ســــورة المــــــــــائدة

رند الناصري كتب:: (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ)

هذه الآية
وإن كانت تبين الهدف من بعثته (صلى الله عليه وسلم)
وإن كانت توضح وظيفة الرسل عموما
إلا أنها تتضمن أشد الوعيد

ما على الرسول إلا البلاغ ... والبلاغ في الأصل
هو الوصول
بلغ يبلغ بلوغا
ومنه البلاغة: وهي إيصال المعنى إلى النفس في حسن الكلام
فليس على الرسل هداكم
إنما الهدى هدى الله

فهل أبلغكم الرسول
نعم
فماذا وراء البلاغ
إما الثواب وإما العقاب
وقد حدث البلاغ في خطبة الوداع

والله يعلم ما تبدون وما تكتمون.. يعلم الظاهر والباطن
ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
عالم بالأعمال والنيات والأقوال
لا تخفى عليه خافية

رند الناصري كتب:: (قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

قل لا يستوي الخبيث والطيب.. الخبيث والطيب يشمل كل شيء
الناس والمال والقول والعمل
والخبيث في النار والطيب في الجنة
فكل حرام ومغضوب خبيث
وكل حلال ومرضي طيب
فهل يتساوى الحلال مع الحرام

ولو أعجبك كثرة الخبيث... لأن العبرة بالكيف
وليس بالكم
فالمال الحلال وإن قل ففيه البركة
والمال الحرام وإن كثر فهو سيتلف
وإن قل الصالحون فالارض ستضل في خير
فلا يغرنك كثرة المنافقين والمثبطين

والخطاب له (صلى الله عليه وسلم)
مع أن الرسول لا تعجبه كثرة الخبيث
لكن المعنى
لا تتعجب من كثرة الكفار وقلة المؤمنين
ولا تتعجب من كثرة الربا وقلة الإنفاق

فاتقوا الله يا أولي الألباب.. يا أولي العقول
اتقوا بالله بالبعد عن الخبيث
وبالبحث عن الطيب
في أقوالكم وأموالكم وأعمالكم

فعليكم بالطيب
والرضى بالطيب مهما قل
فالقليل ببركة الله
كثير

لعلكم تفلحون.. الفلاح من الفلاحة
من جني الثمار بعد الجهد والتعب
فكيف لو كانت تلك الثمار
هي لطف ثواب الله

رند الناصري كتب:: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)

يا أيها الذين آمنوا .. يبدأ التوجيه للأمة
قيل إن سبب نزول الآية
أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يخطب الناس على منبره
فاكثروا عليه السؤال
حتى قال أحدهم: من أبي ؟
وسأل آخر: عن مصيره ومآله ؟
وسأل البعض عن أمور في الجاهلية
فغضب منها (صلى الله عليه وسلم )
ثم استرضاه سيدنا (عمر)

لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم .. بدا الشيء أي ظهر
لا تسألوا عن كل صغيرة وكبيرة

تسوءكم.. لأنكم لو عرفتموها
فسوف تزعجكم
أو لأنكم غير قادرين على القيام بها
ولو لم تفعلوا لكفرتم
كما سأل رجل النبي (صلى الله عليه وسلم)
وقال: هل يجب الحج كل عام ؟
فسكت (صلى الله عليه وسلم)
فأعاد السائل سؤاله
فسكت النبي
فأعاد السائل سؤاله
فقال (صلى الله عليه وسلم): لو قلتُ نعم لوجبت

وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن .. أي حين ينزل الوحي
فيستوضح السائل أمرا ينفعه
فلا بأس
اما قبل نزول الوحي فلا تبحث ولا تسأل
ولا تستقصي
فقد سكت الله عن أشياء رحمة بالناس
فلا حرمها ولا حللها
وقد تسألها فيحرمها الله

تبد لكم .. تُستوضح وتُبين
وكما في الحديث
إن الله كره لكم ثلاثا
قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال

عفا الله عنها.. تجاوز الله عنها
ولم يُنزل وحي بشأنها رحمة بكم
وتوسيعا للرخص

والله غفور حليم... غفور لمن سأل بدون قصد
للتعنت أو للتنطع
حليم عليكم بما نوت قلوبكم

رند الناصري كتب:: (قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ)

هذه الآية
تكررت مع أنبياء ورسل كثيرون

فقد سألوا قوم صالح آية
فأتتهم الناقة
فكفروا بها وعقروها
فأذاقهم الله العقاب الأليم

وسأل أصحاب عيسى بن مريم
أن يطلب من ربه أن ينزل عليهم المائدة
فلما نزلت كفر البعض بها
وهم اشد الناس عذابا يوم القيامة

وطلب فرعون من موسى ان يريه آية
فكانت العصا فكفر بها

وما أكثر ما نادى به أقوام الأنبياء رسلهم
أئتوا بآية إن كنتم صادقين
فلما جاءت الآيات والنذر
أعرضوا ونأوا ونبذوه وراء ظهورهم
فمنهم من أغرق الله
ومنهم من حلت به الصيحة
ومنهم من خسفت به الأرض
ومنهم من أرسل عليهم طيرا أبابيل
ومنهم من رمته الريح الصرصر
وهكذا هي سنن الله

رند الناصري كتب:: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)

ويضرب القرآن مثلا ببعض الأشياء
التي سأل عنها الصحابة
والتي حرمها أهل الجاهلية دون شرع
فقال

ما جعل الله من بحيرة... البحيرة من البحر
وهو الشق
وهي مشقوقة الأذن
فكانت الناقة إذا جلبت 5 أبطن من الإناث
منعوا ركوبها وحلبها وتركوها للطواغيت

ولا سائبة .. من التسييب
فكان الرجل يقول إذا عدت من السفر سالما
يسيّب الناقة للأصنام

ولا وصيلة .. هي الشاة
إذا ولدت ذكرا ذبوحها لإلهتهم
وإذا ولدت أنثى ذبوحها لهم
وإذا ذكر وانثى قالوا وصلت أخاها

ولا حام .. هو الذكر من الإبل
إذا رُكب ولد ولده
قالوا حما ظهره ثم تركوه

فهي أشياء حرمها رجل في الجاهلية
اسمه عمرو بن لحي
وسار الناس على إثره

فما جعل الله .. ما شرّع ولا سمى

ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب.. من أهل الجاهلية

وأكثرهم لايعقلون.. أي لايستخدمون عقولهم في التدبر
فتحريم الحلال كتحليل الحرام
سواء بسواء

رند الناصري كتب:: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ)

إن من اخطر ما يُصاب به الإنسان
فيضل ويفقد التمييز
هو التقليد
التقليد الأعمى
التقليد بغير حجة
التقليد بغير دليل

أما من عُلم انه قدوة
وعلى هدى
فالتقليد هنا مباح
بل يُندب ويُطلب
ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
فقلده أصحابه رضوان الله عليهم
وقلد التابعون الأصحاب
وهكذا

فمن حرم الحلال
وشرع ما لم يشرع الله
ومن ثم قلدهم الناس بدون عقل ولا تمييز

وإذا قيل لهم تعالوا ... (تعالوا) من العلو
فكانهم في الأسفل

إلى ما أنزل الله وإلى الرسول .. إلى كتاب الله وسنة نبيه
صلى الله عليه وسلم)

قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا .. رفضوا
وكأنهم أكتفوا بما وجدوا عليه الآباء والآجداد
بغض النظر عن سفاهته أو بطلانه

اولوا كان آباؤهم لايعلمون شيئا و لايهتدون.. فهل آباءهم أعلم من الله
وهل تقليد المضلين مباح
هذا الضال الذي لايعرف كيف يهدي نفسه
ولا يهدي غيره
ومع ذلك تتبعونه وتقتدون به

رند الناصري كتب:: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

هذه الآية فيها أقوال كثيرة
وفيها بحر من المعاني
آية لكل زمان ومكان
آية لو تتبعها المسلم وعمل بها
لكفته

يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم .. لأنك إذا أمرت بالمعروف
ونهيت عن المنكر.. ولم يُستجب لك
فعليك نفسك
وليس (عليك نفسك) دون أن تفعل شيئا
وهذا الأمر حسب الزمان

مثلا
لو ترك الصحابة بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم)
عُشر ما كانوا يفعلونه
هلكوا

بينما لو عمل المسلمون في آخر الزمان
وقت الفتن ووقت القبض على الجمر
بعشر ما أمروا به
نجوا

أو (عليكم أنفسكم) تعني
أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه
أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده
فليس من المطلوب أن تهتم بنفسك
لأن هذه أنانية
ولا تليق بالمسلمين
بل تهتم بأمر من حولك
أمر المصلحة العامة

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
واجب لا بد منه
طالما أمن المتكلم على نفسه
وشعر أن في قوله هذا درء للفتنة
فليتكلم
بالاسلوب الذي يتلائم مع كل زمان

لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.. إذ لا تزر وازرة وزر أخرى
فلماذا تنشغلون بمن ضل من الآباء
وأنتم على هدى

إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون.. إذا كان المرجع إلى الله
وأن كل امريء بما كسب رهين
و لايُسأل المرء عن عمل غيره
وكل مرهون بعمله
فالمرجع معناه الحساب
معناه جنة ونار

رند الناصري كتب:: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)

هذه الآية فيها أقوال كثيرة
وفيها بحر من المعاني
آية لكل زمان ومكان
آية لو تتبعها المسلم وعمل بها
لكفته

يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم .. لأنك إذا أمرت بالمعروف
ونهيت عن المنكر.. ولم يُستجب لك
فعليك نفسك

وليس (عليك نفسك) دون أن تأمر بمعروف
وتنهى عن منكر
وهذا الأمر حسب الزمان

بمعنى
لو ترك الصحابة بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم)
عُشر ما كانوا يفعلونه... لهلكوا
بينما لو عمل المسلمون في آخر الزمان
وقت الفتن ووقت القبض على الجمر
بعُشر ما أمروا به
لنجوا

لأن الناس إذا رأوا الظالم
ولم يأخذوا على يديه
أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده

لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.. من الكفار والمشركين
وأهل الكتاب
أو من ضل من آبائكم وأجدادكم
فلا تقلدونهم فيما لم يشرع به الله

وخلاصة الكلام
أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
واجب
و لابد منه
طالما أمن الآمر بالمعروف على نفسه الضرر
وأمن على المسلمين الفتنة
وإلا فعليه نفسه
لايضره من ضر إذا أهتدى

إلى الله مرجعكم جميعا .. طالما كان مرجعكم إلى الله
فالظالم لن يفوته عقاب الله
والمظلوم لن يخسر – إذا صبر – ثواب الله
فالوعد لمن أطاع حاصل
والوعيد لمن عصى حاصل

فينبئكم بما كنتم تعملون.. فكل امريء بما كسب رهين
ولا تزر وازرة وزر أخرى
فهناك حساب
وكل مسؤول عن عمله

رند الناصري كتب:: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ)

تأتي بعد ذلك آية الوصية
أو آية الشهادة
التي حار فيها العلماء من حيث إعرابها
ومن حيث أحكامها

يا أيها الذين آمنوا .. الخطاب للمؤمنين
والآية نزلت بسبب حادثة
حيث سافر مسلم مع 2 من النصارى العرب
ومات في الطريق
بعد أو أوصاهما بمتاعه أن يعيداه إلى أهله
لكنه كتب ما ترك ودسه في ثيابه
وعاد الوصيان (أو من حضر الوصية )
وأخفيا إناء من فضة مخّوص بالذهب له قيمة
وحين فتح الورثة المتاع .. وجدوا الورقة
وعلموا أن هناك شيء مفقود
فذهبوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
فاستدعا الاثنين الذين حضرا الوصية
ولم يكونا قد أسلما بعد
فسألهما
فحلفا أن المفقود غير موجود

شهادة بينكم .. الشهادة كلمة تعبر عن معان
منها الاعلام لقوله (شهد الله أنه لا إله إلا هو)
وتعني الإقرار
وتعني اليمين لقوله (فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله)
أما هنا فتعني الحضور

إذا حضر أحدكم الموت... أي أشرف على الموت
أي أصبح محتضرا

حين الوصية ... فالوصية مطلوبة
في حال توقع الأجل
وأن يكون هناك شهود عليها

أثنان ذوا عدل منكم .. أي 2 ثقاة
منكم .. أي من المسلمين
أو من عشيرتكم أو أقاربكم

أو آخران من غيركم .. من غير الأهل والعشيرة
أو من غير المسلمين
والحكم هنا يختلف
لأن شهادة الكافر أو غير المسلم
على المسلمين لا تصح

إن أنتم ضربتم في الأرض.. أي سافرتم
ولم يكن معكم من أهلكم أحد
أو لم يكن معكم من المسلمين أحد
فقال العلماء هنا
تصح شهادة غير المسلم في حال السفر فقط

فأصابتكم مصيبة الموت .. سمى الموت مصيبة
إذن الخوف من الموت .. جائز
والحزن على الموت جائز
فالصالح يحب الزيادة من عمله الصالح
والكافر يحب الإمهال لعله يتوب

وإن كان الموت مصيبة
فالمصيبة الأعظم أن ينسى العبد الموت
فيغفل عنه ولا يتهيأ له

تحبسونهما من بعد الصلاة ... الحبس هنا بمعنى الصبر
قال العلماء صلاة العصر
أو أي صلاة

فيقسمان بالله إن أرتبتم .. فالقسم في حالة واحدة
هي حالة الشك
مثلا
مات رجل في الحج
وجاء آخر وقال هذه ملابسه وحاجياته
فيؤخذ بها
أما إن شك الورثة فالقسم مطلوب

لا نشتري به ثمنا .. به (أي باليمين)
أي ثمنا دنيويا

ولو كان ذا قربى.. ولو كان في الوصية
هي لوارث من الأقارب

ولا نكتم شهادة الله .. أي الشهادة التي
أستودعنا الله إياها

إنا إذا لمن الآثمين.. المخطئين

رند الناصري كتب:: (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ)

فإن عثر على أنهما استحقا إثما.. عُثر يعني وُجد
أو عُلم
أن الشاهدين قد كذبا
استوجب الاثم بالكذب والبهتان

فآخران يقومان مقامهما.. الآخران هنا من الورثة
الموجودين في المكان
يقومان مقامهما .. في المكان الذي تم فيه اليمين

من الذين استحق عليهم الأوليان .. الأوليان بدل الآخران
وهي مثنى الأولى
أي الأولى بالميت

فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما.. والشهادة هنا بمعنى اليمين
وليس بمعنى الحضور
لانه لم يكن أحد منهم حاضرا حين الموت
ويميننا أولى من يمينهما

وما أعتدينا إنا لمن الظالمين.. إن حدث العدوان والاعتداء
فنحن من الظالمين

رند الناصري كتب:: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُواْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)

ذلك... الحكم

أدنى .. أقرب

أن يأتوا بالشهادة على وجهها.. باليمين على الحق
يأتوا .. جمع
فالكلام لكل الشهود والأوصياء والورثة

أو يخافوا... الكلام هنا جمع
الكلام للجميع

أن ترد أيمان بعد إيمانهم .. لأن الوارث إذا رد يمين الشاهد
فسوف يفتضح الشاهد بين الناس

واتقوا الله .. اطيعوا الله وابتعدوا عن محارمه

واسمعوا .. لأوامر الله واعملوا بها

والله لا يهدي القوم الفاسقين .. الفسق هو الخروج عن الطاعة
لايهديهم للجنة
ولايهديهم للصلاح والسعادة
و لايتمم لهم العمل الذي بنوه على الكذب

رند الناصري كتب:: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)

يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم
سؤال للرسل
ماذا أجابكم قومكم
هل كانت إجابة قبول
أم إجابة رد وإنكار وجحود

والله يعلم كل ظاهر وباطن
لكنه سؤال لإظهار الحجة
يسأل رسولا رسولا
نبيا نبيا
عالما عالما
ولا يشغله سؤال أحد عن أحد
ولا شأن عن شأن

قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب... إجابة عجيبة
أما علموا
أما شهدوا
أما عُذبوا في الله
أما حوربوا
ألم يوقد الكفار النار لإبراهيم
ألم يحاول اليهود قتل عيسى بن مريم
ألم يتبع فرعون وجنوده موسى وقومه
لكن ربما مقصدهم
أن لا علم لنا إلى جانب علمك
أو لا علم لنا بما حدث بعدنا
أو لا علم لنا ببواطنهم فانت تعلم السر وأخفى
أو لا علم لنا إلا ما علمتنا وأعلمتنا
أو فيه الشكاية من أقوامهم
أو من هول السؤال .. ما عرفوا ما يجيبوا

علام الغيوب.. كل ما غاب عن الحس
وكل ما غاب عن العقل
في أي مكان وزمان
فالله عليم بما في السموات والأرض
وما بينهما
وما تحت الثرى

رند الناصري كتب:: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ)

يتوجه الكلام لروح الله ... عيسى بن مريم

إذ قال الله.. (إذ) ظرف زمان للماضي
(إذا) ظرف زمان للمستقبل
مع ان الكلام عن المستقبل .. لكنه استخدم (إذ)
لأن مجيء القيامة أمر لا شك فيه ولا شبهة
وكأن يوم القيامة قد وقع
وقد تحقق
فعُبر عنه بالماضي للتيقن من حدوثه

يا عيسى ابن مريم ... ناداه الله باسمه منسوبا لأمه
فلا أب له

اذكر نعمتي عليك... إذ خلقه من غير أب
وجعله آية

وعلى والدتك ... مريم لأنه اصطفاها للعالمين
وجعل ابنها آية على براءتها

يا ترى
ألم يكن عيسى بن مريم يعلم ذلك
فلم يذكرّه الله
لانه أراد أن يرفع من شأن عيسى امام الخلائق
وعلى رؤوس الأشهاد
تكريما وتشريفا له
ورفعا لمنزلته
واعلام للخلائق بما فعله الله من جود وكرم

إذ أيدتك بروح القدس.. قويتك
بروح القدس جبريل
أو بالروح التي أصطفاه بها (وروح منه)

تكلم الناس في المهد ... قيل المهد هو فراش الصبي

وكهلا.. الكهولة هو من خط رأسه الشيب
أو من اكتملت قوته بعد الثلاثين
حين اكتمال العلم والعقل
أي تكلم عيسى عند ميلاده بكلام الرجال
وقيل إن الآية دليل على نزول عيسى
في آخر الزمان

وإذ علمتك الكتاب .. الكتابة
أو الكتب السابقة كالزبور

والحكمة ... النبوة
وهي إتقان العلم
أو الإصابة في القول والعمل

والتوراة .. كتاب موسى
التوراة الصحيحة التي لم تحرف

والإنجيل.. الذي أنزله عليه

وإذ تخلق من الطين .. تصور من الطين
وتمثل
وتقدر من الطين

كهيئة الطير بإذني.. شكل الطير بإذني

فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني.. تنفخ في هذه العجينة
أو الطينة
فتصبح طيرا ذا روح بإذني

وتكررت كلمة بإذني
ليبين للناس أن معجزات عيسى
كانت من فضل الله وخلقه وإيجاده وتقديره

وتبرىء الأكمه والأبرص بإذني.. الأكمه من وُلد أعمى
وتلك كانت معجزة
لان من عمي في كبره قد يشفى بعلاج
أما من ولد أعمى بالخلقة .. فتلك معجزة
أن يشفى بمسح عيسى على عينيه

والبرص مرض لا شفاء له
فكان عيسى يمسح عليه
فيكون سليما معافى

وإذ تخرج الموتى بإذني.. بالنداء على الميت
أو بالمسح عليه

وإذ كففت بني إسرائيل عنك .. منعتُ بني إسرائيل عنك
حين أرادوا أن يقتلوه
فرفعه الله إليه

إذ جئتهم بالبينات ... المعجزات
من إحياء الموتى
من إخبارهم ما ياكلون في بيوتهم
من النفخ في الطين وشفاء الأعمى والأبرص
مع ذلك لم يؤمنوا والمعجزات خارقة
بل أتهموه بأنه ولد زنى

فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين
أتهموا عيسى بأنه ساحر
أو اتهموا المعجزات بانها سحر
سحر مبين أي واضح
لايحتاج إلى دليل

رند الناصري كتب:: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُواْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)

وإذ أوحيتُ إلى الحواريين ... الحور هو شدة البياض
وسموا كذلك لأنهم كانوا يلبسون البياض
أو لنقاء سرائرهم وبواطنهم

الإيحاء أنواع
الوحي هو إعلام في خفاء
أو إلقاء المعنى في النفس خفية
فقد يكون بإرسال جبريل إلى من المصطفين
أو بمعنى الإلهام (أم موسى)
أو بمعنى الأمر (بأن ربك أوحى لها)
أو إعلام باليقظة وبالمنام

أوحيتُ إلى الحواريين .. ألهمتهم بالإيمان بك
أو أمرتهم على لسانك

أن آمنوا بي وبرسولي... عيسى بن مريم

فقالوا آمنا وأشهد بأننا مسلمون.. أسلمنا لك يا رب
وآمنا بك وبرسولك عيسى بن مريم
وكل ذلك من النعم التي أنعم الله بها
على عيسى

رند الناصري كتب:: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)

إذ قال الحواريون يا عيسى بن مريم .. الحواريون هم أصحاب عيسى
وهم أشد الناس إيمانا
كأصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم)
فكيف كانوا كذلك
ثم يتشككون في قدرة الله

لذلك قُرأت بقراءات عديدة
منها (هل تستطيع ربك)
أي هل تستطيع يا عيسى أن تسأل ربك

هل يستطيع ربك .. وقيل يستطيع يعني يطيع
أي هل يطيعك ربك إن سألته
في إنزال المائدة

أو هل يستطيع ربك .. سؤال ليس شكا في القدرة
بل فيه التأدب مع الله

أو قد تكون الاستطاعة هنا
على مقتضى الحكمة والإرادة
وليس على القدرة
أي هل تشاء حكمة ربك أم لم تشأ

أو قد يكون الطلب من مجموعة
كانت مع الحواريين ظاهرا
وليسوا منهم باطنا

أو قد يكون الطلب من الحواريين فعلا
بعد أن آمنوا بالله عن طريق الاستدلال
لكنهم أرادوا أن يرتقوا بإيمانهم
فيتحولوا من مرتبة الاستدلال إلى مرتبة المشاهدة

قال اتقوا الله... خاف عليهم عيسى
أي أتقوا الله أن تسألوه ما لا ينبغي

إن كنتم مؤمنين... بقدرته

رند الناصري كتب:: (قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ)

قالوا نريد أن نأكل منها... هل كانوا في حال جوع
أم يريدون البركة

وتطمئن قلوبنا ... أي تسكن قلوبنا
كما قال إبراهيم (ولكن ليطمئن قلبي)

ونعلم أن قد صدقتنا ... أي نعلم علم يقين
علم مشاهدة ومعاينة
قد صدقتنا برسالتك
وان الله قد أجاب دعائنا

ونكون عليها من الشاهدين .. على المائدة
من الشاهدين لك
أو من الشاهدين لله بالوحدانية
أو من الشاهدين للمائدة لمن لم يرها

رند الناصري كتب:: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)

قال عيسى بن مريم .. توجه سيدنا عيسى إلى الله
بالدعاء
بعد أن قبل عذرهم
واقتنع بمنطقهم

اللهم ربنا... (اللهم) تعني يا الله
ربنا .. وكأن عيسى نادى ربه ندائين
ناداه مقرا بالإلوهية التي جمعت كل صفات الكمال
وناداه بالربوبية التي تشعر بالاحتياج والتذلل والخضوع

انزل علينا مائدة من السماء... المائدة هي المنضدة عليها طعام
أو السُفرة
وتطلق المائدة على الطعام بدون منضدة
أو مائدة لأنها تُمد

تكون لنا عيدا .. العيد من العود
لأنه يعود كل عام بالسرور

لأولنا وآخرنا .. يأكل منها أولنا وآخرنا
أو أولنا في أول الزمان
وآخرنا في آخر الزمان

وآية منك ... معجزة ودلالة وعلامة
على أنك تحبنا
وتستجيب دعاءنا
وأن عيسى رسولك ونبيك وحبيبك

وارزقنا وأنت خير الرازقين... خير الرازقين
كي لاتشتبه ان هناك رازق آخر بالتبعية
كمدير العمل مثلا
صحيح أنه رزقك
لكن يبقى الله خير الرزاقين
فلولا أن الله كتب الرزق عليك
لما استلمته أنت

وكل رازق في الدنيا
يرزقك من رزق الله
والله خير الرازقين
فماذا قدمت لله .. كي تستحق الرزق
وإذا كان يرزق الطائعين
فماذا عن رزق العاصين
فهو الخالق للرزق والعاطي للرزق
دون مقابل

رند الناصري كتب:: (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ)

قال الله إني منزلها عليكم .. لاحظ هنا
أنه قال (منزّلها) بوجود الشدة على الزاي
ولم يقل (إني أنزلتها) عليكم
والإنزال يعني مرة واحدة
أما التنزيل فهو أكثر من مرة
كقوله تعالى (نزّل عليك الكتاب بالحق)
لأن القرآن نزل على دفعات

وهذا يعني أن المائدة تم تنزيلها
أكثر من مرة
وقيل نزلت غدوة وعشيا
والله أعلم

فمن يكفر بعد منكم .. الذين شهدوا المائدة
فمن يكفر بعد إنزالها منكم
أو لأنهم أمروا أن لايدخروا منها لغد

فإني أعذبه عذابا... أي تعذيبا
لماذا
لأن الإيمان هنا لم يعد إيمان غيب
بل إيمان مشاهدة
فإذا شاهدت وكفرت
فحسابك لن يكون كمن آمن ولم يشاهد

لا أعذبه أحدا من العالمين.. عالمي زمانهم
وقيل العالمين على الإطلاق من آدم وحتى الساعة
ولذلك قيل
أشد الناس عذابا يوم القيامة
هم الكافرون بالمائدة
وقوم فرعون (ادخلوا آل فرعون أشد العذاب)
والمنافقون لأنهم في الدرك الأسفل من النار

رند الناصري كتب:: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)

وفجأة
يتوجه الله سبحانه بالسؤال إلى عيسى
على رؤوس الأشهاد
والكل يرى
ويسمع

وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ... سؤال
خرج مخرج الاستفهام
وهل يستفهم ربنا عن شيء يعلمه
ولم يسأل هذا السؤال
هل ليفضح المشركين الذين أتخذوا عيسى إلها
أم هل يسأله ليعلمه
أن قومه أتخذوه إلها من بعد رفعه للسماء

أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله
هل أنت من طلبت منهم ذلك

وهنا
تدراكته الرحمة
ولقّاه الله كيف تكون الإجابة
كما لقّى آدم كلمات

وقال سبحانك .. بدأ بالتنزيه قبل الإجابة
أي أنزهك يا ربنا عن افتراء الملحدين والمشركين

ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق.. ما يجب لي أن أقول ذلك
وما يجوز
ما ليس لي بحق .. كيف أدعي الإلوهية
وأنا عبد مربوب مخلوق
وأمي بشر
حملت وولدت

إن كنت قلته فقد علمته... اعتذار واعتراف
لأنك تعلم السر وأخفى
لاحظ أنه قال (إن)
ولم يقل (إذا)
لأن (إن) جائزة بينما (إذا) أكيدة
فلو قال (إذا) لهلك .. صلوات ربي وسلامه عليه

تعلم ما في نفسك ولا أعلم ما في نفسك ... تعلم سري
ولا أعلم سرك
ولا أعلم ذاتك
ولا أعلم غيبك
واللفظ جاء للمشاكلة اللفظية
جل وعلا سبحانه تعالى

إنك أنت علام الغيوب... جمع غيب
وهو كل ما غاب عن الحس والعقل والفكر والضمير

رند الناصري كتب:: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

ما قلت لهم ... التأكيد والبيان لما حدث

إلا ما أمرتني به.. وكان يجب أن يقول
(ما أمرتهم إلا ما أمرتني به)
لكنه قال
(ما قلتُ لهم إلا ما أمرتني به)
وهذا من الأدب
حتى لايكون آمرا مع الله

أن أعبدوا الله ربي وربكم ... التوحيد
الذي بُعث عليه جميع الأنبياء والمرسلين

وكنتم عليهم شهيدا ما دمتُ فيهم... كنت طوال مدة بقائي
معهم في الدنيا
شاهدا عليهم
وأمنعهم من مثل هذا القول

فلما توفيتني .. رفعتني إليك
أخذتني وافيا بجسدي وروحي

كنت أنت الرقيب عليهم .. المراقب لأعمالهم
المحصي لها
الشاهد على أفعالهم
الحافظ عليهم

وأنت على كل شيء شهيد... عالم بكل شيء

وهذا الحوار
يؤكد أن ما من أحد إلا ومسؤول يوم القيامة
ومن نوقش الحساب عُذب

رند الناصري كتب:: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

إن تعذبهم فإنهم عبادك.. هل هو استعطاف
كأنه يقول إن قضيت بالتعذيب فهم عبادك
أم هو إشعار
بأنهم مستحقون للعذاب لعبادتهم غيرك
أم هو استسلام
فأنت الملك والمالك
ومن حكم فيما ملك فما ظلم

وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم .. قال العزيز الحكيم
ولم يقل الغفور الرحيم
لماذا
لأنه لو قال ذلك .. لشعر السامع بجواز المغفرة

وقال بعض العلماء
كأنه يقول
إن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم
وإن تغفر لهم فإنهم عبادك

رند الناصري كتب:: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ....الكلام عن يوم القيامة
وفي هذه بشارة لكل صادق
ولكل من آمن بعيسى بن مريم .. نبيا ورسولا
والصدق المقصود هنا .. هو الصدق في الدنيا
لأن الصدق يوم القيامة .. لن ينفع
والصدق بعد طلوع الشمس من مغربها لن ينفع

يوم ينفع الصادقين صدقهم
أي صدقهم في الدنيا بالعمل لله
وصدقهم في أنهم لم يفتروا على الله الكذب بالدنيا
وصدقهم في أقوالهم
أو الصدق في الشهادة عن الأنبياء
بأنهم أبلغوا ما أرسلهم الله به

لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.... الجنات جمع جنة
وسميت بالجنة لأنها كثيرة الأشجار والأغصان
تكاتفت فسترت ما تحته
تجري من تحت قصورها وغرفها الأنهار
أو تجري فيها
أنهار خلقها الله خصيصا لأهل الجنة
من ماء غير آسن
من لبن لم يتغير طعمه
من خمر لذة للشاربين
من عسل مصفى
هي أنهار تشبه أنهار الدنيا بالاسم فقط
لكن لا يعلم بحقيقتها إلا الله

خالدين فيها أبدا.. الخلد هو الابد
لأن الزمان مخلوق
وفي يوم القيامة ينتهي الزمان

رضي الله عنهم .. رضاء لا سخط بعده

ورضوا عنه.. عن الثواب الذي أعده لهم

ذلك الفوز العظيم .. الذي عظم خيره وكثر
وارتفعت منزلة صاحبه
الفوز هو النجاح
وهو الوصول لما تبتغي وتتمنى

رند الناصري كتب:: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

لله ملك السموات والأرض وما فيهن.. قال (ما)
مع أنها تفيد غير العاقل
لكنها هنا شملت العالمين
فإذا كان له ملك السموات والأرض
فكيف تتخذون عيسى إلها
أو غيره من دونه

وهو على كل شيء قدير... فحين يعد الله
فوعده صادق
فالجنات قادمة للطائعين
والنار متهيئة للعاصين

نسأل الله أن يعيذنا من النار
وأن يجعلنا من أهل الجنة
اللهم آمين

انتهى تفسير سورة المائدة
ولله الحمد وله الأمر من قبل ومن بعد

__________________

» ســــورة عبس