قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: سورة نــوح الإثنين مايو 21, 2018 12:31 pm
رند الناصري كتب:
أرسل الله سيدنا نوح (عليه السلام) إلى قومه بعد أن بُعث وعُمره خمسون أو 350 سنة في بعض الأقوال ولبث في قومه يدعوهم 950 سنة
هل كانوا معمرين ؟؟!! لا
يقال إن هو وحده الذي عُمّر وقد شهد منهم سبعة قرون هم يموتون وهو باق بينهم يدعوهم فحياته عبارة عن معجزة وهم يكذبونه ويؤذونه ويجتمعوا حوله ويضربوه فإذا أفاق قام يدعوهم مرة أخرى
بل ويأتي الرجل وهو يتوكأ على عصاه وفي آخر مراحل عمره ومعه حفيده ويذهب عند نوح ويقول لحفيده: أحذركم من هذا الرجل فقد حذرني منه أبي وهكذا جيلا بعد جيل وما آمن معه إلا قليل
شيخ المرسلين .. صلى الله عليه وسلم ولم ييأس أبدا إلا حين أخبره سبحانه انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فعلم نوح أنه لا فائدة فدعا عليهم بأمر الله
وسورة نوح هي سورة مكية تُعنى بالعقيدة وتثبت أصول الإيمان
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه.. أرسله الله إلى قومه خاصة
أن أنذر قومك .. والإنذار يعني إخبار فيه تخويف مع إعطاء مهلة للمنذور من قبل أن يأتيهم عذاب أليم .. وهو عذاب الطوفان أو عذاب الآخرة أو كلاهما
قال ياقوم إني لكم نذير مبين... أنا لكم منذر واضح تعرفوني وأنا منكم وتعرفون أصلي ونسبي
أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون.. طلب منهم 3 أشياء لم يطلب مُلكا ولا جاها ولا مالا ولا شيئا لنفسه اعبدوا الله أي وحدوه واتركوا عبادة الأصنام واتقوه: أبتعدوا عن نواهيه واطيعون.. اتبعوني في اوامر الله الملقاة إلي
يغفر لكم من ذنوبكم .. لأنه وعد الله لكم إذا آمنتم به (من ذنوبكم) من هنا للبيان أي يغفر لكم ذنوبكم التي لاتتعلق بحقوق العباد أو يغفر لكم ذنوبكم لأن الإسلام يجبّ ما قبله
ويؤخركم إلى أجل مسمى .. والأجل هنا اختلف العلماء فيه فقالوا: إما أن الله كتب لكل عبد أجلين فإن آمنوا مُد لهم في أعمارهم وإن لم يؤمنوا جاءهم الأجل العاجل أو قالوا هو أجل واحد لكن التأخير أي يؤخر عنكم العذاب فتموتون في سلام بلا غرق ولا تعذيب ولا حرق
إن أجل الله إذا جاء لايؤخر ... إذن هنا هو أجل واحد فهو لايؤخر أبدا إذا جاء موعده و هذا يرجح الرأي القائل بالأجل الواحد
لو كنتم تعلمون... أي إن كنتم تعلمون ذلك ولآمنتم ولعلمتم أن مصيركم الموت وليس في شك منه كما أنتم الآن
قال رب إني دعوتُ قومي ليلا ونهارا .. يشكو نوح لربه وبين لنا أنواع الدعاء فمرة دعاهم سرا فردا فردا ومرة جماعات ومرة ذهب إليهم في البيوت بيتا بيتا ومرة خطب فيهم معلنا ومرة يأتيهم في نواديهم نهارا ومرة يأتيهم ليلا وهم على وشك النوم
فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ... كانوا يفرون منه بدل أن يفروا إليه
وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم ... هذه الآية كفيلة أن يؤمنوا لأنه كان يدعوهم ليغفر لهم الله فكان الأجدر بهم أن يصدقوه كونه يريد أن يخفف من الأحمال التي كانت عليهم يدعوهم للسعادة فيولون مدبرين
جعلوا أصابعهم في آذانهم .. بدل أن يؤمنوا به كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم و ربما كناية عن شدة الاعراض أو فعلوا ذلك فعلا
واستغشوا ثيابهم .. غطوا رؤوسهم بالثياب كي لايروه كراهة له وكراهة لدعوته سبحان الله
وأصروا واستكبروا استكبارا.. اصروا على المعاصي واستكبروا على الله واستكبروا على نوح ولم يسمعوا نصحا ولا إرشادا
ثم أني دعوتهم جهارا.. مجاهرا بالقول
ثم اني أعلنت لهم .. أي على الملأ
واسررت لهم إسرارا... أي أخفيت دعوتي لكل فرد فيهم حتى كأنه لايوجد غيره
فقلت استغفروا ربكم .. دعوة إلى الله دعوة إلى الحنان المنان
إنه كان غفارا.. والغافر هو من يغفر الذنب مرة والغفار هو الذي يغفر الذنوب المتعددة والمتكررة
يرسل السماء عليكم مدرارا ... والسماء ما علاك من سقف والسحاب يسمى سماء والمطر يسمى سماء وهكذا والسماء هنا المقصودة هي السحاب والمدرار من الدر والدر هو سيلان اللبن بكثرة فهو مطر وفير كثير
فتدل الآية على أمرين الأول يبدو أنه مع طول المدة في جدال نوح مع قومه أن الله منع عنهم المطر فأصبحت الأرض جدباء ومنع عنهم بركة المال فكان ينقص بدون سبب وأصيب البعض منهم بالعقم فلا ذرية فجاءوا فاستغاثوا بنوح فبين لهم باب الفرج
الثاني أن الاستغفار باب للرزق والذرية ونزول المطر والبركة في المال والولد فالعبد يُحرم من الرزق والبركة بسبب ذنب يأتيه ولولا البهائم ما أمطرنا
ما لكم لا ترجون لله وقارا.. الرجاء هنا بمعنى الخوف أي ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أحدكم بالعقوبة أي لا عذر لكم في ترك الخوف من الله
وقد خلقكم أطوارا .. اي جعل لكم من أنفسكم آية تدل على توحيده أطوارا يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة طورا بعد طوار إلى تمام الخلق ومن قدر على هذا كان أحق أن تعظموه
ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا.. أي ألم تعلموا أن الذي قدر على هذا فهو الذي يجب أن يُعبد طباقا.. أي بعضها فوق بعض كل سماء مطبقة على الأخرى كالقباب وقوله (ألم تروا) أي من جهة الإخبار لا المعاينة لكن الخبر من الله صدق كأنه معاينة
وجعل القمر فيهن نورا.. (فيهن) أي في سماء الدنيا نورا .. أي نورا لأهل الأرض وجهه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء وجعل الشمس سراجا.. السراج من النار المضيئة وعند القرطبي هي تحولات من سماء إلى سماء
فعن عبد الله بن عمر: إن الشمس في الصيف بالسماء الرابعة وفي الشتاء بالسماء السابعة عند عرش الرحمن ولو كانت بالسماء الدنيا لما قام لها شيء
قال نوح رب إنهم عصوني ... شكاهم إلى الله تعالى وأنهم عصوه ولم يتبعوه فيما أمرهم به من الإيمان وهو يرجو أبنائهم بعد آبائهم فيأتي بهم الولد بعد الولد حتى بلغوا سبع قرون واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا .. لكنهم لم يصدقوه ولم يؤمن به إلا فئة قليلة فدعا عليهم بعد الآياس منهم وعاش بعد الطوفان خمسين عاما حتى كثر الناس وفشوا
ومكروا مكرا كبارا... أي مكرا عظيما وذلك بتحريش سفلتهم على قتل نوح وسخريتهم من الضعفاء المؤمنين
وقالوا لا تذرن آلهتكم .. وهي أصنام و صور كان قوم نوح يعبدونها ثم عبدها العرب وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم فلذلك خصوها بالذكر
وقيل إن هذه الأسماء الخمسة كانت أبناء لآدم وكان (ود) أكبرهم وأبرهم به وكانوا عُبّادا فمات واحد منهم فحزنوا عليه فقال الشيطان: أنا أصور لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه قالوا: افعل فصوره في المسجد من صفر ورصاص ثم مات آخر فصوّره حتى ماتوا كلهم فصورهم فقال لهم الشيطان: ما لكم لاتعبدون شيئا؟ قالوا: وما نعبد ؟ قال: آلهتكم وإلهة آباءكم .. ألا ترون في مصلاكم؟ فعبدوها من دون الله حتى بعث الله نوحا فقالوا: لاتذرن آلهتكم ولاتذرن ودا ولا سواعا... ثم دفنها الطوفان بالطين وبالتراب وبالماء فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب
فإما (ود) فهو أول صنم معبود في دومة الجندل وإما (سواع) فكان لهذيل وإما (يغوث) فكان لغطيف من مراد بالجوف من سبأ وإما (يعوق) فكان لهمدان وإما (نسر) فكان لذي الكلاع من حمير
وهذا دليل على أن سيدنا نوح (عليه السلام) كان يسكن الجزيرة العربية وبالتحديد في المنطقة قرب مكة المكرمة أو على ضواحيها
وقال نوح رب لا تذر على الأرض.. قيل إنه دعا عليهم لما يأس منهم وقيل إنه دعا عليهم بعد أن أعلمه الله أنه لن يؤمن له إلا من قد آمن من قبل
من الكافرين ديارا... والديار هي أي المساكن أو المساكن وأصحابها إنك أن تذرهم يظلوا عبادك... لأنه يخشى أن يبقى منهم أحد فيضلوا من تبقى من المؤمنين أو أن يلدوا أبناءا ينشؤون على كفرهم
ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا... الفاجر هو شديد الفساد والكفار (بشدة الفاء) هي المبالغة في الكفر لقوله تعالى (أولئك هم الكفرة الفجرة)