قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:43 pm
يوسف عمر كتب:
السلام عليكم
كان هذا عنوان لكتاب للشيخ رفاعي سرور (رحمه الله) نصحني بقراءته الأخ الكريم (ذيب الجبل) من منتدى الملاحم والفتن وما أن قرأته حتى هداني الله لكتابة ملخص عنه وكان هذا بتاريخ 12-5-2012
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:43 pm
يوسف عمر كتب:
نحن نعلم أن العداء .. هو العلاقة بيننا وبين الشيطان والحرب نتيجة طبيعية لكل عداء ...
فإذا تأكد شعورنا بالحرب القائمة بيننا وبين الشيطان فإن هذا بالطبع سيعمق إحساسنا بقيام هذا العداء ..
ولكي لايكون شعورنا بتلك الحرب ضعيفا أو سطحيا فإننا سنبدأ بصورة قتالية لتلك العلاقة .. لماذا ؟
لأن المعركة ضارية .. والعنف يعمق إحساسنا بتلك الحرب ..
فننتبه ..
ونحذر ..
ونتيقظ ..
فإذا أخذت الحرب التي بيننا وبين الشيطان هذه الصورة القتالية سنراها أمامنا رؤيا عين ..
وسنعلم من نحارب .. !!
فالشياطين هم جنود ابليس .. سواء كانوا من الجن أو من الإنس ..
(فكبكبوا فيها هم والغاوون .. وجنود إبليس أجمعون)
والعلاقة بين إبليس وجنوده .. علاقة ولاء وطاعة وهما أول الضرورات التنظيمية في أي حرب ..
(...فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا)
وبهذا الولاء تكون الحزبية ..
(استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون)
وحينما ينطلق هؤلاء الجنود لإضلال الناس يخرجون في سرايا .. كما في حديث مسلم ..
(إن لإبليس كرسيا فوق الماء يبعث سراياه فيفتنون الناس فأعظمهم مكانة أعظمهم فتنة)
والكرسي فوق الماء .. تحقيق لأهم تقاليد الحروب وهي إنشاء مركز القيادة بعيدة عن واقع القتال .. ليتحقق لتلك القيادة التركيز والنظرة الشاملة ..
ولهؤلاء الجنود .. خيل .. ! وهي أداة أساسية في الحروب ..
(واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
والسلاح في هذه الحرب .. هو السهام .. كما في الحديث الضعيف الذي أخرجه أحمد في مسنده
(النظرة سهم من سهام إبليس...)
والسهام تصيب .. واصابتها قاتلة .. لأنها تصيب القلوب .. فهي بتوجيه قائدها .. (سهام إبليس) ..
كما أن هناك نصر في هذه الحرب .. ورايات .. كما في حديث حسن أخرجه أحمد في مسنده ..
(ما من خارج يخرج من بيته إلا بابه رايتان راية بيد ملك وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحب الله عز وجل أتبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته .. وإن خرج لما يسخط الله أتبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته)
وأن أكثر الأماكن التي تكثر فيها الشيطان .. كما في حديث مسلم ..
(أشر الأماكن الأسواق)
وفي هذه الحرب .. عنف وشدة ..
(ألم تر إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا)
وفي هذه الحرب .. تربص وترصد .. كما في حديث مسلم ..
(إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه)
ثم يكون الحصار بعد الترصد ..
(قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين)
وفي هذه الحرب .. شِراك .. كما في حديث صحيح أخرجه أحمد ..
(أعوذ بك من شر نفسي .. وشر الشيطان وشِركه)
وفي هذه الحرب .. حراسة مشددة ..
(وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا)
فلا تكون هناك ثغرة .. ولا من حارس ضعيف .. لأنها مُلئت حرسا شديدا وشهبا ..
بل أن مجرد الاقتراب من السماء من أي جانب أصبح أمرا مستحيلا ..
(لايسمعّون إلى الملأ الأعلى ويُقذفون من كل جانب)
وفي هذه الحرب .. أسر .. كما جاء في مسند أحمد ..
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة مكتوبة فضم يده .. فلما صلى قالوا : يارسول الله أحدث في الصلاة شيء ؟! فقال: لا .. إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي .. فخنقته حتى وجدتُ برد لسانه على يدي .. وأيم الله لولا ما سبقني إليه أخي سليمان .. لأرتبط إلى سارية من سواري المسجد يطيف به ولدان أهل المدينة)
وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسأل أبو هريرة رضي الله عنه عندما أتاه الشيطان وهو يحرس بيت المال ..
(ماذا فعل أسيرك الليلة؟!)
وكما يقع الأسر على الشيطان .. يقع على الإنسان كما في حديث عائشة رضي الله عنها .. قالت ..
(حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثا فقالت امرأة منهن: يا رسول الله كأن الحديث حديث خرافة.. فقال: أتدرون ما خرافة ؟! إن خرافة كان رجلا من عذرة أسرته الجن في الجاهلية فمكث فيهم دهرا طويلا ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث بما رأى فيهم من الأعاجيب .. فقال الناس: حديث خرافة)
وفي هذه الحرب .. ظن إبليس ..
(ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه)
وفي هذه الحرب .. أسلوب اغتيال .. لحديث صحيح النسائي ..
(اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة .. .. وأحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي .. وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)
وفي هذه الحرب .. حصون ..
ففي حديث الأشعري .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ..
(إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ............ ....وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في إثره سراعا حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم... كذلك العبد لايحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله)
وفي هذه الحرب .. الجِوار .. وقد أراد الله سبحانه أن يحفظ عبدا من عباده من ضراوة تلك الحرب أجاره من الشيطان .. كما في حديث في قول أبو الدرداء في صحيح البخاري
(ألم يكن فيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم)
يعني عمار بن ياسر ..
بعد تحديد الصورة القتالية للحرب بينا وبين الشيطان يحسن أن نقيم هذه الحرب .. فأما أن نكون من أولياءه.. أو من أعدائه .. فما هي نتائج هذه الحرب ؟!
أ تدري أن خسائر البشر فيها .. من كل ألف .. تسعمائة وتسع وتسعون ؟!!!
ففي حديث متفق عليه يقول صلى الله عليه وسلم ..
(يقول الله لآدم يوم القيامة يا آدم .. ابعث بعث النار فيقول: يارب .. وما بعث النار ؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون في النار .. وواحد في الجنة)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:44 pm
يوسف عمر كتب:
بعد عرض تلك الصورة القتالية بيننا وبين الشيطان نبدأ في تحديد تلك العلاقة بصفة عملية .. لتحقيق المواجهة معه ..
ولأن طرف التأثير في تلك العلاقة هو عمل الشيطان فلابد من تحليل عمله .. وعلينا في ذلك الرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة .. وحتى في المعاني اللغوية ..
فمثلا ..
معنى (الشطط) هو الغلو والبعد .. و (الشط) التقابل والضد .. و (شاط) هو الاحتراق بالنار .. و (أشاط) هو الإهلاك والتلف .. و (شوطا) هو الابتعاد .. و (شطن) شيطان على صيغة فيعال .. ومادة إبليس هي الحزن والحيرة واليأس والندم ..
والشيطان من صفاته .. الإصرار .. على تحقيق الهدف .. وقد ننتبه على هذه الصفة من خلال الأفعال الواردة في القرآن الكريم ..
(ولقد صدّق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين)
وتدبر في أن الشيطان لاييأس من إضلال أحد .. وليس أدل على ذلك من أن إبليس .. قد خصص للنبي (صلى الله عليه وسلم) شيطانا .. ولم يستثن النبي (صلى الله عليه وسلم) من ذلك ..
بدليل قوله صلى الله عليه وسلم .. في حديث مسلم ..
(لكل إنسان قرين من الشيطان قالوا : حتى أنت يا رسول الله ؟ قال: نعم .. حتى أنا .. إلا أن الله أعانني عليه فأسلم)
وقد يخفق الشيطان مع الإنسان في مرحلة من مراحل إضلاله لكنه لا ييأس من مرحلة ثانية وثالثة ..
ولهذا فيثير الشيطان مشاعر ابن آدم نحو الأجداد ليتراجع عن الإسلام ويثير مشاعره نحو الوطن كي يتراجع عن الهجرة .. ويثير مشاعره نحو الزوجة والمال ليتراجع عن الجهاد ..
فيقول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح للنسائي ..
(إن الشيطان قعد لابن آدم باطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال له.. أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك. فقال: فعصاه فأسلم .. ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك... وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول .. قال: فعصاه فهاجر .. ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له: جهد النفس والمال فتُقاتل فتُقتل .. فتنكح المرأة ويقسم المال .. فعصاه فجاهد .. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة)
وقد ييأس الشيطان من تحقيق هدف له بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث أخرجه مسلم ..
(إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش بينهم)
وعندما يرضى الشيطان بالتحريش بديلا عن الشرك فإن هذا يجعلنا ننتبه إلى خطورة هذا الفعل .. فاصل المسألة أن أمر الله أن نكون أمة واحدة تعبده إلها واحدا ..
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)
والشيطان يريد نقض أمر الله فلما يئس ان نعبد مع الله إلها آخر .. اتجه إلى الأمة الواحدة ليكون التحريش والتنازع ..
فأغوى الشيطان الناس .. بالشِرك والكفر .. ثم بالبدعة .. ثم بالكبائر .. ثم بالصغائر .. ثم أن يشغله بالعمل المهم عن الأهم .. كالنافلة عن الفرض .. !
ومن وسائل الشيطان .. هو التركيز على البداية ..
ولهذا يمس الشيطان أي مولود عند ولادته .. كما يقول صلى الله عليه وسلم ..
(ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها ...)
ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه ..
(إذا جنح الليل - أو أمسيتم - فكفوا صبيانكم فإن الشيطان حينئذ ينتشر)
فالشيطان لايركز على البدايات فقط .. بل على الأزمنة أيضا .. بل حتى عند دخول البيت ..
يقول (صلى الله عليه وسلم) في صحيح مسلم ..
(إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لامبيت لكم ولا عشاء)
وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يغير المسلم وضعه عند الغضب.. فيجلس إن كان واقفا .. أو يقوم إن كان جالسا ..
ومثل تغيير موضع النوم الذي يأتي فيه الشيطان على الإنسان .. بحلم مفزع .. حيث قال ..
(إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ من الشيطان بالله ثلاثا وليتحول من جنبه الذي كان عليه)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:44 pm
يوسف عمر كتب:
الشيطان .. يركز على الوقت .. لأنه زمن محددا للهدف الضخم ..
(قال رب فأنظرني إلى يوم يُبعثون قال فإنك من المُنظرين إلى يوم الوقت المعلوم)
وحتى اليوم المعلوم ذاته .. سيحاول ويحاول ويحاول ..
(وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلومونني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرتُ بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم)
وهذا معناه أن الشيطان لن يتركك إلا حينما يكون في النار ..!!
هنا تأتي قيمة الوقت ..
فحياة كل إنسان هي فرصة لاتعوض.. ولا تقل قيمة عن فرصة حياته هو ..
لذلك قرر الشيطان أن تكون كل لحظة من لحظات حياته وحياة الإنسان موقف إفساد .. وموقف إضلال ..
ففي حديث حسن أخرجه أحمد
(إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني)
وبذلك صار في تحرك الشيطان مؤشر على قيمة الوقت وعنصر السرعة .. بدليل قوله سبحانه ..
(واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين)
حيث يدل هذا النص على موقف الشيطان فتشعر فيه بسرعة الحركة .. حيث لا مجال للوقت الضائع .. بين انسلاخ العبد من آيات الله .. ومتابعة الشيطان له ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:45 pm
يوسف عمر كتب:
أين يقعد الشيطان ؟
يقعد في طريق صراطك المستقيم .
(قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم..)
فأول محاولاته .. هي قطع أسباب الهداية .. وذلك بالتحريش بين البشر لقتل الأنبياء .. باعتبارهم موضع التلقي لوحي الله سبحانه ..
ثم تتبعها محاولات لتضييع الوحي ..
ولأنه لم يستطع أن يضيّع وحي القرآن الكريم بسبب حفظ الله لكتابه .. فتدخل في الأحاديث النبوية .. بإدخال أحاديث مكذوبة .. وأخرى موضوعة تتحقق فيها البدعة ..
لذلك .. فإن محاولة الشيطان تكون بتضييع معنى النص بالخطأ في الفهم ..
(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يُلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم)
فكيف يحدث الخطأ ؟
أما على لسان المبلغ وأما في عقل من تبلغه الدعوة .. وأما بتضييع آثار الفهم والصواب للنص ..
لذلك ..
يقول الحق سبحانه ..
(فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)
ثم تأتي بعد ذلك الفطرة .. باعتبارها أهم أسباب الهداية ..
والشيطان لايستطيع انتزاع الفطرة من كيان الإنسان ..
وعمل الشيطان يتقابل مع الفطرة في كل صورها ..
ولذلك نجد الشيطان يقترن باللبن باعتبار أن اللبن يمثل الفطرة .. كما في حادثة الإسراء عندما قُدم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمر ولبن فاختار اللبن .. فقال جبريل عليه السلام ..
ويقول فيما زاد عن الحاجة في الدواب .. في حديث حسن أخرجه أبو داود ..
(تكون إبل للشياطين .. وبيوت للشياطين .. فأما إبل الشياطين فقد رأيتها .. يخرج أحدكم بخبيثات معه.. قد أسمنها .. فلا يعلو بعيرا منها .. ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله.....)
حتى أثناء ترك الإنسان للفراش فإن من الممكن أن يستغله الشيطان .. ومن هنا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه..
(إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات فإنه لايدري ما خلفه عليه بعده....)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:47 pm
يوسف عمر كتب:
لماذا يريد الشيطان أن يدرك نقطة ضعف الإنسان ؟
فهذه حقيقة يجب أن ندركها ..
فالشيطان أدرك حقيقة خلقنا من قبل حتى.. أن يُنفخ في آدم عليه السلام .. الروح
بدليل قوله صلى الله عليه وسلم .. في صحيح مسلم ..
(لما خلق الله آدم أخذ إبليس يطيف به .. فوجده أجوفا .. فعلم أنه خلق لايتمالك)
ولعل هذا الموقف الشيطاني هو البداية الحقيقية لكل دراسة تهدف إلى إضلال الإنسان وإفساده ..
فكيف عرف إبليس أن هذا (خلقا لايتمالك) وهو لم يزل بعد طينا ؟!!
لقد عرف إبليس أن إحساس الأمل عند الإنسان هو أكبر عند الإنسان من أجله وحياته ..
بدليل حديث ابن مسعود حين قال ..
(خط لنا رسول الله خطا مربعا وخط وسطع خطا وجعله خارجا منه وخط عن يمينه ويساره خطوطا صغار فقال هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا أمله قد جاوز أجله وهذه الخطوط الصغار الأعراض فإن اخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا)
ولذلك قال الله تعالى ..
(واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال وعدهم .. وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
وقال أيضا ..
(قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخُلد ومُلك لايبلى)
ثم تحول الاسلوب إلى أمر آخر
وهو استخدام أنثى البشر .. لغواية الذكور ..
وكما قال صلى الله عليه وسلم
(اتقوا الدنيا وأتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:47 pm
يوسف عمر كتب:
ثم استغل الشيطان المرض .. ومن هنا كانت شكوى أيوب عليه الصلاة والسلام من تأثير الشيطان عليه في مرضه ..
(واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب)
ولما كان المرض من أجل التأثير على الإنسان وفتنته فقد ربط الشيطان بين أمراض الإنسان ودينه ..
فعن عثمان ابن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجعا في جسده منذ أسلم فقال له صلى الله عليه وسلم ..
(ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا .. وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)
وكما جاء في رقية الرسول (صلى الله عليه وسلم) للحسن والحسين
(أعوذ بكلمات الله التامة من شر شيطان وهامة ومن كل عين لامة)
وأكد النبي (صلى الله عليه وسلم).. أن المرض من عمل الشيطان بصورة مباشرة عندما سئل عن الطاعون فقال .. في صحيح أخرجه أحمد
(إنه وخز أعدائكم الجن .. وإنه شهادة للمسلم)
وطبقا لهذه القاعدة .. لم يتوقف الشيطان عند حد استغلال الضعف في النساء بل أنشأ فيهن ضعفا جديدا .. وهو الاستحاضة .. ففي حديث صحيح أخرجه أحمد .. من حديث حمنة جحش ..
(كنت استحاض حيضة شديدة فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه فقلت: يارسول الله إني أستحيض حيضة شديدة كثيرة فما ترى فيها ؟ قد منعتني الصلاة والصيام .. قال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت: هو أكثر من ذلك قال: فاتخذي ثوبا قلت: هو أكثر من ذلك قال: فالتجمي قالت: إنما أثج ثجا قال: سآمرك بأمرين أيهما فعلت فقد أجزأ عنك الآخر .. فإن قويتِ عليهما فأنت ِ أعلم .. إنما هذه ركضة الشياطين .. فتحيضي ستة أيام وسبعة في علم الله)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:48 pm
يوسف عمر كتب:
يقول الحق في كتابه الكريم مخاطبا الشيطان ..
(واستفزز من استطعت منهم بصوتك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
وفي الحقيقة .. أن صوت الشيطان أمر غير محسوس للإنسان لكن الاستفزازات تأتي ممن يفعلون ما يحبه الشيطان ..
كصوت النساء في صراخهن على الميت ففي حديث أم سلمة قالت
(لما مات أبو سلمة قلت: غريب ومات بأرض غربة .. فأفضتُ بكاءً فجاءت امرأة تريد أن تسعدني من الصعيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تريد أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه ؟! فقالت: فلم ابك عليه)
ومن الأصوات الاخرى .. صوت الإنسان في التثاؤب ..
بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول صلى الله عليه وسلم .. في حديث أخرجه مسلم..
(إن الله يحب العطاس ويبغض التثاؤب فإذا قال أحدكم : هــا هــا .. فإن ذلك الشيطان يضحك من جوفه)
ومن الأصوات الأخرى صوت الأجراس ..
بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث اخرجه أحمد
(إن لهذه الأجراس تابعا من الشياطين)
والاستفزاز بالصوت .. هو إثارة مشاعر الإنسان وحميته لدفعه إلى الشر .. مثلما حرك إبليس قريش لمحاربة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. في غزوة بدر .. بصوت النساء ينشدن ..
إن تقبلوا نعانق .. ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق .. فراقا غير وامق
ومثلما أنشد أحد الشعراء اليهود شعرا في حرب بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج حتى كادت الحروب تقوم بينهم مرة أخرى ..
فالشيطان إذن لايستطيع أن يحدث صوتا مباشرا في الواقع البشري إلا من خلال التسلط ..
ودليل ذلك .. صاح إبليس يوم أحد (قتل محمد) وسمعته الصحابة وكان هذا الصياح تسلطا بسبب مخالفتهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:48 pm
يوسف عمر كتب:
من الأمور الأخرى التي يتسلح بها الشيطان .. هي السُلطة ..
فهي مذهب أساسي في حركة إبليس ولذلك ارتبط هدف الإضلال بها حتى صارت كلمة سلطان .. هي اللفظ المرادف لعمل الشيطان ..
كما في قوله تعالى ..
(إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)
وقوله سبحانه ..
(إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون)
ولذلك ..
صار الشيطان تحقيقا لمذهب السلطة يختار من أي شيء .. موضع السيطرة فيه ..
مثلما يختار من الإنسان قلبه .. لأنه به يفسد الجسد كله ..
ومثلما يختار من البعير ذروته .. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث حسن أخرجه أحمد ..
(ما من بعير لنا إلا وفي ذروته شيطان فاركبوهن واذكروا اسم الله عليهن)
ولذلك ..
لم تركب مريم ابنة عمران بعيرا قط وهذا من تمام الحفظ من الشيطان ..
ويختار الشيطان الذروة حتى يحقق لنفسه علوا في الأرض..
والعلو .. قرين السُلطة ..
مثلما يختار من الكون الشمس عند شروقها حتى تتحقق له السيطرة الكونية ..
فعن عائشة رضي الله عنها قالت.. أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ..
(لاتتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان)
غير أن الصورة التطبيقية المباشرة لقضية السلطة في حركة إبليس هي سلطة اختيار الحُكم على الناس .. بدليل قوله تعالى ..
(ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا)
ومن هنا يمكن التقرير بأن أي سلطة جاهلية ما هي إلا إمتداد لسلطة إبليس الذي صنع لنفسه عرشا فوق الماء .. لتنتهي إليه كل السلطات الجاهلية القائمة على وجه الأرض..
فكل من يحتل من البشر موقعا للحكم بغير ما أنزل الله هو شيطان .. رغم صورته البشرية .. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم .. في حديث أخرجه مسلم عن حذيفة اليمان..
(يكون بعدي أئمة لايهتدون بهديي ولايستنون بسنتي فيهم رجال .. قلوبهم : الشياطين في جثمان إنس)
فأصبحت صفة الشيطنة ملازمة لكل صاحب سلطة جاهلية..
(وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)
ويدخل في ذاك الباب ... السحر باعتباره باطلا وكذبا .. لأنه يحقق للحاكم الظالم أغراضه .. وليس هناك فارقا بينهما إلا في الشكل والاسم..
ولما كان جميع الناس هدفا لإضلال إبليس وكانت السلطة أساس لتحقيق هذا الهدف..
استطاع إبليس أن يسلط الرجل على أهله .. وعلى بيته .. وعلى عمله .. وعلى طعامه .. وعلى شرابه .. وعلى ماله .. وعلى أولاده .. وعلى أرحامه .. وغيرها كثر ..
ولأجل أن خطورة السلطة الإسلامية على الشيطان قد بلغت ان تكون حرزا للأمة منه. فإننا نجد أنه لايطيق قيامها ودليل ذلك هو موقف الشياطين من مُلك سليمان عليه السلام حيث جاء تفسير قول الله تعالى ..
(ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب)
فقول ابن عباس ومجاهد وقتادة وسعيد بن جبير والحسن.. بأن (جسد) يعني شيطان مؤكدين أنه كانت هناك محاولة انقلاب شيطانية ضد حكم سليمان عليه السلام فقدر الله فشلها ونجاته منها .. بعد بلاءه بها..
ولعل هذه الحقيقة تكون تنبيها للذين يتلهفون على قيام السلطة الإسلامية دون الاستعداد للمحافظة عليها بعد قيامها.. إذ ان العقبات التي يضعها الشيطان في سبيل قيام هذه السلطة تكون قليلة إذا ما قورنت بمحاولاته لإسقاطها فيما بعد ..
فلما فشلت المحاولة الشيطانية ضد سليمان عليه السلام في حياته لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قدمت الشياطين تفسيرا باطلا لسلطته بعد موته .. مما يعني أن الشيطان لايقاوم فقط واقع السلطة الإسلامية إذا قامت .. بل يقاوم مجرد أن تكون هذه السلطة .. إذا غابت عن الواقع .. تجربة تاريخية ناجحة ..
(واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ..)
فالشيطان يبحث في التاريخ النظيف .. ويعمل على اتساخه كي تنساه الناس ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:48 pm
يوسف عمر كتب:
السامري
قصة السامري تعد نموذجا سياسيا خبيثا لأساليب إهدار أي زعامة إسلامية التفت حولها الأمة .. فبلغت مقام السلطة عليها
السامري .. هذا الاسم الذي لم يظهر إلا مع العجل بعد أن كان مختفيا عن الأحداث الجليلة والمواقف الخطيرة فلم يكن له ذكر في مهمة الخروج وقضية النجاة .. مختفيا يترقب من بعيد فرصته السياسية بعد زوال الخطر ...
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:49 pm
يوسف عمر كتب:
ولما كان النظام صفة سياسية للسلطة فقد أخذ الشيطان تحركه من تلك الصفة ...
فهناك سلطة على أعلى مستوى تبدأ من عند الكرسي الذي يجلس عليه إبليس وتنتهي عند أقل مستوى ممثل في سلطة أي شيطان .. على الشياطين التي تشاركه عملا من الأعمال ..
بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا لم يذكر الله قال : أدركتم المبيت والعشاء)
والخطاب موجه من الشيطان إلى زملائه الذين معه ليحفظ بكلامه حقه وحقهم معه في المبيت والعشاء وكذلك إذا دخل الرجل ولم يذكر اسم الله وبذلك يكون شيطان واحد قد حدد موقف جماعة الشياطين الذين معه ..
وهذا نظام ...!
والسلطة بكل مستوياتها تقوم على التفاضل بين الشياطين .. والتفاضل يكون بمقدار الفساد الذي يقوم به الشياطين فيثبت بذلك ارتباط نظام الشياطين بهدفه..
بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشياطين بالنسبة لإبليس
(وأعظمهم مكانة .. أعظمهم فتنة)
ومن أجل أن القرب من إبليس يكون بمقدار الفساد فإننا نجده ـ لعنه الله ـ قد صنع لنفسه عرشا وجعل حول العرش حيات..
بدليل حديث ابن صياد عندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " له ماذا ترى ؟ قال : أرى عرشا حوله حيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عرش إبليس "
والشكل التنظيمي .. نجده في تخصيص شيطان لكل إنسان بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن)
وفي تفسير قوله تعالى
(وقال قرينه هذا ما لدي عتيد )
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم : " هو الشيطان الذي وكل به "
فهناك شيطان لكل شأن من شؤونك .. وهناك شيطان لكل مكان من الأماكن التي تزورها ..
بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المكان الذي طلعت فيه الشمس على الصحابة دون أن يصلوا الصبح
(إن في هذا المكان شيطانا)
وعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها
(اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها , وشر ما فيها )
وقال صلى الله عليه وسلم
(من نزل منزلا ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .. لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك )
ولذلك كان رسول الله يقول إذا دخل واديا
(أعوذ بالله من أهل هذا الوادي)
وعندما جاءت الجن لتبايع النبي صلى الله عليه وسلم كانت تسمى بأسماء الأماكن التي يسكنونها مثل جن نصيبين ..وجن نينوى..
ومن هنا كان من مبادئ الحرز من الشيطان .. الخروج من أماكن التسلط .
مثلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل من المكان الذي طلعت فيه الشمس على الصحابة دون أن يصلوا .. وأمر بالرحيل
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:49 pm
يوسف عمر كتب:
ولكي ندرك عمق النظام في واقع الشيطان نعلم أن تسمية الشيطان ... تتبع الوظيفة التي يؤديها ..
بدليل أن الشيطان الذي تخصص في إفساد الصلاة يقال له خنزب كما في حديث عثمان بن أبي العاص حيث أتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : " يا رسول الله , إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا .. قال : ففعلت فأذهبه الله عني "
والشيطان الذي تخصص في الوضوء يقال له : الولهان كما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان)
ومنذ أن سمي إبليس بهذا الاسم تحققت فيه كل معانيه وهي الأبلسة بعناصرها الأساسية : الخوف والندم والحزن واليأس ..
وحين حدث ذلك .. أصبح لكل شيطان اسم .. وأصبح هذا الاسم دليل خطيئة هذا الشيطان .. ووظيفة هذا الشيطان .. وأثر هذا الشيطان ..
ولنأخذ لذلك مثلا نجده واضحا في شيطان الصلاة .. واسمه " خنزب " .. وكلمة خنزب معناها... قطعة اللحم النتن .. وقال أبو عمر : وهو أي خنزب لقب للشيطان ومنها خُنزب بالضم يكون بالتخلل بين المصلين وتغييب الإنسان أثناء الصلاة لإحداث السهو وحرمان المصلي من ثواب صلاته ..
ومنع الإنسان عن الصلاة .. معناها فقد الإرادة .. وأقرب صفة للإنسان بلا إرادة .. هي قطعة اللحم النتن . لأن الإنسان بلا إرادة كتلة لحمية هامدة لا حراك لها و لا روح فيها ..
لأن (الذي يذكر الله والذي لا يذكره كالحي والميت) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ...
ولأن (صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا ) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فالذي لا يصلي ميت .. وبيته القبر .. ومن هنا يبرز في الإنسان التارك للصلاة .. صفة الشيطان الذي منعه من الصلاة فيصير الإنسان هو الآخر .. خنزب ..!
ولأن شيطان الصلاة يتخلل الصلاة والتخلل يكون خلال أصغر ثغرة ممكنة فإن وصف شيطان الصلاة بقطعة اللحم المنتنة تقرب الاسم من الوصف وكأنه قطعة لحم تتخلل الثغرة .
وتحقق اسم خنزب بترك الصلاة يتبع حقيقة أخرى وهي أن بعد الإنسان عن الصلاة يظهر فيه صفة الطين بلا نفخة من روح الله والطين من حمأ مسنون ومسنون أي عفن الأمر الذي يعين الشيطان على تحقيق اسمه ووظيفته في الإنسان بغير صلاة ...
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:50 pm
يوسف عمر كتب:
أما شيطان الوضوء .. أو شيطان الماء .. فيسمى الولهان من الوله .. والوله هو الحزن وذهاب العقل والتحير من شدة الحزن أو الخوف ..
ولعلنا نلاحظ في الاسم اجتماع عناصر الأبلسة.. وهي الحيرة والخوف والحزن .
ووظيفة شيطان الماء : هي الوله بالماء ومنه كان الاسم ولهان ..
أما علاقة عناصر الأبلسة بالوله فهي الآثار المتحققة من وله الإنسان بالماء .. وهو مرض وسواس الماء الذي يصيب الإنسان والعياذ بالله فيصبح مسرورا جدا بقربه من الماء فإذا ابتعد الماء عنه أصابته حيرة شديدة.. وحزن شديد .. وخوف شديد ..
ومثل ثالث من أسماء الشيطان هو : الأجدع .. ومعناه لغة : مقطوع الأنف والجداع : الموت . والمجادعة : المخاصمة وجادعه مجادعة وجداعا : شاتمه وأثاره . وجدع النبات : القحط وجدع الغلام : ساء غذاؤه وجدعته : سجنته وحبسته وجدع الرجل عياله : إذا حبس عنهم الخير ويقال هو الشيطان والمارد والمارج ...
وروي عن مسروق أنه قال : " قدمت على عمر فقال لي : ما اسمك ؟ فقلت : مسروق ابن الأجدع قال : أنت مسروق بن عبد الرحمن حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأجدع شيطان " .
والجنادع : الأحناش .. وهي الحيات السوداء أعظم من الثعبان
وللاسم علاقة أصلية بالشيطان لأن الأجدع مقطوع الأنف والقطع من النقص الذي هو طبيعة ذاتية للشيطان ..فهذا أمر
لكن الملاحظة العجيبة والخطيرة أن لا تخرج جميع مشتقات الاسم عن أعمال الشيطان وآثاره في الواقع .. .
وبمثل الدقة التي تكون في تسمية الشيطان حسب وظيفته .. يكون التناسب بين أسلوب الإفساد وبين العمل الصالح المراد إفساده ..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:51 pm
يوسف عمر كتب:
في تفسير قول الله عز وجل
(كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير )
قال مجاهد : " يعني الشيطان , كتب عليه كتابة قدرية " أنه من تولاه " أي اتبعه وقلده " فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير " أي يضله في الدنيا .. ويقوده في الآخرة إلى عذاب السعير ..
وهذا التفسير الذي قاله مجاهد.... يدل على أن أثر الشيطان على الإنسان .. أمر قدري مكتوب لا يخرج عن إذن الله ومشيئته الكونية ..
والتصور القدري لقضية الشيطان ينبني على عدة حقائق :
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:51 pm
يوسف عمر كتب:
لكن هل أن الشيطان بلاء للإنسان ؟
في تحديد معنى البلاء من الشيطان .. يثبت أن لهذا المعنى ثلاثة حدود :
الحد الأول : أن البلاء هو الأمر الذي لا يمنع الحرز حدوثه أصلا لأ الحرز لا يمنع البلاء ... لكن يمنع التسلط ..
الحد الثاني : أن البلاء بالشيطان قائم .. باعتبار أن الوجود الانساني على الأرض هو الأساس .. في العلاقة الكونية بين الإنسان والشيطان .
الحد الثالث : أن البلاء بالشيطان مرتبط بالصفة الأساسية للبلاء بمعناه العام وهو العدل .. بمعنى أن البلاء بالشيطان يتفق مع إمكانية الإنسان في التغلب عليه .. والنجاة منه ...
لكن ما هي أمور البلاء التي تتحقق ولا يمنع الحرز حدوثها ولكن يمنع آثارها ؟
(1) القرين وهو الشيطان المخصص لكل إنسان كما أسلفنا وهذا يعني أن القرين بمعنى البلاء ... يكون بقدر الله .. فإذا أعان الله الإنسان عليه .. كتبت له النجاة منه ,.. ولا يستطيع إبليس أن يجعل للإنسان قرينا غير القرين الذي تغلب عليه الإنسان.. لأن البلاء بالقرين ينتهي بهذه الغلبة .. بدليل أن قرين رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أسلم بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ...
وأحيانا يأتي البلاء بالقرين بمعنى التسلط .. كما في قوله تعالى
(ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا )
( ومن يعش عن ذكر الرحمن يقيض له شيطانا فهو له قرين)
(2) النخس عند الولادة بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مولود إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا .. من نخسه إياه .. إلا مريم وابنها "
(3) حظ الشيطان والدليل عليه في حادثة شق الصدر الأولى.. التي حدثت للرسول صلى الله عليه وسلم
" فعن أنس بن مالك أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه .. فاستخرج من القلب علقة .. فقال : " هذا حظ الشيطان منه " ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه "
وواضح من النص أن هذا الأمر بقدر الله . لأن لفظ حظ : هي أن تنال شيئا .. دون أن تبذل جهدا فيه وهذا يعني أن حظ الشيطان من الإنسان .. ليس بجهد أو عمل من الشيطان....
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:53 pm
يوسف عمر كتب:
(4) الجري من ابن آدم مجرى الدم فعن علي بن الحسين عن صفية بنت حيي أم المؤمنين قالت
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته .. ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقليني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي : على رسلكما .. إنها صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله يا رسول الله فقال : إن الشيطان يجري من بني آدم مجرى الدم .. وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شر ـ أو شيئا "
(5) الحلم بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الرؤيا الصالحة من الله .. فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث إلا من يحب وإذا رأى ما يكره .. فلا يحدث به.. وليتفل عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. فإنها لن تضره "
(6) البيات في الأنف لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذا استيقظ أحدكم من منامه , فليستنثر ثلاث مرات .. فإن الشيطان يبيت على خياشيمه "
(7) العقد على القافية : بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
" يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام .. ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ وذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ إنحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس .. وإلا أصبح خبيث النفس كسلان "
(7) الوسوسة : التي هي مبادئ الإرادة فإن القلب يكون فارغا من الشر والمعصية .. فيوسوس إليه ويخطر الذنب بباله فيصوره لنفسه ويمنيه ويشهيه.. فيصير شهوة ..ويزينها له ويحسنها ويخيلها له في خيال تميل نفسه إليه.. فيصير إرادة فلا يرى إلا صورة المعصية والتلذذ بها فقط ,.. وينسى ما وراء ذلك فتصير الإرادة عزيمة جازمة.. فيشتد الحرص عليها من القلب فيبعث الجنود في الطلب فيبعث الشيطان معهم مددا لهم وعونا فإن سكنوا .. حركهم وإن ونوا .. أزعجهم ,
كما قال تعالى
( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا)
فالخطرة .. ثم الفكرة .. ثم الشهوة .. ثم الإرادة .. ثم العزيمة الجارفة .. ثم الذنب ..
والصدر هو موضع الوسوسة .. وتأمل السر في قوله تعالى..
( الذي يوسوس في صدور الناس)
ولم يقل في قلوبهم فالصدر هو ساحة القلب وبيته فمنه تدخل الواردات إليه فتجتمع في الصدر ثم تلج في القلب فهو بمنزلة الدهليز له ومن القلب تخرج الأوامر والإرشادات إلى الصدر ثم تتفرق على الجنود ...
وليس هناك أي علامة نستطيع أن نفرق بها بين الخطأ الذي يأتي من النفس.. والخطأ الذي يأتي من الشيطان..
لأن وسوسة الشيطان تزيين للنفس .. بحيث يبلغ هذا التزيين درجة الدافع الذي يأتي من النفس ذاتها ..
( التمثل : فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
" وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت .. فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت : والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني محتاج .. وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال : فخليت عنه فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قال قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا .. فرحمته فخليت سبيله قال : أما أنه قد كذبك .. وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : دعني فإني محتاج ولي عيال .. لا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة .. ما فعل أسيرك ؟ قال قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا .. فرحمته فخليت سبيله . قال : أما أنه كذبك .. وسيعود.. فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وهذا آخر ثلاث مرات . إنك تزعم لا تعود . ثم تعود .. قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت : ماهي ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " حيث تختم الآية .. فإنك لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت : يارسول الله .. زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال : ما هي ؟ قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك .. فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " وقال لي : لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح
وكانوا أحرص شئ على الخير
فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه صدقك .. وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قلت : لا .. فقال : ذاك الشيطان "
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:53 pm
يوسف عمر كتب:
وفي التمثل .. عن ابن عباس قال
" جاء إبليس يوم بدر في جند من الشيطان .. معه رايته في صورة سراقة بن مالك فقال الشيطان للمشركين : " لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم " وأقبل جبريل إلى إبليس فلما رآه .. وكانت يده في رجل من المشركين انتزع إبليس يده ... فولى مدبرا هو وشيعته .. فقال الرجل : يا سراقة . تزعم أنك لنا جار قال : " إني برئ " ذلك حين رأى الملائكة ...
لكن اختيار إبليس لصورة سراقة بن مالك وهو يتمثل للمشركين داعيا إياهم إلى قتل النبي صلى الله عليه وسلم أمر له دلالة عنده .. !!
فسراقة بن مالك .. الرجل الذي كاد يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في طريق الهجرة ويدل عليهما المشركين ليقتلوه .. وكم تمنى إبليس أن يتم ذلك لولا إرادة الله سبحانه وتعالى بغير ذلك ونجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. بغرس ساق الفرس الذي يركبه سراقة في الرمال بقدرة الله تبارك وتعالى لكن الأمنية بقيت في نفس إبليس ..
وها هي فرصة ثانية لقتل النبي صلى الله عليه وسلم تذكر إبليس بالفرصة الأولى .. وتذكره أيضا بالرجل الذي كان سيسلمه إلى قريش فيتمثل بصورته في فرصته الثانية .. .
وكان سراقة بن مالك بشرى على غلبة هذا الدين وامتداده .. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب أن يخذل عنه ووعده بسواري كسرى .
ويريد إبليس أن يذهب بالبشرى فيصبح سراقة صاحب الموقف .. هو الصورة التي بتمثلها وهو يدعو إلى قتل النبي صلى الله عليه وسلم .. ظنا منه بأنه سيقتل .. فتضييع العلامة .. وتتبدل البشرى .. وتتحول صورة سراقة بدلا من علامة للبشرى للنصر والفتح .. إلى شكل للشؤم والقتل للدعوة في أول غزواتها .. ويتهدم دليل بارز على الأساس العقيدي السليم للرؤيا المستقبلية للدعوة.
لكن الصورة التي لا يستطيع الشيطان أن يتمثل بها .. هي صورة النبي صلى الله عليه وسلم .. بدليل قوله صلى الله عليه وسلم
( من رآني في المنام فقد رآني حقا . فإن الشيطان لا يتمثل بي)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:55 pm
يوسف عمر كتب:
من هنا فإن أي حالة من حالات الرؤية للشيطان أو ظهوره لنا .. يعتبر خرقا كونيا يرتبط بطبيعة النظام الكوني المتغير حسب الأمم والقرون..
فلما كانت الخوارق الكونية قبل بعثة الرسول ـ مثلا ـ أمرا طبيعيا نجد أن الظهور الكوني للشياطين يأخذ تلك الصفة الطبيعية...
مثال تلك الحادثة
" بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل فقال عمر : لقد أخطأ ظني ..أو أن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم..علي بالرجل فدعي له فقال له ذلك فقال : ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قال : فإني أعزم إلا ما أخبرتني قال : كنت كاهنهم في الجاهلية قال : فما أعجب ما جاءتك به جنيتك ؟ قال : بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت : " ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها " قال عمر : صدق . بينما أنا نائم عند آلهتهم إذا جاء رجل بعجل فذبحه فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد منه .. يقول " يا جليح .. أمر نجيح .. رجل فصيح .. يقول : لا إله إلا الله " .. فوثب القوم , قلت لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذه ثم نادى : " يا جليح أمر نجيح رجل فصيح يقول : لا إله إلا الله " فقمت , فما لبثنا أن قيل : هذا نبي "
وعندما تظهر الخوارق في آخر الزمان .. يكون ظهور الشيطان كذلك بصفة طبيعية .. وخصوصا عند ظهور الدجال .. الذي سيكون أشد فتنة من الشياطين ,..فيصيرون جنودا له ويعملون بأمره
ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" يقول للرجل ـ يعني الدجال ـ أرأيت إن بعثت أباك وابنك ومن تعرف من أهلك .. أتعلم أني ربك ؟ فيقول : نعم . .. ويتمثل له الشياطين على صورهم فيتبعه "
ولما كان الظهور الشيطاني يعتبر تسلطا فإنه يرتبط بجهل المجتمع لأنه بالجهل تكون الذنوب .. التي يكون بها التسلط ...
ولذلك يقول ابن تيمية :
" وكلما كان القوم أجهل كان ـ يعني الخوارق الشيطانية ـ عندهم أكثر "
أما الجن المسلم فإن له ظهورا شرعيا في الواقع البشري وأساس هذا الظهور : هو رضا البشر وإذنهم
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :
"إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك .. فاقتلوه .. فإنما هو شيطان "
ولأجل أن رضا البشر المسلم شرط في ظهور الجن المسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الحية إذا ظهرت بعد عدم الإذن لها .. كدليل على أنها ليست جنا مؤمنا .
ومن حقائق الوضع الكوني للجن على الأرض أن العناصر الكونية تدرك الوجود الكوني للجن سواء أكان جنا كافرا شيطانا أو جنا مسلما ولذلك قال هدهد سليمان
( وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون)
أما كيف يرتبط بلاء بلاء الشيطان بالصفة الأساسية للبلاء بمعناه العام ..وهو العدل فإن أول حقائق هذا الارتباط هي : ضعف الشيطان .. الذي يساوي ضعف الإنسان..
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:56 pm
يوسف عمر كتب:
هل الشيطان ضعيف ؟
الضعف هو الأصل في موقف الشيطان وذلك باعتبار أن هذا الموقف نشأ أساسا بمعصية الله عز وجل فكان من نتائج تلك المعصية .. أن كتب الله عز وجل عليه الدحر
( قال اخرج منها مذؤوما مدحورا)
حيث أن صفة الدحر تعني الضعف والهزيمة ..
ولأجل أن الضعف هو الأصل في موقف الشيطان فإن كيده ارتبط بأصل موقفه
(قاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا)
وقد أراد الله سبحانه أن يؤكد لنا ضعف الشيطان من خلال قصة سليمان .. عليه السلام ..
وهذه القصة بالذات فيها تحديد واضح لضعف الشيطان حيث جاء ثبوت الضعف مع ذكر أقصى قدرات الشياطين وإمكانياتهم العملية فحقق ذلك الإحتواء التام لأي شعور بقدرات الشيطان قد يؤثر في اليقين بضعفه أو يورث في النفس إكبارا له ..
وكما هو واضح من النص أن الشياطين مسخرة لسليمان ولا تستطيع الزيغ وأن هذا التسخير قد سبق قدراتهم ...
كما تبع ذكر هذه القدرات إثبات جهل الشياطين لموت سليمان , إلى أن دلهم على موته دابة صغيرة ضئيلة من دواب الأرض ولعل ما يزيدنا إحساسا بضغف الشيطان ...
هو أسلوب التفل الذي نمارسه كحرز منه مثلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إذا رأى أحدكم ما يكره في النوم , فليتفل عن يساره اليسرى ثلاثا )
وقال
(إذا عرض الشيطان لأحدكم في صلاته .. فليتفل عن يساره وتحت قدمه اليسرى ثلاثا )
فنلاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالتفل .. وفي هذا تحقير والتفل عن اليسار ... وفي هذا زيادة في التحقير ثم تحت القدم اليسرى .. فيبلغ التحقير منتهاه .. . إلى درجة يكاد الإنسان لا يشعر فيها بوجود الشيطان .. بعد انتقاصه في الإحساس إلى هذا الحد . ...
وقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤكد لنا ضعف الشيطان فقبض عليه وقال
(مر علي الشيطان فأخذته فخنقته حتى لأجد برد لسانه في يدي فقال : أوجعتني .. أوجعتني)
وفي رواية
(لولا دعوة أخي سليمان لربطته في سارية المسجد يلعب به الصبيان المدينة)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: رد: عندما ترعى الذئاب الغنم الخميس مايو 24, 2018 7:56 pm
يوسف عمر كتب:
ولما كان في البلاء معنى العدل من حيث الأصل فإن أي تجاوز من الشيطان لهذا الأصل يقابله تدخل الملائكة بالصورة التي تقابل هذا التجاوز , تحقيقا لمعنى العدل ...
ومن هنا كان تدخل الملائكة في غزوة بدر حدثا مقابلا لتدخل إبليس المباشر في أحداث تلك الغزوة ...
وهذا في حدود معنى البلاء .. أما في غزوة أحد . فلم تتدخل الملائكة رغم التدخل المباشر لإبليس في الغزوة وصياحه...
بدليل حديث عائشة قالت
( لما كان يوم أحد .. هزم المشركون فصاح إبليس : أي عباد الله ...أخراكم فرجعت أولاهم فاجتالت هي وأخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان قال : أي عباد الله . أبي .. أبي .. فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة : غفر الله لكم قال عروة : فما زالت في حذيفة منه بقية خير حتى لقي الله )
وذلك لأن تدخل إبليس في أحد لم يكن بلاء بل كان تسلطا .. بسبب المخالفة التي وقع فيها المسلمون ..
وضعف الشيطان من حيث علاقته بالإنسان له جانبان .. جانب العلاقة الكونية .. وجانب التأثير والمواجهة ..
ففي جانب العلاقة الكونية .. يكون موقف الشيطان ضعيفا باعتبار النظام الكوني المحدد لتلك العلاقة وذلك أن خروج الشيطان عن هذا النظام بالتمثل ..بفقده قدراته الشيطانية ليأخذه قدرة الشئ الذي تمثل به.. مثلما تمثل في صورة رجل يسرق بيت المال فلم يتمكن من الفرار من يد أبي هريرة
أما جانب التأثير والمواجهة ... فإن موقف الشيطان يرجع إلى موقف الإنسان من الله سبحانه وتعالى فإن كان مؤمنا فإنه يقهر شيطانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
(إن المؤمن ليضني شيطانه كما يضني أحدكم بعيره في السفر)