا من أحد دون علمه
أما الاختلاس: فهو أن تأخذ شيئا من أحد بعد أن أستأمنك عليه

نعود للآية.. يكاد البرق يخطف أبصارهم
فالبرق في الحقيقة لم يخطف أبصارهم
لكنه كاد أن يفعل ذلك
وهذا تصوير في المبالغة في الشيء
كما في قوله تعالى: يكاد زيتها يضيء

فهم يخافون من سرعة البلاء
ويخافون من حدوث الفتن
ويخافون من أوامر الإنفاق
وهذه جميعها شديدة عليهم

لذلك (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا)
فهم كاذبون
يمشون مع ركب المؤمنين في حال النصر والغنائم والنفعية
ويقعدون مع الخالفين في حال الحروب والإنفاق

ثم يقول (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ)
لأنها بيده
وهو يستطيع أن يفعل بهم ما يشاء
لكنه لم يفعل
لماذا ؟
لأنه يريد لهذه الأسماع والأبصار أن تكون حجة عليهم يوم القيامة

وحين يقول (بسمعهم وأبصارهم)
الباء تدل هنا على المصاحبة
ففي قولك: ذهب السلطان بمال فلان
فإن هذا الفلان قد يأتي بمال من جهة أخرى
لكن حين تقول (ذهب الله بسمعهم وأبصارهم)
فمن ذا الذي يستطيع أن يأتي لهم بسمع وأبصار من جهة أخرى
إذا كان الذي أخذ منهم هو الله ؟!!!

ثم يقول (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
والشيء هو أي أمر في عالم الأجناس
جنس الإنسان .. الحيوان .. النبات .. الجماد .. الجن .. الملائكة ..
ومما لايعلم علمه إلا الله
كما في قوله (ويخلق ما لا تعلمون)

لكن
ما معنى إن الله على كل شيء قدير؟

هناك آية عجيبة ترد علينا هي (إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون)
وحين التأمل بهذه الآية
سنجد الآتي:

هو إذا أراد شيئا
فإنما يقول له .. كن فيكون
و (له) تعود على الشيء
فكيف يقول (له) والشيء غير موجود قبل (كن فيكون) ؟!!!!

وهذا دليل
على أن الأشياء كلها موجودة في علم الغيب الذي لايحيط به إلا الله
غاية ما يحدث
هو أن يقول له اخرج من عالم الغيب
واظهر في عالم الشهادة
فنراه نحن القاصرين العجزة

وقوله: إن الله على كل شيء قدير
فيها رد على الملاحدة والفلاسفة
لأن البعض منهم يقول: إن الله خلق الكون بما فيه ثم تركه يعمل على نوامسيه وقوانينه
وأن الأشياء أخذت طاقتها من نوامسيها بعد ذلك
وهذا الكلام غير صحيح

وهكذا يعلمنا الله
أنه سبحانه لم يخلق كل شيء
ثم انفلت كل شيء من قدرته وعلمه وإحاطته
لا
بل هو لا زال عليهم مسيطر محيط قادر
وكما أوجد أي شيء من عدم
فهو قادر على أن يفني كل شيء بعد عدم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:14 pm

يوسف عمر كتب:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ
فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين)


بعد أن شرح الله لنا صفات المؤمنين
وصفات الكافرين
وصفات المنافقين
أراد أن يعرض لنا منهجه

فقال (يا أيها الناس اعبدوا ربكم)

وحين تسمع (أيها الناس) افهم أن القضية قضية إيمان
لأنه حين يقول (يا أيها الذين آمنوا) فالقضية هنا قضية تكليف
لأن الله لايقول (للناس) صلوا.. صوموا..
بل يدعوهم للإيمان بالعقيدة

وهذا الخطاب
يشمل كل الناس ممن كان متواجدا في عهده (صلى الله عليه وسلم)
وحتى قيام الساعة

(اعبدوا ربكم).. أي لاتخضعوا إلا لربكم
وقال (ربكم) وليس إلهكم .. لأن الرب موجِد ومُربّي
بينما (إلهكم).. أو (اعبدوا الله) تحتاج إيمان بمُكلّف

لكن
لماذا قال (اعبدوا ربكم) ؟

لأن الإنسان (غير المسلم) لابد وأن يسأل نفسه: من أين أتيت ؟!
وماهو أصل الكون ؟
ومن خلق الكون بما فيه ؟
ومن خلق الأجناس جميعها ؟!
وهذه الأسئلة لن يجيب عنا
إلا الرب

لذلك تكملة الآية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

فالإنسان لابد وأن يسأل نفسه هذه الأسئلة
ولن يكتفي بالبحث عن أصله
بل عن أصل من قبله (والذين من قبلكم)
وهي سلسلة الموجودات
ولاتنتهي هذه السلسلة حتى تصل إلى المسبب الأول
الموجِد سبحانه وتعالى..

لكن
ما معنى خلق ؟!

الخلق: هو الإيجاد عن تقدير (حساب)
أي لم يوجد جزافا
مثال على ذلك
تذهب لخياط وتريد منه أن يفصل لك قميصا
سيسألك عن الطول والعرض وهذه قياسات
ومن غير المعقول أن يعطيك قميصا جاهزا
دون أن يعلم مقاسك

وهكذا هو الخلق
فهو إيجاد عن تقدير للموجودات
وليس هذا فحسب
بل هناك تباين في هبات تلك الموجودات
لأنك لو تدبرت الناس من حولك
لوجدت أن هذا مهندسا
وهذا طبيبا
وهذا معلما
وهذا خياطا
وهذا نجارا
وهذا خبازا
وهكذا

وجميع هذه الهبات
تشكل القاعدة للهرم الأساسي في المجتمع
ومتى رأيت مجتمعا مختلا
فاعلم أن الهرم عندهم مقلوب

إذن
اعبدوا ربكم
لأنه أوجدكم
وأوجد من قبلكم
وسيُوجد من بعدكم
فما أحوجك إلى ما عنده
وما أغناه عن ما معك

لكن لماذا نعبده... ؟!

(لعلكم تتقون)

فما هي التقوى ؟!
ولو قرأنا كتاب الله
فتارة نراه يقول (اتقوا الله) .. وتارة يقول (اتقوا النار)
فما هو الفرق ؟!

أولا .. لله صفات جلال .. وصفات جمال
من صفات الجلال: المنتقم.. المهيمن.. الجبار .. ذو البطش.. العزيز.. المميت.. المتكبر.. القهار.. الخ
أما صفات الجمال فهي: الرحمن.. الرحيم.. السلام.. الودود .. الوهاب .. الرزاق .. الفتاح .. العليم.. الخ

فالتقوى: هي أن تجعل بينك وبين صفات (جلال الله) .. وقاية
وأنت بتقوى الله
تتقي اضطراب حياتك
وتتقي تمزق ملكاتك
لأن التقوى تحميك
وتحمي نفسك من التصدع والخلل
وكنتيجة
لايمكن أن تعرف ربك
وتعرف أنه خلقك
وخلق الذين من قبلك
وتريد أن تعبده .. ثم لا تتقيه ؟!

ثم يقول (الَذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا)

لأنه حين خلقك
جعل لك الأرض مكانا للعيش
ولم يخلقك ويتركك هكذا فيها
بل خلق فيها مقومات الحياة قبل أن يخلقك
بل أنه سبحانه قد خلق الأرض من قبل أن يخلق الشمس التي تمدها بالحرارة
كما في قوله

(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا
وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)


ولاحظ أنه قال في الآية (جعل الأرض مهادا)
وليس (خلق الأرض مهادا)
لأن (جعل) تفيد الأمر الفوري: أي كوني مهادا..
بينما (خلق) تحتاج إلى أطوار .. كما في قوله (خلق الإنسان)..

والمهاد.. هو الفراش اللين
فجعلها ممهدة .. مُعدّة للراحة
كما تضع أنت فراشك في العراء ليخفي عنك نتوءات الحصى
فكذلك الأرض
جعلها الله سبحانه وتعالى .. هينة .. لينة .. مسخرة لك ..

وبعد أن طمأنك عن الأرضية التي ستمشي عليها
أراد منك أن تلتفت للسماء
فقال (وَالسَّمَاءَ بِنَاءً )أي جعل السماء بناء (واو العطف)
والبناء.. هو المحكم المتين الخالي من الفطور والتشققات
فطمأنك أن هذا السقف لن يقع عليك
مع أنه مرفوع بغير أعمدة
كما في قوله

(وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)

وليس ذلك فحسب
بل جعلها سقفا محفوظا
تمنع عنك النيازك والشهب واحتراقات المذنبات بإذنه

وبعد أن أشعرك الرحمن بأمان الأرض (المكان من تحتك)
واشعرك بأمان السماء (المكان من فوقك)
زادت طمأنينتك لأنك ستكون آمنا ما بين المكانين
وهنا ستحتاج إلى رزق كي تشحن حاجتك البدنية

فقال (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً )

والماء: هو الرزق المباشر الأول لكل رزق غير مباشر (الإنسان والحيوان والنبات)
وكونه من السماء
دليل على أنه ينزل من أعلى
لأن السماء هي كل ما علاك فأظلّك

ثم قال (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ)
أي أخرج بالماء من الثمرات رزقا لكم
والرزق المقصود هنا .. هو رزق الأبدان
وقد ذكره سبحانه بعد أن انتهى من عرض رزق القيم والإيمان (اعبدوا ربكم)

ثم قال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
معنى الند: هو النظير والشبيه
وكان يجب أن تستخدم عقلك قبل أن تضع ندا لله
فهذه الأنداد لم تخلق
ولم تجعل الأرض فراشا
ولم تجعل السماء بناءا
ولم تنزل من السماء ماءا
ولم ترزق لكم من الثمرات
وأنتم تعلمون كل هذا
فكيف تجعلون لله أندادا ؟!!

ثم أين هذا الند ؟!!
لماذا لم يُسمع له صوت ؟!
لماذا لم يدافع عن نفسه وينسب الخلق له ؟!

النتيجة
إذا ادعى أحد أمرا
ولم يوجد له معارض
فهو صاحب الدعوى حتى يوجد من يعارضه

لكن
من اتخذتموهم اندادا كالشمس على سبيل المثال
فأنتم تعبدونها وتجعلونها ندا
لأنها لاتحرم عليكم ما تريدونه
ولم تُقيد حركتكم
ولأنها بلا منهج
وكما يقول سبحانه

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ )

لأن المؤمنين يعلمون أن الحق سبحانه وتعالى
ما قيد حركتهم إلا حبا لهم
فيحبونه

ولأن الند لايتدخل فيقول لك: لاتشرب الخمر
لا تسرق
لا تزن
لاتقتل
ولهذا الناس تهرب من عبادة الله
لعبادة الأنداد

والمشكلة
أن جميع الناس حتى المنافق منهم
يعلم أن لن يسعفه وينقذه من المصائب
إلا الله
انظر قوله تعالى

(واذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا)

فلماذا دعا هنا ربه ؟
لماذا لم يدعو الند ؟!
لأنه يعلم أن لن ينجيه من الكرب إلا الرب
وقد دعاه منيبا
وكأنه لم يُنب إلى الرب.. إلا الآن
وكأنه كانت هناك أنداد سحبت عبادته إليها قبلا

ثم قال ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين)

فمن يبلغ الناس عن ربهم ؟!
وأنه هو الذي خلقنا وخلق من قبلنا وجعل الأرض مهادا والسماء بناء؟!

لابد من وجود رسول (عبدنا)
وهذا الرسول
هو الذي سيعلمنا أوامر الله
ونواهي الله

وهذا الرسول من هو ؟!

لابد أن يصطفيه الله أولا لكي يبلغ الناس
ولابد أن يهبه المعجزات كي يصدقه الناس
ولابد أن يكون من جنس الناس كي يتحول التطبيق النظري لعملي
لأنه سيكون قدوة
ومعجزته (صلى الله عليه وسلم) هي القرآن الكريم
وهي من جنس ما نبغوا فيه
ولو كانت المعجزة من شيء لايعرفونه
لقالوا لو أننا تعلمناه ما كان ليتفوق علينا
وليس هذا فحسب
بل أن المختار لم يمارس خطبة من قبل
ولم يكتب المعلقات من قبل
ولم يلق الشعر من قبل
فإن حصل ذلك
فاعلموا أنه من عند الله (لاريب) وأنه هو من أنزله

ولأن هذا الرسول
يكون مُعدّا إعدادا لهذه المهمة منذ الطفولة
ومع ذلك كان يتفصّد عرقا
وكان يرتجف
وكان قال: زملوني زملوني

لكن لما ألف (صلى الله عليه وسلم) الوحي
ورأى النتيجة التي حدثت بعد نزول الوحي على المسلمين
واستشعر حلاوة الإيمان
بدأ يشتاق له
وبهذا الاشتياق سيتحمل ثقل الوحي مرة أخرى

إذن
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
فأنتم من سيأتي بالشهود على أن يشهدوا أن هذه المعجزة ليست من صنع البشر
والعجيب أنه قال (كنتم) كفعل في زمن ماضي
ثم قال (فأتوا) كفعل في زمن مستقبل !

فإن كنتم في ريب (شك) من القرآن الكريم
فكيف تشكون في صاحبكم وهو الصادق الأمين ؟!!!

ولأنه (عبدنا)
فلا دخل له فيما يقول
لأنه مأمور

ولو كان محمد (صلى الله عليه وسلم) ساحرا كما تزعمون
فلماذا لم يسحركم فتؤمنوا كما آمن أصحابه ؟!!!

وطالما أنتم في شك أننا أنزلنا هذا القرآن على عبدنا
فأتوا بسورة من مثله
حتى يسقط التحدي
لكن لاعجب
فلم يتقدم أحد
لأن المُتحدي خالق
والمقابل بشر
ممن خلق

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:14 pm

يوسف عمر كتب:
( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا
وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)


بعد أن تحدث الحق سبحانه وتعالى عن الأدلة التي يستند إليها المشككون في القرآن
لأن الآية السالفة تقول (إن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا)
فكأن الريب والشك هنا .. واقع منهم تجاه القرآن
وليس شكا تجاه عبدنا !

لذلك
تحداهم الله في القرآن
وليس ذلك فحسب
بل أتاهم بنتيجة التحدي قبل أن يفعلوا
فقال (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا)
فكأنه حكم عليهم بالفشل
وقت نزول القرآن
وبعد نزول القرآن إلى يوم القيامة
لأن الله لايخفى على علمه شيء

وكلمة (ولم تفعلوا) قد تثير الشك
لأنها مسبوقة بـ (أن) الشرطية
كقولك (إن ذاكرت تنجح)

وهناك أدوات شرط أخرى كـ (إذا)
لكن هذه الأخيرة تعني الحتمية
كقوله (إذا جاء نصر الله والفتح)
لأن معنى ذلك
أن نصر الله آت لا محالة

لذلك
إذا أردت أن تعبر عن شيء سيتتحقق.. تقول (إذا)
وإن كانت هناك نسبة من الشك فيه .. تقول (إن)

والله سبحانه وتعالى يقول (وإن لم تفعلوا) فالفعل هنا فيه نسبة من الشك
لذلك أتى بالحكم الفاصل (ولن تفعلوا)
لأن الشك موجود في داخل أنفسهم
فهم لايريدون أن يؤمنوا
ولذلك يأتون بسبب مفتعل لعدم الإيمان

ثم قال (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)

فلأن هؤلاء الكفار يبحثون عن أعذار كي لايؤمنوا
فلن تكون لهم قدرة ذاتية ليمنعوا عن أنفسهم دخول النار يوم القيامة
كما منعوا أنفسهم من الإيمان في الدنيا

فالله قد أعطاهم ذاتية الاختيار في الدنيا
لكنه لن يعطيهم إياها يوم القيامة
وليس هذا فحسب
بل أن الحجارة والأصنام التي كانوا يعبدونها في الدنيا
ستكون معهم يوم القيامة
فالعابد يرتجي شفاعة المعبود ونفعه وقت الموت
لكن سيكون كل منكم في النار

وهذه النار (أعدت للكافرين)
وكلمة (أعدت) معناها أنها موجودة فعلا
وإن لم نكن نراها

أو كما قال (صلى الله عليه وسلم).. "عرضت علي الجنة ولو شئتم أن أتيكم منها بقطاف لفعلت"

وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى لنا مصير الكافرين
الذين يشككون في القرآن ليتخذوا من ذلك عذرا لعدم الإيمان
أتى الحق بالصورة المقابلة
وهذه الصورة المتقابلة لها تأثير على دفع الإيمان في النفوس
فإذا قرأ الإنسان سورة العذاب ثم أتبعها بسورة النعيم
عرف أنه قد فاز مرتين
فالذي يزحزح عن النار ولايدخلها يكون ذلك فوزا ونعمة
فإذا دخل الجنة تكون نعمة أخرى
لذلك يقول الحق في آية أخرى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)
لأن مجرد أن تزحزح عن النار .. فوز عظيم

والبشرى هنا في هذه الآية
إعلام بخير قادم للمؤمنين
فمن يؤمن بقضية .. سيعمل من أجلها
وكل عمل سلوكي لابد أن يكون له إيمان يعمل كينبوع عقيدي
ولذلك قرن الله آيات كثيرة في القرآن بين الإيمان والعمل الصالح

والله هنا
يبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات
بجنات تجري من تحتها الأنهار
والجنات جمع جنة
والجنات نفسها متنوعة
فهناك جنات الفردوس
وهناك جنات عدن
وجنات نعيم
ودار الخلد
ودار السلام
ودار المأوى
وعليّون التي هي أعلى وأفضل الجنان

وهذه الجنات (تجري من تحتها الأنهار)
رغم أنه يقول أحيانا (تجري تحتها الأنهار)
فما الفرق بين الاثنين ؟!

(تجري تحتها الأنهار) أي أن الماء ينبع من مكان بعيد ثم يجري من تحتها
أما قوله (تجري من تحتها الأنهار) أي أن الماء ينبع من تحتها
حتى لايخاف الإنسان من أن يقطع عليه الماء أحد
فكأنه يملك هذا الماء
وهذا اطمئنان للمؤمنين أن نعيم الجنة باق وخالد

وما دام هناك ماء وخضرة
لابد أن يكون هناك ثمر
لذلك قال (كلما رزقوا من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا به من قبل وأتوا به متشابها)

فثمر الجنة يختلف عن ثمر الدنيا
وأنت في الدنيا تذهب إلى الثمرة وتأتي بها
لكن في الجنة
الثمر هو من يأتي إليك
بمجرد أن تشتهيه تجده في يدك
وستعتقد أن هناك تشابها بين ثمار الجنة وثمار الدنيا
لكن في الحقيقة .. الطعم يختلف.. والرائحة تختلف

ثم يقول (ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون)

الزوجة هي متعة الإنسان في الدنيا إن كانت صالحة
والمنغصة عليه إن كانت غير صالحة
لكنها في الآخرة مطهرة من كل ما يكرهه الزوج فيها
والزوج كذلك في الآخرة مطهر من كل ماتكرهه الزوجة فيه
كما في قوله (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)

(وهم فيها خالدون)
فلا موت في الآخرة
ولن يكون

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:15 pm

يوسف عمر كتب:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا
فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا
يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ
أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)


بعد أن تحدث الحق عن الجنة
وأعطانا مثلا يقرب لنا صور النعيم الهائلة التي سينعم بها المسلم في تلك الدار
أراد أن يوضح لنا المنهج الإيماني الذي يجب أن يسلكه كل مؤمن
وما دام المسلم قد دخل في عقد إيماني مع الله
فيجب عليه أن يقبل منه المنهج الذي سيسير عليه في حياته
دون أن يسأل عن الحكمة من هذا المنهج
وعدم سؤاله ذاك: هو جزء من الإيمان من الغيب

فنحن نتوضأ لأن الله أمرنا بذلك
ولو كان الوضوء نظافة لقمنا بالاستحمام قبل كل صلاة

ونحن نصوم لأن الله أمرنا بذلك
ولو كان الصوم شعورا بالجوع لاستثنى الله الفقير منه

ونحن نصلي لأن الله أمرنا بذلك
ولو كانت الصلاة رياضة لاستبدلناها بالرياضة في الملاعب

تلك هي المقدمة
لآية ( إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها)

لماذا ؟

لأن الكفار استقبلوا هذا المثل بالسخرية
وقالوا كيف يضرب الله مثلا بمخلوق ضعيف يكفي أن تضربه بكفك فيموت؟
ولماذا لم يضرب مثلا بالفيل الذي هو ضخم الجثة ؟
أو بالأسد وهو شديد القوة
فقالوا (ماذا أراد الله بهذا مثلا)

ولم يفطنوا إلى أن هذه البعوضة دقيقة الحجم
إلا أن خلقها معجزة
ففيها كل الأجهزة اللازمة لها في حياتها

ولنشاهد هذا الفديو الموضح قبل اكمال القراءة

http://safeshare.tv/w/uCIjDJEFFt

والله لم يضرب لنا مثلا عن البعوضة فقط
بل عن شيء أصغر منها يعيش فوقها
وتلك من دقة الخلق
لذلك تعجب المؤمنون وسبّحوا ربهم
أما الكافرون فزادوا ضلالا (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يظل به إلا الفاسقين)

فمن هم الفاسقون؟

يقال أولا: فسقت الرطبة
أي بعدت القشرة عن الثمر
وهكذا هو الفاسق
هو المبتعد عن شرع الله
ينسلخ بسهولة ويسر
لأنه غير ملتصق به

فما هي صفات الفاسقين ؟

لقد حددها الله سبحانه في ثلاث صفات

1- ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
2- يقطعون ما أمر الله به أن يوصل
3- يفسدون في الأرض

فما هو عهد الله الذي نقضوه ؟!

إنه الإيمان الأول
الإيمان الفطري الموجود في كل منا
فالله سبحانه وتعالى قد أخذ من جميع البشر عهدا
فوفّى بعضهم ونقضه بعض

(وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم
قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين)


ثم جاءت الغفلة إلى القلوب بمرور الوقت
فنقضوا العهد
وأتخذوا آلهة من دون الله
وإذا كان لا عهد لهم مع خالقهم
فمن باب أولى
أن لا عهد لهم مع الناس

ثم تأتي بعد ذلك الصفة الثانية
فهم يقطعون ما أمر الله به أن يوصل
وهو صلة الرحم

وروابط صلة الرحم
تبتدأ بالأسرة
ثم تتسع لتشمل القرية أو الحي
ثم تتسع لتشمل الدولة والمجتمع
ثم تتسع لتشمل المؤمنين جميعا
لم تتسع لتشمل العالم كله
هذه هي الأخوة الإنسانية التي يريد الله أن يلفتنا إليها

لكن هذه اللفتة
لاتقتصر على الناحية الإنسانية فقط
فالله أمرنا أن نصل الرحم
وجاء هؤلاء وخالفوا وقطعوا هذه الصلة
إذن فالله يسجل لنا ما فعلوه وما خالفوه

ولو رأينا المجتمعات الغربية
فسنلاحظ فيها تفكك الأسرة
وانحراف إلى المخدرات والخمر والزنا وغيرها من الرذائل

جيل ضائع
من الذي أضاعه ؟
عدم صلة الرحم

ونحن لانلوم الشباب فقط
بل نلوم الآباء الذين تركوا أولادهم وأهدروا صلة الرحمن
فشب جيل يعاني من عقد نفسية لاحدود لها

أما الصفة الثالثة.. فهي الإفساد في الأرض
مع أن كل ما في الكون مخلوق على نظام (قدّر فهدى)
أي كل شيء له هدى
ولابد أن يتبعه
لكن الإنسان جاء في مجال الاختيار وأفسد الصلاح

ومن رحمة الله أنه جعل في كونه خلقا يعمل مقهورا
ليضبط حركة الكون الأعلى
فالشمس والنجوم والأرض وكل الكون
ما عدا الإنس والجن
يسير في نظام دقيق

لماذا ؟

لأنه يسير بلا اختيار له
رغم أن الله له صفة القهر
وهو يستطيع أن يخلقنا مقهورين
لكنه أعطانا الاختيار حتى نأتيه عن حب
وليس عن قهر

فأنت تحب الشهوات
لكن حبك لله يجب أن يكون أكثر
فتقيد نفسك بمنهج الله
إذن فالاختيار لم يعط لنا لنفسد في الأرض
ولكنه أعطي لنا
لنأتي الله سبحانه طائعين ولسنا مقهورين

والفساد في الأرض
أن تخرج الشيء عن حد اعتداله
فالأشياء خلقها الله صالحة
فلا أنت تركتها تعمل على صلاحها
ولا أنت تركتها دون أن تفسدها بتغيير اتجاهها

وأول مظاهر الفساد
أن يوكل الامر إلى غير أهله
كما يقول (صلى الله عليه وسلم).. "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"

فالذي يجيد النفاق هو الذي يصل اليوم للدرجات العلى
والذي يتقن عمله لايصل إلى شيء
فيقوم المنافقين الجهلة بتسيير الأمور بدون علم
فيضيع الحق
وتضيع القيم
ويصبح المجتمع غابة

والفساد في الأرض
هو أن نجعل عقولنا هي الحاكمة
فلا ميزان
فنقطع الأشجار
ونرمي مخلفات المصانع في الأنهار فنفسدها
ونرش بالكيمياويات على الزرع فنلمؤه سما
وينتشر الظلم
وتضيع الأمانة
وتفسد المعاملات بين الناس
وتضيع الحقوق

فماذا يكون وصف هؤلاء .. (أولئك هم الخاسرون)

خسروا ماذا ؟
خسروا دنياهم وآخرتهم وأنفسهم
لأن الإنسان له حياتان
وعمر الإنسان قد يكون يوما أو شهرا أو عاما
والحياة الدنيا مهما طالت فهي قصيرة
فالذي يبيع آخرته بدنياه لابد أن يكون خاسرا

وهكذا
خسر الإنسان كل الصفقة
ونتيجتها ليس خسرانا عاديا
أو موقوتا
أو معوضا في صفقة قادمة
بل هو خسران أبدي
فهناك خاسر
وهناك أخسر

والعجيب أننا نرى الناس يعدون للحياة الدنيا اعدادا قويا
يرسلون أولادهم لمدارس لغات
ويتحملون في ذلك ما لا يطيقون من المال
وهم في ذلك يعدونهم لمستقبل مظنون وليس يقينا
لأن الإنسان ممكن أن يموت وهو شاب
فيضيع كل ما أنفقوه من أجله
ولا أحد يلتفت للآخرة
أو يعلم أولاده على الصلاة
وعلى عبادة الله
وعلى الأمانة
وعلى كل ما يقربهم إلى الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:15 pm

يوسف عمر كتب:
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)


كيف في اللغة.. هي للسؤال عن الحال
والحق سبحانه وتعالى أوردها هنا ليس بغرض الاستفهام
لكن لطلب تفسير امر عجيب ما كان يجب أن يحدث

لأن الحق قد بين لكم في آيات سابقة
دلائل على وجوده ووجود آثار نعمته
فكيف بعد كل تلك الأدلة الواضحة
تكفرون بالله ؟!
وهنا
انتقل الكلام إلى أصل الحياة والموت
فبعد أن بين الله سبحانه ماذا يفعل الكافرون والمنافقون والفاسقون من إفساد في الأرض
وقطع لما أمر الله به أن يوصل
صعد الجدل إلى حديث عن الحياة والموت
لأن قضية (كنتم أمواتا فأحياكم) هي قضية لاتحتمل الجدل
ولايمكن لأحد أن يجادل فيها

فالله سبحانه وتعالى خلقنا من عدم
ولم يدع أحد من الناس قط
أنه خلق الناس
أو خلق نفسه

وحتى عندما جاء المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
وقال للناس: إن الذي خلقكم هو الله
لم يستطع أحد أن يكذبه
ولن يستطيع
لأننا كنا فعلا غير موجودين في الدنيا
والله هو الذي أوجدنا وأعطانا الحياة

وإن كان الله هو من أحيانا من عدم
فلاشك أنه هو من سيميتنا
فلا أحد لديه شك أنه لن يموت
لأن الموت مقدر على الناس جميعا

بمعنى
أن الخلق من عدم واقع بالدليل
أما الموت فواقع بالحس  والمشاهدة
لأننا لم نكن موجودين وقت الخلق
لكننا نرى الموت
فإن كنا آمنا بالثانية
فمن باب أولى أن نؤمن بالأولى

وقضية الموت هي سبيلنا لمواجهة أي ملحد
لأنه لو قال إن العقل كاف لإدارة الحياة
وأنه لايوجد شيء أسمه غيب
فليمنع عن نفسه الموت إن استطاع !

إذن
كيف تكفرون بالله
أي تسترون وجود الله
وكنتم أمواتا في العدم
فأحياكم وأظهركم إلى الوجود
ثم يميتكم عند انتهاء آجالكم
ثم يحييكم مرة أخرى بالبعث
ثم إليه تُرجعون

فما معنى إليه ترجعون ؟!

لأن أمنية الكافر والمسرف على نفسه
ألا يكون هناك بعث أو حساب
كما في الآية (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر)
ونسوا
أن البعث أهون على الله من الخلق من عدم
فإيجاد ما كان موجودا
أسهل من إيجاد شيء غير موجود

(وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم
قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم)


وإذا كان الناس متعجبون من البعث

(لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس
ولكن أكثر الناس لايعلمون)


إذن
(ثم إليه تُرجعون)
هو اطمئنان لمن آمن
وما دمنا إليه نرجع ومنه بدأنا
فالحياة بدايتها من الله
ونهايتها إلى الله
فلنجعلها هي نفسها لله

والحق سبحانه وتعالى
لم يخف الموت عنا زمانا ومكانا وسببا وعمرا
إلا لكي نتوقعه كل لحظة
كي يبقى الناس مسرعين بالعمل الصالح
وإلى المثوبة
فلا الصغير آمن على عمره
ولا الشاب آمن على عمره
ولا الكهل آمن على عمره
ولا المريض ولا الصحيح

لذلك
(إليه ترجعون) تُقرأ قرائتين
مرة بضم التاء.. وتعني أننا مجبرون على الرجوع إلى الله كالكفار
ومرة بفتح التاء.. وتعني أننا نتمنى الرجوع إلى الله كالمؤمنين

ثم يذكرنا الله سبحانه وتعالى (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا)
وقد جاءت هذه الآية بعد آية الحياة والموت والبعث
لتلفتنا إلى أن ما في الأرض كله
مُلك لله

والحق حينما خلقنا
فهو قد خلق أسباب ومقومات الحياة قبل أن يخلقنا
بمعنى
أن على الإنسان أن ينتبه
أن هذه النعم التي هي في الدنيا إنما هي مسخرة له
وأن هذا التسخير ليس بقدرات أحد
ولكن بقدرة الله سبحانه وتعالى
ساعة يموت
تنتهي علاقته بتلك النعم
فالإنسان عاجز عن أن يخضع حيوانا إلا بتذليل الله له
لذلك قوله (خلق لكم ما في الأرض جميعا)
يستوعب كل أجناس الأرض
النبات والحيوان والجماد وما غير ذلك مما خلق الله

فكل شيء قد خلقه الله للإنسان من مقومات
أودعها في الأرض
والإنسان بما يكشف الله له من علم
يستطيع البحث واكتشاف تلك العناصر
لكنه لايستطيع خلقها ولا إيجادها

ثم يقول الحق (واستوى إلى السماء)
وحين يقول (استوى)
يجب أن نفهم كل شيء متعلق بذات الله
على أنه سبحانه ليس كمثله شيء
فالله استوى والملوك تستوي على عروشها
وأنت تستوي على كرسيك
لكن لأننا محكومون بقضية (ليس كمثله شيء)
فلابد أن نعرف أن استواء الله ليس كمثله شيء

فالله حي وأنت حي فهل حياته كحياتك ؟
والله يعلم وأنت تعلم فهل علمه كعلمك ؟
والله يقدر وأنت تقدر فهل قدرته كقدرتك ؟
أكيد لا..

والله سبحانه وتعالى
بعد أن خلق الأرض
ثم خلق السماء
ثم سواهن سبع سموات
واستتب له الأمر
قال (وهو بكل شيء عليم)
أي لاتغيب ذرة من ملكه عن علمه
فهو عليم بكل ذرات الأرض
وكل ذرات الكون
والكون كله لايفعل إلا بإذنه ومراده

(يا بُني إنها إن تك مثقال حبة من خردل
فتكن في صخرة
أو في السموات
أو في الأرض
يأت بها الله
إن الله لطيف خبير)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:16 pm

يوسف عمر كتب:
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُون)


حينما يخبرنا الله قصة فهناك سببين
الأول.. لابد أن تلك القصة قد حدثت كما يقصها الله علينا
لأن الله أصدق القائلين
والثاني هو لتثبيته (صلى الله عليه وسلم)
لأن الأحداث التي مرت بها الدعوة ومر بها (صلى الله عليه وسلم)
لابد لها من تثبيت بين الحين والآخر

وقد تكون القصة المذكورة
جوابا عن سؤال
طُلب منه (صلى الله عليه وسلم) أن يجيب عنه
فتأتي القصة كاملة لاتكرار فيها
كما في قصة يوسف (عليه السلام)
وكما في قصة أهل الكهف

وحين نتكلم عن قصة آدم عليه السلام في القرآن
فهي قد كُررت في أكثر من موضع
وعلينا أن نجمع أجزاء قصة آدم في القرآن في بودقة واحدة
حتى تكتمل عندنا صورة القصة ومشاهدها

يقول الحق هنا (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)

وهنا لفتة لطيفة نود أن نذكرها
هو أن الحق هو من عرفنا باسمه (الله)
لأن الاسم لايمكن الاستدلال عليه بالعقل
بل بالتعريف

فلماذا قال (ربك) ولم يقل (الله) ؟!

لأن المسألة تتحدث عن خلق وتكوين وتعليم..
فلابد من ذكر الرب..

أما الملائكة فهم غيب
وهم خلق من خلق الله
وعلينا الإيمان بهذا الخلق وإن لم نره

(إني جاعل في الأرض خليفة)..
هناك فرق بين الإعلام وبين الاستشارة
والآية تدل على الإعلام قطعا
وهذا الإعلام لايعني أنه سبحانه قال لجميع الملائكة
بل للذين لهم علاقة ببني آدم
منهم الحفظة ومنهم المدبرات ومنهم المعقبات ... ووو

والعجيب أن الملائكة لم تسأله عن الأرض
ولم تسأله عن الخليفة
وهذا معناه أن الأرض كانت موجودة قبل خلق آدم عليه السلام

فقالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
فهل قاسوا ذلك الخبر بما كان على الأرض من فساد ؟!
لأن خليفة: تعني إما أن يخلف خلفا سبقوه
أو أن هناك مظالم فتحتاج خليفة لإقامة العدل
أو خليفة للجن لأنهم مخلوقون أولا
أو أن هناك خليفة سيطغى حين يظن أنه مالك الأسباب فيطغى

خاصة (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)

والتسبيح هو التنزيه عما لايليق
والتقديس هو التطهير
والتسبيح والتنزيه لايكونان إلا للكمال المطلق
فالملائكة يسبحون الله وينزهون ذاته فلا تُشبّه بذات
وصفاته فلا تُشبه بصفات
وأفعاله فلا تشبّه بأفعال

لكن ما معنى (بحمدك) ؟

معناها أن تسبيحنا لك يا الله هو نعمة
فكأنهم يقولون لك الحمد على أن أنعمت علينا بنعمة التسبيح لك

فقال الحق (إاني أعلم ما لا تعلمون)
وكأنه يرد عليهم فيقول
أنتم حكمتم على مدى علمكم
وأنا خلقت على موجب علمي
ولا اعتراض من علم مخلوق على علم خالق
لأني أريد أن أثبت أن لقدرتي طلاقة
فأجعل الأدنى في التكوين من الطين
ثم أعلمه أنا ما لايعلم

وبعد أن خلق الحق سبحانه .. آدم (عليه السلام)
علمه من الأسماء
وقيل إن تلك الأسماء هي أساسيات الأشياء من حوله
أو هي أسماء الأفعال
أو هي غير ذلك
لأن اللغة محاكاة وليس جنسا
فاللغة هي ما تسمعه وليس ما تتعلمه

وعلم الحق آدم من الأسماء (كلها)
وكلمة (كلها) تفيد الإحاطة
أي معرفة كل شيء عن تلك الأسماء

فلما عرضهم على الملائكة
وطلب منهم الحق أن ينبأوه بأسماء تلك الأشياء
وقال (إن كنتم صادقين)
إن كنتم صادقين في دعواكم الأولى كيف تخلق خلقا يفسد في الأرض
أو إن كنتم صادقين بما يدور في صدوركم
بدليل أن الملائكة لم تتعرف عليها بينما عرفها آدم وحده

والعجيب
أن الطريقة التي علم الله بها آدم
هي نفس الطريقة التي يعلم الآباء بها أولادهم
فتقول لولدك: هذا كوب.. هذه سيارة.. هذه شمس.. هذا قمر ..
وبعد أن يتعلم المسميات
يستطيع أن يتعلم الأفعال ويتقدم في التعليم

وهكذا
علم الله سبحانه آدم الأسماء كلها
ثم عرضهم على الملائكة
ثم كرّم سبحانه آدم فقال لهم انبئهم بأسمائهم
فكأنه جعل آدم هو الذي يعلمهم

فلما تكلم آدم عليه السلام
قالوا: سبحانك لاعلم لنا إنك أنت العليم الحكيم

وكما يقول الشاعر:

سبحانك اللهم خير معلم – علمت بالقلم القرون الأولى
أرسلت بالتوراة موسى مرشدا – وابن البتول فعلم الإنجيلا
وفجرت ينبوع الحنان محمدا – فسقى الحديث وناول التنزيلا


فاعترفت الملائكة بأن العلم مرجعه إلى الله
والله هو مصدر العلم والحكمة
لذلك قالوا (العليم الحكيم)
فهو العليم الذي يعلم كل شيء خافيا وظاهرا
والحكيم الذي ما خلق شيء ولا قدّر شيء إلا لهدف متقن

ثم قال الحق (يا آدم أنبئهم بأسمائهم )
فلما علمهم آدم بما أخفي عنهم

قال الحق (ألم أقل لكم أني أعلم غيب السموات والأرض)
والغيب المقصود هنا هو الغيب المطلق
وهو الغيب الذي ليس له مقدمات تنبيء عما سيحدث
وهو غيب قد يفاجئك
ويفاجيء كل من حولك
ولايعلمه إلا الله

ثم قال (وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون)
هنا وقفة
فلعل الملائكة قالت (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) في صدورهم خفية
ولم ينطقوا بها
أو لعل هناك كلام آخر قالوه وكتموه حياء من الله
وفي كلا الحالتين
فعلم الله واحد
وهو محيط بكل شيء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:16 pm

يوسف عمر كتب:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ
فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ
وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا
وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)


أصدر الله تعالى أمره للملائكة ليسجدوا لآدم
والسجود هنا ليس سجود عبودية بل سجود طاعة
وليست عبادة لآدم بل تنفيذا لأمر الله
لأن الآمر هو الله وليس آدم

لكن
هل سجد كل الملائكة لآدم ؟!

لا ..
بل سجد من سيكون لهم مهمة معه
وتلك المهمة أوضحها الله تعالى في قوله (وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون)
وقوله (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
وقوله (فالمدبرات أمرا)


وهذا معناه أن أمر السجود لم يشمل العالين من الملائكة
من حملة العرش وحراس السماء وغيرهم
ممن ليس لهم مهمة مع الإنسان
والدليل قوله تعالى لإبليس حين رفض طاعة الأمر
(قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين)

وإبليس لم يسجد لأنه اغتر بنفسه
ولم يسجد لأنه مخير
فالملائكة مجبولون على الطاعة

وبعد ذلك
كان على آدم أن يمارس مهمته في الأرض (إني جاعل في الأرض خليفة)
وليس من رحمة الله وعدالته
أن يأمره بالذهاب إلى الأرض دون تعليم
لذلك
أدخله سبحانه جنة تجريبية
جنة لتطبيق تجربة المنهج

والحق سبحانه وتعالى
قد أطلق لفظ (جنة) على بساتين الدنيا أيضا
فقال
(واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب.. )
(إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة)
(لقد كان لسبأ في مسكنهم آية .. جنتان عن يمين وشمال)


وبالتالي
فجنة آدم هذه ليس شرطا أن تكون جنة النعيم التي يدخلها المسلمون في الآخرة
فتلك الجنة من يدخلها كان حقا على الله أن يخلده فيها
ولو دخلها آدم لما خرج منها

ثم
دخل آدم وحواء تلك الجنة (أسكن أنت وزوجك الجنة)
والسكن هو المكان الذي يرتاح فيه الإنسان ويرجع إليه دائما

ثم قال لهما الحق (وكلا منها رغدا حيث شئتما) .. أي افعل
وقال (ولاتقربا هذه الشجرة) .. أي لاتفعل
وهذا أول منهج يعلم الإنسان الطاعة لله سبحانه وتعالى
والامتناع عما نهى عنه

وهكذا
فإن الحق قد ضمن لآدم الحياة
وليست الحياة فقط
ولكن رغدا
أي مباحا بلا تعب
وعن سعة وبدون مشقة

فالمباح كثير والممنوع قليل
فكل ما في الجنة من الطعام والشراب مباح لآدم
ولاقيد إلا على شيء واحد
شجرة واحدة من بين ألوف الأشجار !

وكان ممكن أن يقول الحق (يا آدم اسكن وزوجك الجنة)
لكنه قال (اسكن أنت وزوجك)
و (أنت) ضمير أتى ليفصل بين أسكن وبين زوجك
حتى لايعطف الاسم على الفعل

كما لم يأت بتاء التأنيث (زوجتك)
لأن الأمر التكليفي من الله واحد للذكر والأنثى
كما في قوله (ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن)

ومن العوامل الأخرى التي تؤكد
أن هذه الجنة ليست جنة الآخرة
لأن فيها تكليف (لاتقربا هذه الشجرة)
فجنة الآخرة لاتكليف فيها

وهذا النهي عن هذه الشجرة
يفيد أن حتى الاقتراب عن مكانها.. ممنوع
فالحق سبحانه وتعالى لايريد لآدم وحواء أن يقعا في غواية المعصية
فلو أنه قال (لاتأكلا من الشجرة) لكان من الأمكن أن يقتربا منها
فتجذبهما بجمال منظرها وألوانها ورائحتها العطرة
فتمتد أيديهما تحت هذا الاغراء إليها ويأكلا منها

لذلك قال (صلى الله عليه وسلم)
في حديث رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير

"إن الحلال بين والحرام بين
وبينهن أمور متشابهات
لايعلمهن كثير من الناس
فمن أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام
كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يوقع فيه
إلا وإن لكل ملك حمى
ألا وإن حمى الله محارمه"


والحق لايريد لهما أن يأكلا من الشجرة
كي لاتتحقق فيهما (فتكونا من الظالمين)
والظلم هو الجور
والتعدي على حقوق الغير
والظالم هو من أخذ فوق ما يستحقه بغير حق

لكن
كيف يظلم الإنسان نفسه ؟

يحدث ذلك حينما يريد أن يعطيها كل ما تشتهيه
فهناك من يبيع دنياه بآخرته
وهناك من يبيع دينه بدنيا غيره
فهو يظلم نفسه بمعصية الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:17 pm

يوسف عمر كتب:
( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ
وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)


إن عمل الشيطان هنا
كان يجب أن يتنبه له آدم
لأن الله حذره وقال له إن هذا عدو لك ولزوجك
وحتى لو لم يحذره الله
فكان على آدم أن لايصدقه لأنه قال أنا خير منه

والأمر الثاني الذي كان على آدم (عليه السلام) ملاحظته
إن قول إبليس: هل أدلك على شجرة الخلد ومُلك لايُبلى
يتناقض مع طلب إبليس الإنظار من الله
لأنه لو كان خالدا لما طلب

والأمر الثالث
إن آدم لم يحتاج لرسول كي يسمع أوامر الله كحالنا نحن البشر
بل أتاه الأمر مباشرة من الله سبحانه وتعالى
فكيف ينسى آدم كلام ربه ؟!

ولو ننتبه في القرآن الكريم
تارة يقول (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما)
وتارة أخرى يقول (وعصى آدم ربه فغوى)

فهل النسيان يعتبر من المعصيبة ؟!

في الحقيقة
كان النسيان يعتبر من المعاصي في الأمم السابقة
فكانت تؤخذ على أخطائنا
وتحاسب على جميع أفعالها
دون أن يكون مبرر الجهل أو النسيان شفيعا لهم
أو سببا في التجاوز عنهم
لكن
رفع الله هذه الأغلال عن أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)
رحمة من الله بهم
كما بين الله سبحانه وتعالى في كتابه

(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به )


وقوله (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما )

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه )
حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي وغيرهما

نعود لقصة آدم (عليه السلام)
فهل نسيان آدم كان يعتبر معصية ؟!

أننا لو فكرنا في بداية الأمر الرباني
الذي كان (لاتقربا هذه الشجرة)
وأمرا آخر يقول: وكلا من الجنة حيث شئتم رغدا

ولرب قائل يقول: ربما كان ذهن آدم منشغل بأشياء كثيرة .. فنسي
والجواب على ذلك
أن كل ما في الجنة كان مُباحا عدا هذه الشجرة
والمجاهدة توجد حيث توجد النواهي
وليس في الأوامر إلا نهي واحد فكيف نسي آدم ؟!

إذن
الأمر الرباني كان لاتقترب من هذه الشجرة .. وهذه نساها آدم
أما أكله من الشجرة .. فتلك معصية آدم

ومن عجائب القرآن
إن إبليس لما رفض السجود قال عنه الله (إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين)
ولما نهى الله آدم عن الشجرة قال (ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)
مع أن كلاهما قد عصى إبليس (الجن) و آدم (الإنس)
فلماذا أتت (الكافرين) مع الأول و (الظالمين) مع الثاني؟!

الجواب
هو أن إبليس خالف الطاعة – فكان كافرا !
بينما آدم خالف النهي - فكان ظالما !

لماذا ؟

لأن آدم كان مؤمنا بالأمر .. لكنه عصى .. فظلم نفسه
أما إبليس فلم يؤمن بالأمر .. بل ردّ الحكم على الله .. فكفر !

ولما انتهت دورة التدريب
طلب الله من آدم (عليه السلام) أن يهبط إلى الأرض
مع منهج أفعل
ومنهج لاتفعل
وأن الشيطان عدو لك
وإن وقع منك ذنب فباب التوبة مفتوح

وقوله (اهبطوا) ليس بالضرورة أن يكون من أعلى لأدنى
كما في قوله (وقلنا يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك)
إذن الهبوط هو تغيير من حال إلى حال

وفي قصة آدم
تارة يقول اهبطا
وتارة يقول اهبطوا
وتارة يقول اهبطوا جميعا بعضكم لبعض عدو

الأمر (اهبطا) موجه إلى آدم وزوجه
أما (اهبطوا) فهو موجه إلى آدم ونسله إلى يوم القيامة في شخص آدم
لأن البشرية جميعها مطمورة في ظهر آدم

بعضكم لبعض عدو: قد تكون العداوة بين أفراد الإنسان
علما أن العداوة هي التي تورث الطموح بين الأمم
لأن الجميع يريد التنافس على البقاء في الصدراة

والعداوة هنا
لابد أن تنشأ في جانب إيجابي لطرف
وفي جانب سلبي لطرف آخر

ولكم في الأرض مستقر ومتاع (وضع معين) إلى حين
و(حين) هنا: هو الزمن المبهم هنا
فكأن تلك الآية جاءت حتى تُفهم آدم
أنك لن تعيش في الأسباب إلى الأبد
بل حتى زمن معين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:18 pm

يوسف عمر كتب:
(فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)


نزل آدم وحواء على الأرض ليمارسا مهمتهما في الكون
وقبل أن يبدأ هذه المهمة
جعلهما الله سبحانه يمران بتجربة عملية بالنسبة لتطبيق المنهج
وبالنسبة لإغواء الشيطان
وحذرهما بأن الشيطان عدو لهما

لذلك
كان لابد بعد أن وقعت المعصية
أن يشرع الله تعالى التوبة رحمة بعباده
لأن تشريع التوبة ليس رحمة بالعاصي وحده.. بل بكل المجتمع

فالإنسان إذا عصى وعرف أنه لاتوبة له
وأنه محكوم عليه بالخلود في النار
يتمادى في إجرامه
فلا أمل بالنجاة من النار
ولا أمل بالغفران أبدا

فمن الذي سيعاني في هذه الحالة ؟

إنه المجتمع الذي يعيش فيه ذلك العاصي
وسيكون المؤمنون أكثر الناس معاناة لأنهم أهل خير وتسامح
ولأن الله سبحانه وتعالى أمرهم بالعفو والصفح

إذن
تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه

وهنا نطرح سؤالا
أ توجد خطيئة لآدم بعد توبة الله عليه ؟!!

الجواب: لا

فكيف يقول بعض الناس .. لولا خطيئة آدم لما خرجنا من الجنة !
فنزول آدم كان قضاء وقدرا
تحقيقا لآية (إني جاعل في الأرض خليفة)
لكن خطيئة آدم وتوبته أتت لتعلمه درسا في الرجوع إلى الله وقت المعصية
لأن الشيطان سيجري من الإنسان مجرى الدم..

والفرق بين آدم وبين الشيطان
أن آدم اعترف بذنبه
واعترف بضعفه
واعترف بأن المنهج حق
وطلب التوبة من الله فتاب الله عليه

لكن إبليس رد الأمر على الآمر
وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقتني من طين
وقال لأقعدن لهم صراطك المستقيم
وقال فبعزتك لأغوينهم أجمعين
وقال لأحتنكن ذريته إلا قليلا
فإبليس لم يعترف بالذنب
ولم يقل يارب غلبني ضعفي
وهذا كفر بالله

وأنت
إياك أن ترد الأمر على الله سبحانه وتعالى
وإذا كنت لاتصلي فلا تقل وما فائدة الصلاة
وإذا كنت لاتزكي فلا تقل الزكاة ظلم للقادرين
وإذا كنت لاتطبق شرع الله فلا تقل أن شريعته لاتناسب العصر الحديث
لكن قل يارب أن فرض الصلاة حق
وفرض الزكاة حق
وتطبيق الشريعة حق
لكنني لا أقدر على نفسي
فارحم ضعفي يارب العالمين
وهنا ستكون عاصيا
وخير لك أن تكون عاصيا من أن تكون كافرا !

فذنب آدم لم يكن من ذنوب الاستكبار
لكن من ذنوب الغفلة
لأن آدم عندما عصى حدث له انكسار

ولقد علم الله آدم كلمات فتاب عليه
قد تكون كما في الآية (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
وقد تكون دعاء آخر الله أعلم

لكن لو نظرنا إلى تعليم الله لآدم كلمات ليتوب عليه
لوجدنا أن مبدأ مهما في حياة المجتمع
لأن الله سبحانه وتعالى خلقنا مختارين ولم يخلقنا مقهورين
القهر يثبت صفة القدرة لله
وهو سبحانه يريد منا أن نأتيه عن حب وليس عن قهر
لذلك جعل لنا طاقة تستطيع أن تعصي وأن تطيع

فالله لم يخلق بشرا يختارون الخير على الدوام
وبشرا يختارون الشر في كل وقت
فهناك من الخيرين من يقع في الشر مرة
وهناك من الشريرين من يعمل الخير مرة

والإنسان ينسى ويسهو أحيانا
ويعصي أحيانا أخرى
وما دام العبد معرضا للخطيئة
فالله سبحانه وتعالى شرع التوبة
حتى لاييأس العبد من رحمة الله
ويتوب فيرجع إلى الله

ثم قال في نهاية الأية الأولى (إنه هو التواب الرحيم)
وكلمة (تواب) تدل على أن الحق سبحانه وتعالى لايأخذ عباده بذنب واحد
فحتى لو تاب العبد عن ذنب واحد فهناك عباد آخرين يحتاجون توبة
و (توّاب) على وزن فعّال وهي من صيغ المبالغة
أي كثير التوبة
فهو سبحانه كثير التوبة على العبد الواحد
وهو كثير التوبة بعدد من يتوب إليه من بني آدم

والحق هنا تواب رحيم
فهو يتوب على البعد
ثم يرحمه فيمحو عنه ذنوبه

ثم يقول الحق (قلنا اهبطوا منها جميعا)
والهبوط هنا جاء بصيغة الجمع
وقد يكون المعنى لأننا جميعا مطمورين في ظهر آدم

ثم (فأما يأتينكم مني هدى)
فالله هنا يدلهما على الخير
والهدى له معنيان كما شرحنا في مشاركات سابقة
فأما هو هدى الدلالة .. وأما هو هدى المعونة..

فمن تبع هدى الله (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)

فما هو الخوف .. وما هو الحزن ؟

الخوف: هو أن تتوقع شرا مقبلا عليك لا قدرة لك على دفعه
والحزن: هو أن يفوتك شيء تحبه وتتمناه

فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية
من مشى في طريق الإيمان الذي دللته عليه
وأنزلته في منهجي
فلا خوف عليهم
فلا شر سيأتيهم ولا خير سيفوتهم فيحزنوا عليه
لأن كل الخير في منهج الله
فالذي يتبع المنهج لايخاف حدوث شيء أبدا

لأن الإنسان المستقيم لايعيش الخوف
فالخوف أمران
أما ذنب أنت سبب فيه
وأما أمر لادخل لك فيه

فالذي يتبع هدى الله
لايخاف ولا يحزن
لأنه لم يخرق قانونا
ولم يغش بشرا
ولم يخفي جريمة
ولو قابله حدث مفاجيء فقلبه مطمئن

ولاهم يحزنون: لأن الذي يعيش طائعا لمنهج الله
ليس هناك شيء يجعله يحزن
فإرادته تخضع لإرادة خالقه
وكل ما يحدث من الله هو خير له
ترى ملكاته منسجمة مع نفسه
والكون لايسمع منه إلا التسبيح والطاعة والصلاة
وكلها رحمة
فهو في سلام مع نفسه ومع ربه ومع المجتمع

والحق سبحانه وتعالى لايريدك أن تستقبل الأحداث بالحزن وحده
لكن بالحزن مع الإيمان
فالله لايمنعك أن تحزن
لكن عليك ألا تفصل الحدث عن مجريه وحكمته فيه..

ثم يقول (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

فهولاء هم الصورة المقابلة
وهم يحاولون ستر وجود الله (كفروا)
ثم يكذبون بآيات الله
والآيات هي الشيء العجيب اللافت
فهناك آيات كونية كالشمس والقمر والنجوم والأرض ...
وهناك آيات كمعجزات يهبها الله للرسل والأنبياء للتثبيت وكعلامة على صدقهم

فالذين كذبوا بآيات الله هم الكافرون
وهم المشركون
وهم الذين يرفضون الإسلام
ويحاربون الدين
هؤلاء جميعهم حدد الله لنا مصيرهم

لكن
هل التكذيب هو عدم قدرة على الفهم ؟

لا
لأن التكذيب أحيانا يكون متعمدا
مثلما حدث لآل فرعون عندما أصابهم الله بآفات وأمراض
ورغم يقينهم بآيات الله
لم يعترفوا بها
بل جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا

إذن ماذا سيحدث لهؤلاء ؟

سيكونون أصحاب النار
والصاحب هو الذي يألف صاحبه
ويحب أن يجلس معه
ويقضي أجمل أوقاته
وهذا دليل على عشق النار لهم
فهي تفرح بهم عندما يدخلونها
كما يفرح الصديق بصديقه
ولاتريد أن تفارقهم أبدا

وليس ذلك فحسب
بل هم فيها خالدون
فلا موت
ولا نهاية للألم والعذاب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:18 pm

يوسف عمر كتب:
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)

بعد أن قص الله علينا قصة الخلق وكيف بدأت بآدم
وعداوة إبليس لآدم وسببها
فأراد الحق أن يعرض علينا موكب الرسالات
وكيف استقبل بنو آدم المنهج بالكفر والعصيان
فاختار الله قصة بني إسرائيل لأنها أكثر القصص معجزات
وأنبياء بني إسرائيل من أكثر الأنبياء الذين أرسلوا لأمة واحدة
وليس معنى هذا أنهم مفضلون
لكن لأنهم كانوا أكثر الأمم عصيانا وآثاما
فكلما خرجوا من معجزة انحرفوا
فتأتيهم معجزة أخرى
فينحرفون
فحكم الله عليهم أن يتفرقوا في الأرض
ثم يتجمعوا مرة أخرى في مكان واحد
ليذوقوا العذاب والنكال جزاء لهم على معصيتهم وكفرهم
ولذلك
أخذت قصة بني إسرائيل ذلك الحجم الضخم في كتاب الله
وفي تثبيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

والحق حين ينادي البشر يقول يا بني آدم
كما في قوله (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)
فهو يريد أن يذكرنا بنعمة الله علينا منذ بداية الخلق
لأن هذه النعم تخص آدم وذريته
فالله تعالى خلق آدم بيديه
وأمر الملائكة أن تسجد له
وأعد له كونا مليئا بكل ما يضمن استمرار حياته
ليس بالضروريات فقط
بل حتى بالكماليات
ثم دربه الحق سبحانه على ما سيتعرض له من إغواء الشيطان
وأفهمه أن الشيطان عدو له
ثم علمه كلمات التوبة ليتوب عليه
وأمده بنم لا تعد ولا تحصى

لكن هنا قال الحق (يا بني إسرائيل)
قيل إن إسرائيل أتت من (أسر) وتعني عبد أو مصطفى أو مختار
و (إيل) وتعني الله في العبرانية فيكون معنى الكلمة صفوة الله
وقال بعض العلماء أن إسرائيل هو يعقوب (عليه السلام)

وعندما ينادي الله قوم موسى (عليه السلام) بـ يا بني إسرائيل
فإنه يريد أن يذكرهم بمنزلة إسرائيل عند الله
وبما واجهه من بلاء
وما تحمله في حياته
الذي كان حريصا أشد الحرص على وحدانية خالقه وربه سبحانه
كما في وصيته عند الموت

(أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت
إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي
قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا
ونحن له مسلمون)


ولقد جاءت الوصية حين حضر يعقوب الموت
وساعة الموت يكون الإنسان  صادقا مع نفسه
وصادقا مع ربه
وصادقا مع ذريته

فكأنه سبحانه حين يقول (يا بني إسرائيل)
يريد أن يذكرهم الأبناء بفضل الآباء لعلهم يتعظون
أو يخجلون من المعصية
فهم أبناء الرجل الصالح
ولايصح أن يرتكبوا ما يُغضب الله

ولو تلاحظون
أن الحق حينما يريد تذكير بني إسرائيل يقول (أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم)
لكن حين يخاطب الحق المسلمين يقول لهم (أذكروا الله)
لأن بني إسرائيل قوم ماديون ودنيويون
لكن المسلمين أمة غير مادية

وهناك فرق بين أن يكون الإنسان مع النعمة
وأن يكون مع المنعم

فالماديون يحبون النعمة
وغير الماديين يحبون المنعم ويعيشون في معيته

فالله سبحانه وتعالى واجب العبادة
ولو لم يخلق الجنة والنار
لأنه أهل أن يُعبد

لذلك لو ابتلى الله عبدا في صحته مثلا
وسلب منه نعمة العافية
ترى الجاهل هو الذي ينظر إلى هذا نظرة عدم رضا
وأما المتدبر فيعلم أنه في معية الله

إذن
يذكر الحق بني إسرائيل بالنعمة
فكأنه يقول لهم
إن لم تؤمنوا بي لذاتي
فاستحيوا أن ترتكبوا المعصية بنعمتي التي أنعمت عليكم

(أذكروا) .. الذكر هو الحفظ من النسيان
لأن روتين الحياة يجعلنا ننسى المسبب للنعم
فالشمس تطلع كل يوم
كم منا يتذكر أنها لا تطلع إلا بإذن الله فيشكر الله

والمطر ينزل كل فترة
فكم منا يتذكر أن المطر ينزله الله فيشكره

ثم يقول لهم الحق (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم)
والعهد هو الميثاق
كما في قوله (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما)

والعهد هو أمر موثق بين العبد وربه
لكن
ما هو العهد الذي بين الله وبين بني إسرائيل ؟!

أما أن يكون عهد الفطرة

أو هو العهد الذي أخذه الله على الأنبياء ليبلغوا أقوامهم
أنه إذا جاء رسول مصدق لما معهم
فلابد أن يؤمنوا به وينصروه

أو هو العهد الذي أخذه الله بواسطة موسى (عليه السلام)
على علماء بني إسرائيل الذين تلقوا التوراة ولقنوها وكتبوها وحفظوها
ألا يكتموا منها شيئا
لكنهم نبذوا ذلك العهد وراء ظهورهم

والهدف من هذا العهد
ألا يكتموا ما ورد عن الإسلام في التوراة
وألا يخفوا صفات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي جاءت بها

ولقد جاء القرآن الكريم مصدقا لما نزل من التوراة
وعرف بنو إسرائيل صدق ما نزل في القرآن
لكنهم كفروا
لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن من قومهم

وقد كان أهل الكتاب من توراة وإنجيل
يعفون أن رسالة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي الخاتمة
وأنه لابد أن يؤمن به قوم كل نبي

وقوله تعالى (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم)
أي بما وعدتكم من جنة النعيم في الآخرة
فكل من لم يؤمن بهذا الدين
لاعهد له عند الله

(وإياي فارهبون)
أي أنه لاتوجد قوة
ولاقدرة في الكون
إلا قوة وقدرة الله سبحانه وتعالى

فإن لم يخفكم ذلك كله
فتذكروا قوته وقدرته يوم الحساب
إذ لا نجاة من عذابه لمن لم يؤمن به
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:19 pm

يوسف عمر كتب:
(وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ
وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا
وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)


بعد أن ذكّر الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بالعهود التي قطعوها على أنفسهم
سواء بعدم التبديل والتغيير في التوراة
لإخفاء أشياء وإضافة أشياء

وذكرهم بعهدهم بالنسبة للإيمان برسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فقال لهم (وآمنوا لما أنزلت مصدقا لما معكم)
لأن القرآن مصدق للتوراة (التوراة الحقيقية قبل التحريف)
وليس لتوراة اليوم المملوءة بالزيف

ثم يقول لهم (ولاتكونوا أول كافر به)

مع أن اليهود
لم يكونوا أول كافر برسول الله (صلى الله عليه وسلم)
بل قريش في مكة من حملت هذا الوصف

لكن المقصود في هذه الآية
أن يهود هم أول من كفر به من أهل الكتاب
لأن قريشا لا صلة لها بمنهج السماء
وهي لاتعرف شيئا عن الكتب السابقة
لكن أحبار اليهود كانوا يعرفون صدق الرسالة
وكانوا يستفتحون برسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأهل المدينة
فيقولون لهم (جاء زمن رسول سنؤمن به ونقتلكم قتل عاد وإرم)

ولما جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وبدل أن يسارعوا بالإيمان به
كانوا أول كافر به

مع أن الحق سبحانه وتعالى
لم يفاجيء أهل الكتاب بمجيء محمد (صلى الله عليه وسلم)
بل نبههم إلى ذلك في التوراة والإنجيل
لذلك كان يجب أن يكونوا أول المؤمنين
وليس أول الكافرين
لأن الذي جاء يعرفونه

ثم قال (ولاتشتروا بآياتي ثمنا قليلا)
والحق سبحانه وتعالى حين يتحدث عن الصفقة الإيمانية
يستخدم ألفاظا كالشراء .. البيع .. التجارة ..
مثلا

(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)

(هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ....)

(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع)


فالتجارة هي وساطة بين منتج ومستهلك
المنتج يريد أن يبيع انتاجه
والمستهلك محتاج لهذا الانتاج
والربح عملية تطول فترة وتقصر فترة مع عملية تحرك السلعة
وحسب الاقبال إن كان بطيئا أم سريعا

والتجارة بين البشر مجرد تجارة مادية
أما التجارة مع الله
فهو سيأخذ سبحانه بعضا من حرية نفسك
ليعطيك أخلد وأوسع منها

والدنيا مهما طالت
ستنتهي
والإنسان العاقل هو الذي يضحي بالفترة الموقوتة والمنتهية
ليكون له حظ في الفترة الخالدة

فالنعيم في الدنيا محدود بقدرات البشر
أما النعيم في الآخرة فهو على قدر الله سبحانه وتعالى

إذن الحق هنا يقول لليهود .. لاتشتروا بآياتي ثمنا قليلا
أي لاتدفعوا الآيات الإيمانية التي أعطيت لكم
لتأخذوا مقابلا ثمنا قليلا

وعندما يأخذ الإنسان أقل مما يعطي
فذلك قلب للصفقة
والقلب تأتي منه الخسارة دائما

وكأن الآية تقول
أتدفعون آيات الله التي هي منهجه المتكامل
لتأخذوا عرضا من أعراض الدنيا
قيمته قليلة ووقته قصير ؟!

والثمن هنا الذي يجب أن يكون مدفوعا
جعله اليهود مُشترى
وهذا هو الحمق والخطأ

فكيف يقلبون الصفقة ؟
كيف يضحون بالشيء الذي لايمكن أن يتركوه ؟
قد جعلوا الثمن سلعة !
وليته كان ثمنا غاليا
بل ثمنا رخيصا

ولقد تنكروا لعهدهم مع الله
ليبقى لهم مالهم ومركزهم
ولذلك هم خسروا
وخسروا كثيرا جدا
بل إلى الأبد

فالمال عبد مخلص
لكنه سيد رديء
هو عبدك حين تنفقه
لكن حين تخزنه وتتكالب عليه
يشقيك ويمرضك
لأنك أصبحت له خادما

والآية تعطيك فكرة عن اليهود
لأن محور حياتهم وحركتهم هو المال والذهب

والله حين يقول (لاتشتروا بآياتي ثمنا قليلا)
فليس ذلك معناه أننا يمكن أن نشتري بها ثمنا أعلى
لا
لأنه مهما ارتفع الثمن وعلا سيكون قليلا
لأنه يقابل آيات الله
وآيات الله لاتقدر بثمن
فالصفقة خاسرة مهما كانت قيمتها

ثم ينهي الحق قوله بـ (وإياي فاتقون)
وقبلها قال (وإياي فارهبون)

ارهبون.. وعيد وتحذير لما سيقع في الآخرة
لكن اتقون.. لابد أن تكون في الدنيا
فلا تقوى في الآخرة
لأنها دار جزاء وليست دار عمل

إذن
أطيعوا الله ما دمتم في الدنيا
واجعلوا بينكم وبين صفات جلاله وقاية
حتى لايصيبكم العذاب العظيم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد
موقوف بأمر المدير
محمد


نقاط : 460
السٌّمعَة : 24
تاريخ التسجيل : 19/05/2018

 سورة البقــــرة	 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقــــرة     سورة البقــــرة	 Emptyالأربعاء مايو 23, 2018 11:19 pm

يوسف عمر كتب:
(وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)

بعد أن حذر الحق سبحانه اليهود من أن يبيعوا دينهم بثمن قليل
وهو المال أو النفوذ الدنيوي
قال .. (ولاتلبسوا الحق بالباطل)

ومادة تلبس مأخوذة من اللباس الذي نرتديه
واللبس هو التغطية أو التعمية
بأن نخفي الحق ولا نظهره
فاللباس تغليف للجسم يستره فلا يبين تفصيلاته

والحق هو القضية الثابتة المقدّرة التي لاتتغير
وفي التوراة آيات لم يحرفها اليهود
وآيات محرفة

كل الآيات التي تتعلق برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ووصفه
وأنه النبي الخاتم .. حرفها اليهود
والآيات التي لا تتعلق به تركوها
فكأنهم خلطوا الحق بالباطل

فما الذي جعلهم يفعلون ذلك ؟

المصلحة الأولى كما قلنا
ليشتروا بآيات الله ثمنا قليلا
فلبسوا الحق بالباطل
والباطل هو الشيء الذي لا واقع له
ولا صحة
ولا حقيقة

والحق له باب واحد
أما الباطل فأبوابه متعددة

فاليهود
قد وضعوا في التوراة باطلا لم يأمر الله به
وكتموا الحقيقة عن رسالة محمد (صلى الله عليه وسلم)

لكن
هل فعلوا ذلك عن طريق الخطأ أو السهو أو النسيان ؟

لا
بل فعلوه وهم يعلمون كما في نهاية الآية

والإنسان لايلبس الحق بالباطل
إلا إذا كان لايستطيع مواجهة الحق
لأن عدم القدرة على مواجهة الحق .. ضعف
نفرّ منه إلى الباطل
لأن الحق يُتعب صاحبه

فقوله سبحانه (وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)
أي أنهم يفعلون ذلك عن عمد
وليس عن جهل

أو قد تعني (تعلمون) هنا
أن اليهود يعلمون وهم أهل كتاب
ما سيصيبهم في الآخرة من عذاب أليم
بسبب إخفائهم لهذا الحق
ومع ذلك يفعلون ما فعلوا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سورة البقــــرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 11انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3 ... 9, 10, 11  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» شرح سورة الجن سورة الجنِّ
» سورة الماعون
» سورة البلد
» سورة المزمل
» سورة الـــنمل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عباد الرحمن الإسلامي الاجتماعي :: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ :: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "-
انتقل الى: