قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:57 pm
يوسف عمر كتب:
كيف نواجه الشيطان .. وبأي منهج ؟!
إن كانت المواجهة بمنهج الله ...ضعف الشيطان وإن كانت مواجهة الإنسان للشيطان بكلام من عند نفسه فإن الشيطان يتعاظم ويقوى .
ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الشيطان قائلا :
( لا تقل تعس الشيطان .. فإنك إذا قلت تعس الشيطان .. تعاظم في نفسه وقال : صرعته بقوتي فإذا قلت : بسم الله .. تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من الذباب)
فترى من الحديث كيف أن الشيطان يتعاظم إذا واجهه الإنسان بنفسه , ولم يواجهه بنصوص الحرز الشرعية وأما إذا التزم المسلم بنصوص الحرز فإن الشيطان يقر له بالحرز .. انطلاقا من الإقرار الأول لإبليس أمام الله سبحانه وتعالى بقوله : " إلا عبادك منهم المخلصين " ....
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم
(يقول الشيطان : حفظ مني سائر يومه )
وقوله بقول الشيطان ..
( ما بالك برجل هدي ووقي وكفي)
وقوله بقول الشيطان ..
( لا طعام عندكم ولا مبيت)
وهذا هو الوضع الأساسي في الحرز من الشيطان فإذا كان هناك وضعا استثنائيا فإن الحرز من الشيطان لا يكون بمقتضى الإقرار الأول بل يكون بمنع الشيطان جبرا وقهرا مثلما تسلسل الشياطين في شهر رمضان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إذا جاء رمضان سلسلت الشياطين)
لأن رمضان فترة استثنائية
ومثلما أراد الشيطان أن يضرب عيسى في جنبه مثل أي مولود فضرب الحجاب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(كل مولود يطعنه الشيطان في جنبه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم... ذهب يطعن فطعن الحجاب)
وفي إثبات ضعف الشيطان ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم للشيطان مثلا كونيا وهو الذباب فقال : " يتصاغر حتى يكون مثل الذباب " . والواقع أن هذا المثل ليس مجرد تشبيه بين أمرين لكنه مثل للعلاقة بين الشيطان والذباب بصورة كاملة مطلقة.. إلى الدرجة التي تصبح بها هذه العلاقة أساسا لحقائق اعتقادية خطيرة للغاية وأولها :
أن يدخل الذباب النار .. كما يدخلها الشيطان .. كما قال صلى الله عليه وسلم : " الذباب في النار " ...
وعندما يبلغ المثل هذا الحد الاعتقادي .. فإننا يجب أن نرجع إلى مادة ذباب في اللغة .. لتكون المفاجأة العظمى في العلاقة بين الشيطان والذباب هي.. أن اللفظ ومشتقاته لا تخرج جميعها عن معاني الشيطنة ..
1ـ ذباب : من الذباب الذب هو الطرد والدفع والمنع وكلها عوامل متعلقة بالشيطان تعلقا مباشرا في قوله سبحانه ِ(قال اخرج منها مذؤوما مدحورا) مذؤوما : معناها الطرد والخزي والذم .
2ـ الذباب: الشر فلان أصاب عن فلان ذباب ... أي شر .. وأرض مذبوبة : موحشة ...
3ـ ذبيبان : كلمة تقال في الطعام الذي لاخير فيه
4ـ الذبذبة والذباب :الأجراس . أشياء تعلق بالهودج أو رأس البعير للزينة والواحد ذبذب أي جرس ...
5ـ تذبذب في الهواء : تحرك واضطرب من الاضطراب كما في الحديث : " كأني أنظر إلى يديه تتذبذبان " أي تضطربان ..
6ـ متذبذب : متردد ومتحير من الحيرة
7ـ رجل محشي الذباب . أي الجاهل
8ـ ذببنا ليلتنا : تعبنا وشقينا
9ـ الذباب : الطاعون والملاحظة المهمة هنا : أن الذباب سبب لمرض الطاعون وهو المرض الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " الطاعون .. وخز أعدائكم الجن " .
10ـ الذباب : الجنون , ذب الرجل إذا جن
وأخيرا نأتي إلى الاشتقاق الأخطر : وهو الذئب .. ومنه ذؤوبان الناس : أي الصعاليك واللصوص , وذؤب يذؤب ذؤابة : خبث
11- الذبذب : سوءة الرجل ولسانه وهما ما ورد فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حفظ لي ما بين فخذيه ولحييه , أكفل له الجنة )
12ـ المتذائب : المضطرب وفي حديث عدي رضي الله عنه : " خرج منكم جنين متذائب " مضطرب ضعيف والمذؤوب : الفزع . ويقال للذي أفزعه الجن : تذاءبته أو تذاعبته ...
ومن أدلة الأحاديث المتضمنة لمادة ذباب ومشتقاتها (يتصاغر الشيطان حتى يكون مثل الذباب)
" و عن وائل بن حجر قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذباب رجعت فجززته ثم أتيته من الغد فقال : إني لم أعنك , وهذا أحسن"
وقال الخطابي : " الذباب الشؤم .. وقيل الشر الدائم " وهو ما جاء في سنن أبو داود بكتاب الترجل ....
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:57 pm
يوسف عمر كتب:
الآن نطرح سؤال ..
كيف يسلط الله الشيطان على الإنسان ؟!
هناك أمرين
الأول .. بسبب الذنب الذي يفعله الإنسان وإيماننا بقدر التسلط ضرورة ..
(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله )
(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين)
(كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون)
روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس : الرجس : الشيطان
وقوله تعالى
(إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )
(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا)
كما يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله
(أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته)
وقوله صلى الله عليه وسلم
" رب الشياطين وما أضلت "
الثاني : أن التسلط بهذا المعنى القدري تحقيق لعدل الله عز وجل من حيث السبب باعتبار عدل البلاء الذي تحقق به التسلط لأنه بسبب ذنبك .. تسلط عليك الشيطان .. وهذا عدل ..
ويفسر الإمام ابن تيمية تلك الحقيقة بقوله
" وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن يخرج عن الكتاب والسنة وهم درجات والجن الذين يقترنون بهم من جنسهم وهم على مذهبهم والجن فيه الكافر والفاسق والمخطئ , فإن كان الإنس كافرا أو فاسقا أو جاهلا دخلوا معه في الكفر والفسوق والضلال "
.. ويقول
" ولا بد من أن يكون في أحدهم من الكذب جهلا أو عمدا أو من الإثم ما يناسب حال الشياطين المقترنة بهم , ليفرق الله بذلك بين أوليائه المتقين وبين المتشبهين بهم من أولياء الشياطين ولهذا يقول الضحاك : الذنب سبب النسيان ويئس لأحدكم أن يقول : " نسيت كيت وكيت .. بل هو نسي "
والمثال الذي ذكره ابن تيمية عن الضحاك في تعليل النسيان إنما يريد أن يؤكد به دقة التناسب بين التسلط والذنب وبعد تقديم هاتين الحقيقتين , نعرف معنى التسلط بثلاثة مقاييس :
1ـ الولاية فالمقياس الأساسي للعلاقة بين تسلط الشيطان وذنب الإنسان هو مفهوم الولاية فليس بمجرد وقوع الإنسان في ذنب يصير من أولياء الشيطان.. لا لأن هذه الولاية لا تكون إلا بمتابعة الشيطان وموالاة طاعته حتى تصير قاعدة الخضوع وقبول التكليف عند الإنسان تابعة للشيطان .. أما إذا كان خضوعه وقبول تكليفه من الله ثم أطاع الشيطان في ذنب من الذنوب لا يكون هذا الذنب شركا .. وفي ذلك تصحيح للخطأ القائل بأن كل معصية شرك .. تأسيسا على أن المعصية طاعة للشيطان وطاعة الشيطان عبادة له وعبادة الشيطان شرك بالله .
وعلة ها الخطأ : هي تحديد معنى العبادة .. بمجرد الطاعة ولكن الفهم السلفي للعبادة هو : أنها غاية الخضوع مع غاية الحب ولذلك يقرر النبي صلى الله عليه وسل في حديث سيد الاستغفار.. قاعدة الخضوع وقبول التكليف من الله عز وجل قبل ذكر الذنب..
فيقول :
" اللهم أنت ربي .. لا إله إلا أنت .. خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت . أعوذ بك من شر ما صنعت "
وعند هذا الحد تكون قد تقررت قاعدة الخضوع وقبول التكليف ..
ثم يبدأ ذكر الذنب
" أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت "
ولذلك فإن ولاية العبد للشيطان لا تتحقق بمجرد الذنب لأنه من الممكن أن يقع الذنب فيعفو الله عنه...
أما إذا وقع العذاب بالذنب الذي لا يغفره الله وهو الشرك .. فستحقق بذلك ولاية الشيطان في الإنسان المعذب بصفة نهائية كما في قول إبراهيم عليه السلام لأبيه
(يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا )
ولعلنا نلاحظ من الآية أن العذاب سيكون من الرحمن مما يؤكد أن استحقاق العذاب لن يكون إلا بالعدل الكامل ..
. وبنفس الدقة التي في العلاقة بين تسلط الشيطان وذنب الإنسان يتحقق انتقاص الصفة الإنسانية بانتقاص العبودية ..
ومن مؤشرات هذه الدقة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الالتفات في الصلاة :
" هو اختلاس الشيطان من صلاة العبد "
ثم تشبيه هذا الالتفات بالتفات الثعلب كقوله
" فلا يلتفت أحدكم في صلاته كالتفات الثعلب "
وأصبح انتقاص عبادة الإنسان بمجرد خلسة يختلسها الشيطان تعني قيام وجه شبه بين الإنسان والدواب ..
ومن هنا كان تشبيه أي انحراف في أحكام الصلاة وكيفية العبادة بأفعال الدواب مثل التحذير من عدم المتابعة الصحيحة للإمام.. بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" ما يأمن الذي يرفع رأسه في صلاته قبل الإمام .. أن يحول الله صورته في صورة حمار "
وفي النهي عن رفع الأيدي في اتجاه التسليم بقوله :
" ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس .. اسكنوا في الصلاة "
والتحذير من الخطأ في كيفية السجود بقوله
" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير .. وليضع يديه قبل ركبتيه "
والتحذير من بسط اليد على الأرض أثناء السجود بقوله
" اعتدلوا في سجودكم .. ولا يبسط أحدكم ذراعيه بسط الكلب "
والتحذير من السرعة في الصلاة وعدم الاطمئنان وتشبيه ذلك بالغراب والديك ...
والحديث الجامع لأبي هريرة في النهي عن الالتفات والسرعة وخطأ السجود بقوله :
" نهاني خليلي أن أنقر في صلاتي نقر الديك وأن التفت التفات الثعلب وأن أقعى كإقعاء القرد "
فإذا كان هذا بمجرد الانحراف في أحكام العبادة فإن انتفاء العبودية لله أصلا لا تعني حقيقة إلا .. انتفاء الصفة الانسانية انتفاء كاملا ....
وصفة القبح تأتي باعتبارها المعنى الموافق لتحقق المسخ والقبح في الشيطان ذاته بمعصية الله عز وجل . حتى صار هذا القبح أمرا مستقرا في النفوس البشرية عن الشيطان دون أن يروه ..
ثم اعتبر القرآن هذا القبح مقياسا لكل قبح
فقال الله عز وجل في شجرة الزقوم وهي الشجرة الملعونة التي تخرج في أصل الجحيم :
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:59 pm
يوسف عمر كتب:
وإذا كان المسخ والقبح لا يغيران من الشكل الإنساني لأولياء الشيطان .. فإن هذا لا يعني انتفاءه كحقيقة لأن عبادة الطاغوت هي التي تتضمن في معناها تحقق المسخ..
فأكبر فوارق المقام التي تكون بين العبد والمعبود حينما يكون الشيطان الرجيم المذءوم المدحور الملعون .. هو المعبود ...! فكيف يتحدد مقام ووجود من يعبده ؟
وماذا يمكن أن يقال في هذا الوجود إلا المسخ الحقيقي والضياع المطلق ؟
ومن هنا جاء قول الله عز وجل
" وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا "
فيتبين من الآية أن عبادة الشيطان مسخ مثلما يتحول الإنسان إلى قرد أو خنزير لأنه ينتهي بنقصه إلى فقد إنسانيته ..
وتحقيق صفة القبح في المسخ تأتي باعتبارها .. المعنى المقابل لتحقق الجمال بعبادة الله ورضاه .. بدليل ازياد أهل الجنة حسنا وجمالا عند تحقق رضوان الله عليهم أبدا ..
إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة :
" .. فيطلع الله عليهم إطلاعة فيقول : أرضى عنكم فلا أغضب عليكم بعد ذلك أبدا .. فيرجعون إلى أهلهم .. وقد ازدادوا حسنا وجمالا .. فيقول لهم أهلوهم : لقد ازددتم حسنا وجمالا يقولون : لقد رأينا ربنا "
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:59 pm
يوسف عمر كتب:
معنى الحرز هو امتناع الشر والضرر ولذلك ارتبط الحرز من الشيطان بالأساليب المانعة للشر والضرر..
فالله عز وجل لا يضر مع اسمه وكلماته شئ بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم(
( ما من عبد يقول في صباح كل يوم , أو مساء كل ليلة : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات .. فيضره شئ )
فبكلمات الله يمتنع الشر ..
كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )
ثم تأتي نصوص الحرز المتضمنة لامتناع ضرر الشيطان , منها : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إذا أتى أحدكم أهله فقال : بسم الله .. اللهم جنبنا الشيطان .. وجنب الشيطان ما رزقتنا لم يضره الشيطان )
وقوله
(إذا ولج الرجل في بيته فقال : اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا .. بسم الله خرجنا .. وعلى ربنا توكلنا .. ثم ليسلم على أهل منزله )
وقوله صلى الله عليه وسلم
( اللهم رب العرش العظيم .. والوجه الكريم .. ذا المن القديم .. ولي الكلمات التامات .. والدعوات المستجابات .. عافي فلان ـ ويذكر اسمه ـ من أعين الإنس .. وأنفس الجن )
وقوله صلى الله عليه وسلم
( أعوذ بكلمات الله التامة .. من كل شيطان وهامة .. ومن كل عين لامة)
ثم تأتي أهم نصوص الحرز التضمنة لامتناع شر الشيطان بكلام الله .. منها سورة الإخلاص والمعوذتين وسورة البقرة وأواخرها وآية الكرسي منها وأوائل سورة الصافات ...
ونصوص الحرز تقوم على عدة حقائق :
1- حقيقة الكمال .. ودليلها ترادف كلمة " التامات .. التامة " في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.. " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق "
ومن هنا جاءت كلمات الله الواردة .. كنصوص للحرز باعتبار تلك الحقيقة .
ففي التسمية باسم الله أن الإله .. هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال فيدخل في هذا الاسم جميع الأسماء الحسنى .
وفي سورة الإخلاص ... يفسر ابن عباس الصمد بقوله.. السيد الذي كمل في سؤدده .. والشريف الذي كمل في شرفه .. والعظيم الذي كمل في عظمته .. والحليم الذي كمل في حلمه .. والغني الذي كمل في غناه .. والجبار الذي كمل في جبروته .. ثم أخذ يذكر بقية الأسماء والصفات ويفسر الصمد بأنه الكمال فيها
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:00 pm
يوسف عمر كتب:
وفي آية الكرسي..
" الله لا إله إلا هو الحي القيوم "
الذي له كمال الحياة .. لأن حياته من لوازم ذاته فهي أزلية أبدية ..
وكمال حياته يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال الذاتية له .. من العزة والقدرة والعلم والحكمة والسمع والبصر والإرادة والمشيئة وغيرها .
وفي آية الكرسي
" القيوم "
ومعناه : قام بنفسه ... واستغنى عن جميع خلقه غنى مطلقا لا تشوبه شائبة حاجة أصلا لأن غناه سبحانه ذاتي وبه قامت الموجودات كلها فهي فقيرة إليه فقرا ذاتيا بحيث لا تستغني عنه لحظة..
فهو الذي ابتدأ إيجادها على هذا الاسم متضمن لجميع صفات الكمال الفعلية ..
كما أن اسمه الحي متضمن لجميع صفات الكمال الذاتية .. ولهذا ورد أن الحي القيوم .. هو اسم الله الأعظم .. الذي إذا سئل به أعطى .. وإذا دعي به أجاب .
ثم أعقب ذلك بما يدل على كمال حياته وقيوميته فقال
" لا تأخذه "
أي : لا تغلبه..
"سنة "
أي نعاس " ولا نوم "
فإن ذلك ينافي القيوم إذ النوم أخو الموت
ثم ذكر عموم ملكه لجميع العوالم العلوية والسفلية وأنها جميعا تحت قهره وسلطانه
فقال
" له ما في السموات وما في الأرض "
ثم أردف ذلك بقوله :
" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء "
بما يدل على تمام ملكه وهو أن الشفاعة كلها له فلا يشفع عنده أحد بإذنه .
" وسع كرسية السماوات والأرض ":
دليل على كمال سلطانه ..
" ولا يؤوده حفظهما "
دليل على كمال قوته ..
" وهو العلي "
العلو المطلق .. إذ كان له كل صفة كمال .. وله من تلك الصفة أعلاها وغايتها .
" العظيم "
وله سبحانه التعظيم الكامل في قلوب أنبيائه وملائكته وأصفيائه
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:02 pm
يوسف عمر كتب:
حقيقة التناسب
وكما أن حقيقة التقابل في نصوص الحرز هي ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله التي تتقابل مع الشيطان ..
فإن نصوص الحرز تحقق التقابل بما يتناسب.. مع العلاقة بين الإنسان والشيطان في ذاته
مثل قول الله
" فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم "
لأننا لا نشعر بحركة الشيطان فيتناسب مع هذا الوضع ذكر اسم السميع العليم من أسماء الله الحسنى ...
ويقدم لنا ابن القيم دليلا على دقة التناسب في نصوص الحرز مع طبيعة العلاقة بين الإنسان والشيطان فيقول ..
فتأمل حكمة القرآن .. كيف جاء في الاستعاذة من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ : " السميع العليم " وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ " السميع البصير " فقال
لأن أفعال هؤلاء معاينة ترى بالبصر وأما نزغ الشيطان .. فوساوس وخطرات يلقيها في القلب .. يتعلق بها العلم .. فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:02 pm
يوسف عمر كتب:
ومع التناسب مع طبيعة العلاقة .. يأتي التناسب مع طبيعة الإنسان باعتباره طرف في تلك العلاقة .
ولذلك يقول ابن القيم في قوله تعالى : " قل أعوذ برب الناس . ملك الناس . إله الناس " فذكر ربوبيته للناس وملكه إياهم وإلهيته لهم ولابد من مناسبة في ذكر ذلك في الاستعاذة من الشيطان .
ثم وجه مناسبتها لهذه الاستعاذة وذكر الإضافات الثلاث " رب الناس . ملك الناس . إله الناس " باعتبار التناسب .
يقول فيه ابن القيم " لأنهم المستعيذون بربهم .. الذي يصونهم ويملكهم .. الذي يأمرهم وينهاهم .. وإلههم الذي يعبدونه " .
وتتميز نصوص الحرز بأهمية خاصة .. تتفق مع قيمة الهدف المراد تحقيقه منها , وهو النجاة من الشيطان ..
ففي المعوذتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط " قل أعوذ برب الفلق " , " قل أعوذ برب الناس "
وفي رواية محمد ابن إبراهيم التيمي عن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ المتعوذون ؟ قلت بلى . قال : " أعوذ برب الفلق " " أعوذ برب الناس "
وفي خواتيم سورة البقرة قال صلى الله عليه وسلم
" إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق ـ لفظ الترمذي : السموات والأرض ـ بألفي عام .. أنزل منه آيتين .. ختم بهما سورة البقرة .. فلا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان "
وحتى في أسماء الله .. فإن الإسم الذي يحقق الحرز من الشيطان هو اسم الله الأعظم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : " لا إله إلا هو الحي القيوم " .. وإلهكم إله واحد .. "
ولذلك كانت نصوص الحرز هي أفضل صيغ التعوذ من الشيطان ..
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى
" ما تعوذ المتعوذون بمثلها "
يعني المعوذتين .
وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان .. فلما نزلت أخذهما وترك ما سواهما
وليس معنى الحرز هو مجرد البعد عن تأثير الشيطان إذ إن لهذا البعد درجات مختلفة ..
وإثبات هذا المعنى يكون من خلال عدة حقائق :
فهناك من لم يمسهالشيطان أصلا .. وهو أعلى درجات الحرز مثال : عيسى بن مريم . عليهما السلام ..
وهناك من يفر منه الشيطان .. كعمر بن الخطاب رضي الله عنه وبالطبع فإن هذه الدرجة أقل من الدرجة الأولى ..
وهي في نفس الوقت أعلى من درجة من لا يقربه الشيطان ولكنه لا يفر منه .. مثال عمار بن ياسر رضي الله عنه ..
واختلاف درجات الحرز يتبع درجة الالتزام بنصوص الحرز والقدر الذي يكون به التحرز بتلك النصوص .
فسورة البقرة مثلا ورد في أنها ـ كحرز من الشيطان ـ ثلاثة نصوص :
النص الأول : الذي يثبت أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة كاملة لا يدخله الشيطان
ونص آخر : يثبت أن البيت الذي تقرأ فيه خواتيم سورة البقرة يفر منه الشيطان وبالطبع فإن الدرجة الأولى التي لا يدخل فيها الشيطان أصلا أعلى من الدرجة التي يفر فيها الشيطان بعد أن يدخل ..
وهذه الدرجة أعلى من الدرجة التي يكون فيها الشيطان في البيت ولكنه لا يستطيع التأثير في أهله .. وهو ما ورد في آية الكرسي .
والحرز إما أن يكون للنجاة من التسلط قبل وقوعه حتى لا يقع وإما أن يكون للنجاة من التسلط بعد وقوعه لكي يرفع .
ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر "
و " ما أجد " .. هو التسلط الواقع
و " ما أحاذر " .. هو التسلط الذي يخشى وقوعه .
والتسلط الواقع له درجات ومن هنا تتناسب درجة الحرز مع درجة التسلط ..
فيكفي المتقين أن يتذكروا إذا مسهم طائف من الشيطان لقول اله عز وجل :
" إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون"
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:03 pm
يوسف عمر كتب:
والدقة بين أساليب الحرز ودفع التسلط .... من أهم حقائق الحرز ..
فعن زيد بن أرقم قال :
" سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود : فاشتكى لذلك أياما قال : فأتاه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك وعقد لك عقدا فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فاستخرجها فجاء بها فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال . فما ذكر ذلك لليهود .. لا رآه في وجهه قط "
وفي رواية
" كلما قرأ آية انحلت عقدة , حتى انحلت العقد كلها "
وفي حديث عقد الشيطان على قافية ابن آدم :
" إذا قام وذكر الله انحلت عقدة .. فإذا توضأ انحلت العقدة الثانية .. فإذا صلى انحلت عقده الثلاث .. فأصبح نشيطا طيب النفس .. وإلا أصبح خبيث النفس كسلان "
ومن حقائق الحرز : الاتجاه نحو الأحسن .. باعتبار أن أعمال الشيطان متجهة نحو الشر المطلق .. وليست مجرد الشر
بدليل قول الله عز وجل
" ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا "
أما الدليل على وجوب الاتجاه نحو الأحسن فهو قول الله سبحانه وتعالى
" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا "
وقوله عز وجل
" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم "
وما يترتب على ضرورة الاتجاه نحو الأحسن في أساليب الحرز .. هو الزيادة .
ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
" الشيطان بعيد عن الإثنين .. وهو عن الثلاثة أبعد "
" من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شئ قدير .. في اليوم مائة مرة كانت له حرزا من الشيطان ولم يأت أحد يوم القيامة مثله إلا رجل زاد عليه "
ولذلك يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون عندنا .. همة الارتفاع إلى أعلى الجنان وأوسط الجنان وسقفها عرش الرحمن
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:05 pm
يوسف عمر كتب:
نعلم أن الشيطان خلق من النار..
" أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين "
وأن أعماله هي الخطأ الذي يفعله الإنسان ..
ولهذا قال موسى عليه السلام عندما قتل القبطي
" هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين "
ومن هنا كانت الخطيئة نار .. لأن هناك ارتباطا بين الأفعال.. وطبيعة فاعلها .. ومادة خلقه ..
ومثال ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" استوصوا بالنساء خيرا .. فإنهن خلقن من ضلع أعوج .. وإن أعوج الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته .. وكسرها طلاقها "
حيث تأكد ربط النبي صلى الله عليه وسلم بين سلوك المرأة وبين خلقها من ضلع أعوج ربطا واقعيا ...
ولذلك جاءت النصوص تثبت صراحة نار الخطيئة .. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم
" والصدقة تطفئ الخطيئة "
وأصبح الارتباط بين أفعال الشيطان ومادة خلقه قاعدة أساسية من قواعد الحرز حيث صار الماء وهو الذي يطفئ النار ..هو المادة التي تبطل أثر الشيطان ..
فقال سبحانه :
" إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام "
وقد وضح من النص أن الحرز بالماء جاء باعتبار آخر زيادة .. على أن الشيطان خلق من النار وهو أن عمل الشيطان رجز ورجز الشئ : أقذره ولهذا صارت الخطيئة قذر تتطلب الماء للطهر منها ...
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:06 pm
يوسف عمر كتب:
أما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك فهي قوله
" إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من نار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ "
وفي رواية
" إذا غضب أحدكم فليستنثر بالماء ثلاثا "
كما بين النبي صلى الله عليه وسلم... أن الوضوء هو الذي يحل العقدة الثانية من العقد الثلاث.. التي يعقدها الشيطان على قافية ابن آدم إذا هو نام ..
فيقول
" فإذا توضأ انحلت العقدة الثانية "
كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالاستنثار ثلاثا عند الاستيقاظ من النوم قائلا
" إذا قام أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا , فإن الشيطان يبيت في خياشيمه "
وإذا كانت هذه النصوص تثبت الحرز في الماء باعتبار التقابل الذي بينه وبين النار فإن هناك نصا يثبت هذا التقابل باعتبار أن إبليس قد خلق من نوع معين من النار ليتحقق التقابل كاملا ودقيقا ..
فقد ثبت بالقرآن أن إبليس قد خلق
" من نار السموم "
" من مارج من نار "
ونار السموم .. والمارج من النار : هو أعلى جزء من النار إذا التهبت فكان نص الحرز هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد "
حيث إن البرد هو الثلج الخفيف الذي يسقط من أعلى فيقابل البرد هنا اللهب المرتفع في النار التي خلق منها إبليس .. وبذلك يتحقق التقابل التام مع الشيطان :
فبرودة الثلج .. المقابلة لحرارة النار والماء .. المقابل للنار والبرد .. وهو المرتفع من الثلج .. المقابل للمارج .. وهو المرتفع في النار
ومن أهم أدلة الحرز بالماء من الشيطان .. هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء بعد أكل لحم الجزور ـ الإبل ـ بقوله
" من أكل لحم جزور فليتوضأ "
والعلاقة بين الإبل والشيطان ثابتة بوجود الشيطان عند أصول أذنابها وباعتبار صفة الغضب التي تتميز بها هذه الدابة . والعلاقة التأثيرية بين طبيعة الدابة التي يؤكل لحمها وبين طبع الإنسان الذي يأكل هذا اللحم .. أمر محقق ...!
ولما كان الشيطان مخلوقا من النار وكان للشيطان علاقة بالإبل وكان لتلك العلاقة أثر على من يأكل لحمها من البشر .. كان الأمر بالوضوء بعد أكلها ....
وإقرارا لهذه الحقيقة فإن هناك حديثا يثبت الأمر بالوضوء مما مسته النار مباشرة ولكن هذا الأمر نسخ رفعا للحرج والمشقة ....
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:07 pm
يوسف عمر كتب:
وهناك من يسأل ..
هل يكون لذات الشيطان أثر على أساليبه في الإضلال ؟
الجواب على هذا ... هو نعم ..
بدليل قوله تعالى
" وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون "
يقول السدي .. يعني أن الشياطين يمدون أوليائهم من الإنس ولا تسأم عن إمدادهم في الشر لأن ذلك طبيعة لهم وسجية ... لا تفتر فيه .. ولا تبطل عنه ..
ولذلك فإن إدراك هذه الأساليب .. يعتبر أساسا في إدراك هذه الذات !
وإدراك هذه الذات يعتبر أساسا في تحقيق الحرز منه ومن ذلك نجد أن الشيطان يختار مكان قضاء الحاجة بالنسبة للإنسان للتأثير عليه مما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أن يعلمنا دعاء دخول دخول هذه الأماكن فيقول
" اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "
ونجد الشيطان في محاولته لأن يضيع على الإنسان صلاته بالنوم فيبول في اذنه .. بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكر عنده رجل فقيل : ما زال نائما حتى أصبح فقال صلى الله عليه وسلم
" بال الشيطان في إذنه "
ومن هنا تكون صلاة الصبح في وقتها حرزا من هذا العمل الشيطاني
ونجد الشيطان حينما لا يريد أن يسمع الأذان .. يدبر وله ضراط بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين "
وكأن الشيطان لم يجد إلا مكان قضاء الحاجة والبول والضراط .. مما يكشف بوضوح قبح هذه النفسية . وليس أدل على ما يملأ كيان هذا المخلوق من خبث .. من حبه للعورات
ولقد كان لحب العورتين في نفس إبليس رصيد.. جعله يعشق أصول أذناب الإبل ..
بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الإيمان ها هنا .. ألا إن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين .. عند أصول أذناب الإبل .. حيث يطلع قرنا الشيطان "
وليس عند أصول الأذناب إلا العورة .
ومن حقائق الحرز أن الشيطان يتنافر مع الخير .. إما كراهية له أو خوفا منه ومن هنا فإن الشيطان لا يحضر الخير مطلقا ولا يطيق وجوده ....
ومن أدلة كراهية الشيطان للخير .. عدة أحاديث منها ..
حديث أبي هريرة عندما أتاه آت يحثو من الصدقة والشاهد من هذا الحديث أن محاولة الشيطان لم تكن بالاعتبار المادي .. لأنه لا يستفيد من مال الصدقة.. إذ إنه ليس وسيلة للتعامل عنده ولذلك يعبر أبو هريرة عن محاولة الشيطان يقوله : " يحثو " .. وتعني أنه كان يأخذ المال ويلقيه .. كراهية منه لوجود بيت المال الذي يحفظ مال الغنائم والجزية .. والتي تمثل معنى غلبة الحق والفتح الإسلامي وامتداده في الأرض.. وهي أموال الزكاة والصدقة التي تمثل حقيقة البذل والإنفاق في سبيل الله ..
ومما يدل على عمق الكراهية لهذه الحقائق هو تكرار محاولته ثلاث مرات .
ومن الأحاديث الدالة على كراهية الشيطان للخير .. حديث أمية بن مخشن حيث قال :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يأكل طعاما فلم يسم الله تعالى حتى لم يبقى من طعامه إلا لقمة فلما رفعها إلى فمه قال : بسم الله أوله وآخره .. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال "ما زال الشيطان يأكل معه .. فلما ذكر الله .. استقاء ما في بطنه "
والشاهد من هذا الحديث لفظه : استقاء ـ أي تقيأ برغبته ـ كراهية منه لأن يبقى في بطنه طعا ذكر اسم الله عليه ...
وليس هذا معناه أن الحرز أمر معلق فقط بكراهية الشيطان للخير لأن الحرز في حقيقته : نظام قدره الله سبحانه وتعالى لتتحقق النجاة به للمسلمين من بلاء الشيطان ..
ومثلما يكون الشيطان محكوما بالنظام الكوني يكون كذلك محكوما بنظام الحرز ..
وكما يكون للشيطان محاولات لخرق النظام الكوني تكون له كذلك محاولات لخرق نظام الحرز ..
وكما يتمكن الإنسان من الشيطان إذا اخترق النظام الكوني فإنه يتمكن منه أيضا إذا اخترق نظام الحرز ..
ولذلك لما عرض الشيطان للنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته واستعاذ النبي بالله منه , فلم يرجع عنه , أمكنه الله منه
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:08 pm
يوسف عمر كتب:
قد يطرح أحدنا سؤالا ..
هل يمكن أن يكون الحرز .. بالأسباب الكونية ؟!
الإجابة هي .. نعم ..
فالأخذ بالأسباب الكونية المحققة لأقدار الخير .. والمانعة للشر والمعنى القدري للحرز .. مرتبطة بحقيقة هامة وهي.. ارتباط طبيعة السبب .. بطبيعة القدر والمراد تحقيقه ..
وبتلك القاعدة يتطلب تحقيق المعنى القدري للحرز من الشيطان سببا كونيا من طبيعته ..
فكان النفث بعد قراءة الإخلاص والمعوذتين سببا كونيا لتحقيق الحرز ..
وكان التمر الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤكل كل صباح .. سببا كونيا لتحقيق الحرز ..
وكان عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) نفسه .. سببا كونيا لتحقيق الحرز..
ولذلك يقوم الإمام ابن القيم في تفسير المعوذتين فيقول ..
" والنفث فعل الساحر فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة نفخ في تلك العقدة نفخا معه ريق فيخرج من نفسه الخبيث ممازج للشر والأذى... وقد يساعد هو والروح الشيطانية على أذى المسحور فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري .. لا الأمر الشرعي "
وفي هذا دليل على أن امتزاج الريق بالنفس .. يحقق القدر الكوني .. فإن كان نفسا طيبا .. تحقق الخير وإن كان نفسا خبيثا تحقق الشر .
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:09 pm
يوسف عمر كتب:
من هنا ..
كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفخ عند الرقية بالمعوذتين وسورة الإخلاص وكان قول النبي صلى الله عليه وسلم
" بتربة أرضنا .. وريقة بعضنا .. يشفي سقيمنا "
ويتابع ابن القيم كلامه فيقول
" ومن أنفع علاجات السحر : الأدوية الإلهية .. بل هي أدويته النافعة بالذات.. فإنه ـ أي السحر ـ من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ودفع تأثيرها إنما يكون بما يعارضها ويقاومها.. من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها ...
وكلما كانت أقوى وأشد .. كانت أبلغ في النشرة وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه فأيهما يغلب الآخر قهره .. وكان الحاكم له , وكان الحكم له
فالقلب إذا كان ممتلئا من الله مغمورا بذكره وله من التوجيهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له . ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه..
وعند السحرة أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة والنفوس الشهوانية المعلقة بالسلفيات ولهذا غالبا ما يؤثر في النساء والصبيان والجهال .. أهل البوادي ومن ضعف حظه من الدين والتوكل والتوحيد ومن لا نصيب من الأوراد الإلهية والدعوات والتعوذات النبوية "
غير أن هناك شروطا جوهرية في معالجة السحر أهمها : استحضار اليقين في الشفاء فلا يكون هناك في نفس الشخص المعالج وكذلك المريض أدنى شك في أن حالة السحر التي تعالج ستنتهي بالمنهج المحدد بالكتاب والسنة ..
وهذا الشرط أساسي في تحقيق قدر الله بالشفاء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث قدسي عن الله عز وجل
" أنا عند ظن عبدي بي "
ومع استحضار اليقين في الشفاء بإذن الله .. يكون الشعور بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ويكون الإخلاص لله في المعالجة من الفرد المعالج وذلك حتى تقبل محاولة العلاج , لأن الله لا يقبل عملا فيه رياء ...
ومن الشروط كذلك الواجب توافرها في الشخص المعالج ...
شرط التحرز من الشيطان وخصوصا من لحظة العزم على معالجة الحالة فيبدأ الفرد المعالج من لحظة العزم في تلاوة الأذكار بينه وبين نفسه التي تحقق له هذا الحرز..
لأنه بمجرد العزم على العلاج .. سيصير هو ذاته هدفا للشيطان حتى لا يصلح أن يكون سببا للعلاج ...
ولما كان السحر حالة تسلط قائمة يراد رفعها فإن أول أحكام المعالجة هي : الالتزام بالأذكار الثابتة .. التي يجب أن يلتزم بها المسلم لحمايته أصلا من وقوع التسلط .
ومن شروط المعالجة .. ألا يكون هناك محاولة لمعالجة السحر بطريقة غير شرعية إذ أنه يجب أن يخضع صاحب حالة السحر لمحاولة شرعية واحدة للمعالجة ...
ومن هنا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم من علاج السحر بالسحر ...
والبداية الطبيعية لمعالجة أي حالة من حالات السحر هو البحث في سلوك الشخص الواقع تحته تأثيره لاكتشاف الخطأ الشرعي الذي وقع فيه الشخص وتسلل منه الشيطان إليه وتسلط به عليه . ..
ومن الطبيعي أن يكون الإنسان واقعا في أخطاء ولكن في حالة وقوع السحر .. يكون المطلوب عدم الوقوع في أي خطأ لأن السحر يستمر باستمرار الخطأ .
وبعد النصوص الواردة في الحرز والأخذ بأسبابه الكونية ..
نأتي إلى أمور وأساليب تدخل في حقيقة الحرز بصفة جوهرية وأهمها :
تجميد تأثير الشيطان إذا حدث
ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم.. عن أن يتكلم الإنسان بحلم الشيطان إذا جاءه في النوم .. لأن ذلك انتشار لتأثيره في واقع الإنسان..
فقال صلى الله عليه وسلم :
" إذا رأى أحدكم ما يكره ,, فليتفل عن يساره ثلاثا .. ولا يحدث الناس "
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:10 pm
يوسف عمر كتب:
وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول " رأيت في المنام أن رأسي مقطوعة.. وتجري أمامي وأنا أجري وراءها " فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحدثنا بلعب الشيطان بك "
وكذلك عند الوسوسة ..
حيث جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشئ .. لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" الله أكبر .. الله أكبر ... الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " .
وبذلك أنشأ الرسول مدلولا جديدا لتأثير الشيطان بالوسوسة فأصبح هذا التأثير دليلا على هزيمة الشيطان ورد كيده عن الإنسان .. بدلا من معنى النجاح في التأثير ...
ويدخل في معنى تجميد التأثير الشيطاني .. الحذر من تضخيم هذا التأثير ولذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الناس .. عندما رآهم يسبون رجلا قد شرب خمرا
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:11 pm
يوسف عمر كتب:
لكن ..
كيف تستطيع أن ترغم الشيطان ؟
الارغام معناه ... ربط أي تأثير يحققه .. بعمل مكروه عنده, فيفرض هذا العمل المكروه عليه.. ويتحقق معنى الإرغام له ..
ومن ذلك : سجدتا السهو .. فإذا حال الشيطان بين العبد وبين صلاته حتى لا يدري كم صلى باعتبار أن سجود ابن آدم هو أكبر عمل مكروه عند الشيطان ,,,
ومن ذلك أيضا : الوضوء عند الغضب .. الذي هو من الشيطان بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما غضب رجل أمامه
" إني لأعلم كلمة لو قالها .. ذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
ومن ذلك أيضا : التماس ليلة القدر في كل وتر من العشر الأواخر من رمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم ليلة القدر فتلاحم رجلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فنسيتها" فأمر الرسول أن يلتمسها المسلمون في كل وتر .. ومما لا شك فيه أن التماس ليلة القدر في كل وتر .. أمر يكرهه الشيطان .. أكثر من التماسها في ليلة واحدة . وفي ذلك إرغام له .
ومن أبرز صور إرغام الشيطان : الاستغفار بعد الذنب ..
قال الحافظ أبو بكر البزار : عن أنس قال
" جاء رجل فقال : يا رسول الله . أذنبت ذنبا .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أذنبت فاستغفر ربك قال : فإني أستغفر .. ثم أعود فأذنب ؟ قال : فإذا أذنبت .. فعد فاستغفر ربك . فقال في الرابعة : استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المدحور "
ومن ذلك .. رجم الشيطان :
وذلك أنه حسب ما تقدم من أن الشيطان يتعاظم بتضخيم تأثيره فإنه كذلك يتضاءل بتضخيم هزيمته أمام الإنسان .
ومن هنا كان رجم الشيطان في كل عام كمنسك من مناسك الحج .. إحياء واستمرارا لموقف انتصار سيدنا إبراهيم عليه السلام على الشيطان عندما عرض له لما أراد ذبح ابنه إسماعيل ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:12 pm
يوسف عمر كتب:
لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم
" ما من خارج من بيته إلا ببابه رايتان : راية بيد ملك .. وراية بيد الشيطان فإن خرج لما يحب الله عز وجل .. اتبعه الملك برايته .. فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته .. وإن خرج لما يسخط الله .. اتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إل بيته "
ويقول
" إذا خرجت المرأة من بيتها استشرفها الشيطان "
ومن هنا كان من الضروري الالتزام بأدعية الخروج من البيت ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من قال إذا خرج من بيته : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قيل له : كفيت ووقيت وهديت وتنحي عنه الشيطان "
وفي رواية أخرى يقول الشيطان لشيطان آخر : " كيف لك برجل قد هذى وكفي ووفي ؟ "
ولما كان حرز البيت إمكانية أساسية للإنسان في حربه مع الشيطان .. فإن الأمر تطلب أن يجير الله عز وجل .. عمار بن ياسر من الشيطان .. لما فقد إمكانية الحرز بالبيت عندما قتل أبوه ياسر .. وأمه سمية في سبيل الله .
ولذلك يقول أبو الدرداء :
" ألم يكن فيكم من أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .. يعني ابن ياسر "
غير أن الظاهرة الجامعة لكل الأبعاد القدرية لقضية الشيطان هي .. قضية السحر
ذلك لأن فيها يتحقق : البلاء .. والتسلط .. والحرز ..
كما يتحدد في ظاهرة السحر .. تفسير فاعليته .. وتأثيره في الواقع من ناحية التصور القدري ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:13 pm
يوسف عمر كتب:
السحر
السحر : هو دين الشيطان ..
لأن الدين : نظام .. وعبادة .. وجزاء .. يتجه بها العباد نحو الله .. بالحق ...
وهي العناصر الثلاثة التي يقوم بها الساحر .. متجها نحو إبليس .. الباطل ..
فالسحر.. هو نظام الشياطين بعضهم كعلى بعض حتى ينتهي أمرهم إلى إبليس .
والسحر .. هو الجزاء المتمثل في الخوارق والأحوال المحققة لغرض السحرة من الجن والإنس .
والساحر : هو البشر الخاضع لنظام السحر والممارس لطقوسه والذي يتحقق بواسطته الأحوال المطلوبة ...
ومن معنى السحر .. تثبت الفاعلية المرتبطة به..
حيث تكون هذه الفاعلية هي الظاهرة المقابلة لمعنى الولاية في الدين الحق و المترتب عليها حدوث الأحوال الربانية .. عند تمام الدين وبلوغ التقوى .
فكذلك يكون للساحر أحوال شيطانية.. عند تمام الخضوع لنظام السحر وطقوسه فينال جزاءه وهو المتمثل في تلك الخوارق الشيطانية .
فالفاعلية القدرية المحققة للأحوال الربانية والشيطانية بلغت درجة من المساواة بحيث لا يمكن التفريق بينها كأثر لكن في أسبابها المحققة لها.. ودلالتها المتحققة منها في الواقع .
فأصبح النظر في التفريق .. متعلقا بالشخص الذي وقعت على يديه تلك الفاعلية.. من حيث ولايته لله .. أو للشيطان والأسباب التي مارسها من حيث الطاعة .. أو المعصية .
والدلالة المتحققة للأحوال من حيث الدعوة إلى طاعة الله .. أو المعصية لله سبحانه وتعالى .
وليس أدل على ثبوت معنى دين الشياطين كتفسير لحقيقة السحر من أن ممارسته بأدنى مستوياته المتمثلة في الذهاب إلى الكهان والسحرة وتصديقهم يعتبر كفرا بكل ما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
لأن السحر والدين الحق .. لا يجتمعان في إنسان .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" من أتى عرافا أو كاهنا .. فصدقه .. فقد كفر بما أنزل على محمد "
فالتقابل بين السحر والدين .. مباشر وكامل ومحدد
" كفر " .. " بما أنزل " .. " على محمد " .
وفي تفسير قول الله عز وجل
" ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق "
جاء القول : " أي : ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر .. عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم .. لمن فعل فعلهم ذلك أنه ما له في الآخرة من خلاق .
قال ابن عباس ومجاهد والسدي : من نصيب
قال الحسن : ليس له دين
قال سعيد عن قتادة : ولقدد علم أهل الكتاب فيما عهد الله إليهم .. أن الساحر لا خلاق له في الآخرة " .
وقد حكى عياض في إكمال العلم أن جمهور أهل السنة ذهبوا إلى إثبات حقيقته .
وأدخل مالك السحر في باب الغيلة لأن المسحور لا يعلم ساحره .
ومما يؤكد التقابل بين السحر ومعنى الدين من خلال العبادة هو أن الطقوس التقليدية المحققة للسحر غالبا ما تكون شركا وهو الأمر الذي ينقض الدين من أساسه .
وأخطر هذه الطقوس : الذبح لغير الله الذي ينقض حقيقة التوحيد .
لكن الأمر الغريب في هذا الإطار .. هو الطلب الدائم بذبح ديك أحمر !
لأن الديك هو الذي يوقظ للصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ولأنه علامة على وجود الملائكة ...
وذبح الديوك عند ممارسة طقوس الشرك أمر قديم.. بدأته الصابئة التي كانت تعبد الشعرى..
وقد ورد دليل في كتاب " تحفة الكرام بخبر الأهرام " للإمام الحافظ جلال الدين السيوطي
" أن الصابئة هم عبدة النجوم وعلى رأسهم عبدة الشعرى يحجون إلى الأهرام ويذبحون عندها الديكة والعجول السود , ويبخرون بدخن "
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:14 pm
يوسف عمر كتب:
ومن هنا كان أقذر طقوس السحر.. هو خلط اللبن بالنجاسات ـ لعنهم الله لعنا كبيرا ـ .. وذلك باعتبار أن اللبن مثل للفطرة والعلم والدين كما يدل على ذلك مجموع النصوص الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وتتضاعف صور الكراهية لتبلغ منتهاها .. بذبح الأطفال باعتبارهم التجسيد الحي للفطرة
كما قال صلى الله عليه وسلم :
" ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "
وارتباط السحر بالشرك جعل واقع السحرة حتما يرتبط بصنم حيث يرتبط الجن الذي يسخره هؤلاء السحرة أيضا بذلك الصنم وليس شرطا أن يكون الصنم ضخما ظاهرا للناس بل من الممكن أن يكون تمثالا يخفيه الساحر عن أعين الناس .
والسحر أصلا هو نظام سيطرة الجن بعضهم على بعض وقواعد هذا النظام هي التي وضعها الجن تحت كرسي سليمان عليه السلام زاعمين أن هذا هو النظام الذي كان سليمان يسنطر به على الجان .
وأساس هذا النظام هو الربط بين درجة الإفساد .. ومكانة الجن المحقق لهذا الإفساد .. ودرجة تأثير هذا الجن في السيطرة على غيره من الجن .
والبداية الفعلية لوجود السحرة من البشر .. هي دخول هؤلاء البشر في هذا النظام بشروطه المحققة لأساسه وهو تحقيق درجة من الإفساد .. تعطيه القدرة على التأثير في الجن والسيطرة عليهم بحسب نظام الجن أنفسهم ..
ومن هنا كانت شبهة اليهود التي أثاروها حول سليمان لما رأوه يسيطر على الجن .
فعندما ذهب ملك سليمان عليه السلام ارتد فئات من الجن والإنس واتبعوا الشهوات ولما أرجع الله إلى سليمان عليه السلام ملكه وعاد الناس إلى الدين كما كانوا وظهر سليمان على كتبهم ... قذفها تحت كرسيه..
ثم لما توفي سليمان عليه السلام .. أخرج الجن والإنس الكتب
وقالوا : هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا
فأخذوه فجعلوه دينا
فأنزل الله تعالى :
" واتبعوا ما تتلوا الشياطين "
قال محمد بن اسحاق بن يسار
" عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داود فكتبوا أصناف السحر ومن كان يحب أن يبلغ كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ومن أراد أن يأتي كذا وكذا , فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا "
وعن الحسن : " واتبعوا ما تتلوا الشياطين " قال : ثلث الشعر , وثلث السحر , وثلث الكهانة .
فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام ولا يخفى ملخص القصة والجمع بين أطرافها وأنه لا تعارض بين السياقات على اللبيب الفهم , والله الهادي ...
وليس أدل على ثبوت حقيقة السحر من حكم الشرع لأنه لو كان مستحيل الحدوث لكان مستحيلا شرعا ولكن حكم الكفر يدل على حقيقته وحدوث أثره .
وقد استدل بقوله " ولو أنهم آمنوا واتقوا " من ذهب إلى تكفير الساحر كما هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف ..
وقيل : بل لا يكفر , ولكن حده ضرب عنقه لما رواه الشافعي وأحمد بن حنبل وقالا : أخبرنا سفيان ـ هو ابن عيينة ـ عن عمرو بن دينار أنه سمع بجلة بن عبده يقول كتب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ اقتلوا كل ساحر وساحرة قال : فقاتلا ثلاث سواحر . وقد أخرجه البخاري في صحيحه أيضا..
وهكذا صح عن حفصة أم المؤمنين (رضي الله عنها) سحرتهم جارية لها فأمرت فقتلت ,
وقال الإمام أحمد بن حنبل : صح عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قتل السحرة .
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:14 pm
يوسف عمر كتب:
وروى الترمذي من حديث إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب الأزدي أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" حد الساحر ضربة بالسيف "
ثم قال : لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وإسماعيل بن مسلم يضعف في الحديث والصحيح عن الحسن عن جندب موقوفا قلت قد رواه الطبراني من وجه آخر عن الحسن عن جندب مرفوعا .. والله أعلم
وقد روي من طرق متعددة أن الوليد بن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه فقال الناس : سبحان الله . يحيي الموتى ... ورآه رجل من صالحي المهاجرين فلما كان الغد جاء مشتملا على سيفه وذهب يلعب لعبه ذلك فاخترط الرجل سيفه فضرب عنق الساحر وتلا قول الله تعالى : " أفتأتون السحر وأنتم تبصرون "
وقال الإمام أبو بكر الخلال : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أي أخبرنا يحي بن سعيد حدثني أبوإسحاق عن حارثة قال : كان عند بعض الأمراء رجل يلعب فجاء جندب مشتملا على سيفه فقتله قال : أراه كان ساحرا
وحمل الشافعي رضي الله عنه قصة عمر وحفصة على سحر يكون شركا والله أعلم ..
وقد فعل اليهود ذلك رغم وجود حكم الساحر في التوراة التي بين أيديهم
ففي سفر التثنية :
" إذا دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك .. لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم .. لآ يوجد فيك من يزج ابنه أو ابنته في النار .. ولا من يعرف عرافة ولا عراف .. ولا متفائل ولا ساحر و ولا من يرقى رقية ولا من يسأل جانا أو تابعه ولا من يستشير الموتى , لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب " سفر التثنية إصحاح 18 .
" والنفس التي تلتفت إلى الجان وإلى التوابع لتزني وراءهم .. أجعل وجهي ضد تلك النفس وأقطعها من شعبها وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعه فإنه يقتل بالحجارة يرجمونه دمه علىه " سفر اللاويين ـ الإصحاح 20 " .
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 8:15 pm
يوسف عمر كتب:
تفسير آية السحر
والسحر الذي يطلق عليه العامة : " العمل " هو أمر تكليف الساحر للجن .. بالتأثير في الإنسان المطلوب سحره .. والكيفية الفعلية التي يحقق بها الجان المسخر من جانب الساحر .. في الطرف الثاني..
تكون من خلال الذي يطلق عليه " العمل " .. والذي هو أمر تكليف جري الشيطان في ابن آدم مجرى الدم من ناحية ومن ناحية أخرى تكون من خلال علاقة الجن المسخر بقرين الإنسان المطلوب سحره .. هذا هو تفسير السحر ...!
والذي يوضحه بصورة كاملة قول الله
" وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله "
يعني أن السحر يخرج من تحت الإذن القدري الكوني الإلهي طبقا لقول الله تعالى :
" وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله "
ويعني أن السحر مقيد بالأحكام القدرية
مثال هذه الأحكام هو ارتباط فاعلية السحر بالواقع العام.. الذي يمارس فيه السحر من حيث الطاعة أو المعصية والفساد .. فكلما ظهر الفساد في واقع.. ظهر السحر فيه وقوي تأثيره .
وهذا الارتباط تابع لعلاقة الأفعال القدرية في الواقع البشري وهذا الارتباط هو الذي يفسر قاعدة : أن السحر لشخص معين.. إنما هو تدخل بالشر في الواقع البشري جميعه ومن هذا الارتباط نشأ الحكم بجواز قتل الساحر لمن يستطيع ذلك من الناس جميعهم .
وفي قول الله تعالى :
" وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله "
قال سفيان الثوري : إلا بقضاء الله ,
وقال محمد بن إسحاق : إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد
وقال الحسن البصري : نعم من شار الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلط , ولا يستطيعون من أحد إلا بإذ ن الله .
وفي ضوء قول الرسول صلى الله عليه وسلم
" القلوب على إصبعين من أصابع الرحمن "
لا يكون السحر في حالة الكره بين الزوجين بالإنشاء ابتداء إنما يكون بالنفخ في الحال الذي عليه القلوب ولو في قدر ضئيل من الكره..
وهو تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أعوذ بالله من نفخه "
فالنفخ إنما يكون في حال قائم وهذا الحال القائم هو الذي لا يستطيعه الشيطان .. بل هو الأمر الإلهي المجرد
فإذا كان المقصود بالسحر هو إحداث كره بين زوجين فلابد أن يكون هناك لكي يتحقق أثر السحر : حال ينفخ فيه الشيطان ..
بمعنى أنه إذا كان المقصود بالسحر إحداث إكراه ولم يكن بين الزوجين القدر الكافي من هذا الشعور الذي ينفخ الشيطان فيه فإن السحر يبطل ولا يكون له تأثير .
ويلازم الاعتقاد بأن السحر بإذن الله .. الاعتقاد أيضا بأن السحر لا يسبق القدر .
والكره بين الزوجين ـ وهو الصيغة الشائعة للضرر بين الزوجين ـ مرتبطة بقضاء الله سبحانه