قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)
قالوا لا ضير.... لن نهتم فما تفعله أنت لن يضرنا قطع الأيدي والأرجل وصلّبنا كيفما شئت
إنا إلى ربنا منقلبون.. ما أحلى هذا الكلام فإنا ميتون قتلتنا أم لم تقتلنا وفي كل الأحوال سنذهب إلى الله ياترى هل هذا كان قصدهم أم أنهم فرحوا بتهديده لأنك بفعلك يا فرعون سنذهب إلى الله إلى الحبيب الواحد
إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا.. الطمع في الله مطلوب مهما كان المؤمن متفائلا والله يحب من عباده اللحوح كثير السؤال
إن كنا أول المؤمنين .. أي لأن كنا في أول المؤمنين في هذا الموقف أي إن تقبل الله منا هذا الإيمان وعدّنا من أوائل المؤمنين
إنه الآيمان وحلاوة الأيمان اليقين ونور اليقين فإذا دخل الإيمان في قلب العبد هانت الدنيا في عينه وإن هُدد بالموت أحب لقاء الله ومن أحب لقاء الله .. أحب الله لقاءه
إن هؤلاء لشرذمة قليلون.. أي أن من أرسلهم فرعون كانوا يقولون للناس تبريرات يجمعون الرأي العام (كما يقال) بأن من نلحق بهم إنما هم شرذمة والشرذمة هي الجماعة من الناس ولكنها تفيد الاحتقار فقللهم فرعون في نظر الآخرين مع أن الروايات تقول إن الخارجين مع موسى
وأنهم لنا لغائظون... غاظه وأغاظه لأنهم خرجوا بغير إذن وخرجوا من سلطانه فلابد من إعادتهم لعبوديته
وإنا لجميع حاذرون... أي أننا من طبعنا الحذر مستعدون مسلحون مدرعّون وهذا كله جزء من عملية الدعاية والتعبئة
أولا قبل إتمام التفسير علينا ملاحظة أن الله سبحانه وتعالى قد طلب من سيدنا موسى (عليه السلام) أن يخرج ببني إسرائيل في الليل (أن أسري بعبادي) فبنو إسرائيل تركوا مصر في الليل ثم قال
فاتبعوهم مشرقين.. هذا يعني أن فرعون خرج في الصباح مع إشراق الشمس فكيف لحق بهم إذن إنها إرادة الله
فلما تراءى الجمعان... أصبح كل منهما يرى الآخر
قال أصحاب موسى إنا لمدركون... هل خافوا خاصة وأن فرعون وجنده على الخيول وبنو إسرائيل يمشون على الأقدام أم أنهم يحذرون
قال كلا .. زجرهم ومنعهم من اليأس أو لعلها تشبه (كلا) التي قالها له الحق سبحانه يوم خاطبه سبحانه على الطور فقال موسى رب إن لي علي ذنب وأخاف أن يقتلون قال له الله: كلا ... هل هذه تقابل تلك ...
إن معي ربي... وأن الله معه بنصره وكفايته
سيهدين.. سيهديه الله حتما إلى طريق النجاة لكن قال ذلك ثقة بالله عز وجل وبوعده وأن الله سوف يدله على ماذا سيفعل
أن أضرب بعصاك البحر.. هل احتاج البحر إلى ضرب العصا ما الذي فلق البحر ومن الذي فرقه أليس هو الله فلم كان الأمر بضرب البحر العصا إذن؟ لكي تتعلق الآية بموسى إكراما لفضله وإعلاءا لشأنه وتعظيما له في أعين الناس
فانفلق... أي فضربه بعصاه فانفلق
فكان كل فرق كالطود العظيم... الفِرق كسر الفاء أي القسم فكان كل قسم كالجبل العظيم
وحين ضرب موسى البحر بعصاه افترق الماء ويبست الأرض فورا واختفى الطين والرخاوة كي ليستطيع بنو إسرائيل المشي لقوله تعالى (واضرب لهم طريقا في البحر يبسا)
وضربة العصا شقت في البحر 12 طريقا لكل سبط طريق وارتفع الماء كالجبل أوقف الله سنة الله الجريان في الماء وجعل في كل جبل مائي .. فتحة فكان كل فريق يرى الفريق الآخر ليزيدهم إطمئنانا
وما كان أكثرهم مؤمنين... للأسف الشديد رغم ذلك آل فرعون .. فلم يؤمن منهم سوى آسيا والمؤمن الذي كتم إيمانه وماشطة ابنة فرعون
وإن ربك لهو العزيز الرحيم.. الغالب القوي المنتقم من أعداءه الرحيم بأولياءه
أغرب ما في الموضوع حين جاء فرعون ورأى موسى وقومه واستعد للهجوم وفوجيء بالبحر ينفلق كالجبل العظيم فلابد أنه رآه ورأى أن الناس يمشون في قاعه و لابد أنه قال في نفسه: إما أن هذا سحر وإما أن يكون حقا
فإن كان سحرا فهو ماء .. وإذا دخل غرق وإذا كان حقا فموسى رسول ومن الأفضل عدم الدخول
فكيف دخل فرعون هل فقد عقله وماذا عن جنوده هل فقدوا عقولهم جميعا
لكن الإجابة في كلمة "وأزلفنا ثم الأخرين" فسبحان من يملك خواطر القلوب فيعز من يشاء ويذل من يشاء وهو العزيز الرحيم
لقد نهى الله تبارك وتعالى حبيبه المصطفى (صلى الله عليه وسلم) بالحزن على أمته في أول السورة (لعلك باخع نفسك) وقال له إن الأمر بيد الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وأن علم الله سابق وأن قضاء الله نافذ
ثم قص الله على نبيه القصص وحكى عن موسى وما أصابه ثم ها هو يحكي له عن إبراهيم الجد الأكبر أبو الأنبياء جميعا خليل الرحمن ويبين له كيف كان وكيف كان حاله مع قومه ومع أبيه
وكأنه يقول أحزنك على قومك أشد أم حزن إبراهيم على أبيه (وقد يكون عمه وليس أبيه) لأن العم أب
واتل عليهم نبأ إبراهيم... اتل على قومك نبأ إبراهيم فهم يزعمون أنهم من ذريته ومن ملته إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون.. سؤال يسأله إبراهيم أباه وقومه عن ما يعبدونه وابراهيم يعلم الجواب لكن الغرض من السؤال هو أن يلزمهم الحجة ويبين لهم سفاهة عقولهم
قالوا نعبد أصناما ... لاحظ الرد فكان يكفي قولهم (نعبد الأصنام) لكن زادوا في الإجابة تفاخرا بما عليهم من ضلال فقالوا
فنظل لها عاكفين... وكأنهم يكيدون له أو يغيضونه بضلالهم نظل: أي نداوم نهارا بات: للمدوامة ليلا
قيل إنهم كانوا يعبدون الأصنام نهارا والكواكب ليلا
أو هم يعبدونها بدون تحديد وقت عاكفين ملتصقين بها لا يفارقونها
قل هل يسمعونكم إذ تدعون... السؤال هنا لتقرير الحجة أي هل يسمعون دعائكم أو هل تسمعون منهم الإجابة هل ينطقون لكم بالرد
أو ينفعونكم... إذا عبدتموهم
أو يضرون... إذا تركتموهم وهل بيدهم الثواب والعقاب قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون... قمة السفاهة وقلة العقل اعترفوا أنهم لايسمعون ولا ينفعون ولايضرون ولاحظ أنهم لم يجيبوا إبراهيم على أسئلته بل أعرضوا عن الإجابة وقالوا ما نحن فيه هو التقليد وما كان القِدم دليل على الصحة
قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباءكم الأقدمون... ها هو يعظهم وينصح بمنتهى الرفق والتلطف
فإنهم عدو لي إلا رب العالمين... كأنه يبدأ بنفسه فهم أعداء لهم يوم القيامة والأصنام أعداء لمن عبدها وعداوة الأصنام لإبراهيم غير موجودة لكنه تعريض بالكلام والنصح بالتعريض أبلغ من التصريح
إلا رب العالمين.. أي إذا كنتم تعبدون الأصنام تقربا إلى الله فهي عدو لكم إلا الله أو أن يكون الاستثناء منفصل أي أصنامكم من أعدائي أما ربي فهو معبودي الحق المستحق للعبادة والطاعة
الذي خلقني فهو يهدين... (هو) دخلت في الكلام ولحصر الأفعال بالله ولاحظ (خلقني) فعل ماض بينما (يهدين) فعل مضارع لأن الخلق سبق و تم ولأن الهداية مستمرة لا تنقطع إلى نهاية العمر
والذي هو يطعمني ويسقين.. والطعام خرج من الأرض والسقيا من السماء من الله وكلا الفعلين مضارع
وإذا مرضت فهو يشفين .. اسند المرض إلى نفسه واسند الشفاء إلى الله لحسن الأدب مع ربه مع ان المرض والشفاء بيد الله وقد ينشأ المرض من الإفراط في الطعام والشراب كالخمر والمخدرات وما لايحل من الأكل أو حتى شراهتك
والذي يميتني ثم يحيين.. الموت والحياة بيد الله وكان قوم إبراهيم يعتقدون أن الموت له أسبابه فبين لهم أن الموت بيد الله وسببه انتهاء الأجل فكم من مريض يحيا ويطول عمره وكم من سليم يقع ويموت فجأة وقد يموت الصغير ويعيش الكبير
والذي أطمع أن يغفر لي خطئتي يوم الدين. أطمع يعني أرجو يا ترى هل قالها يقينا بالله .. فهو خليل الرحمن لكن في حق غيره .. رجاء للمؤمنين خطئيتي .. مفرد وهي جنس خطايا وهل لسيدنا إبراهيم خطايا لا أبدا لكنه مقام التذلل لله
رب هب لي حكما... الُحكم هنا هو الكمال في العلم والإتقان في العمل أو هب لي معرفة بك وبحدودك
والحقني بالصالحين.. أجعلني في زمرتهم الذين صلحت نواياهم وأعمالهم وخواتيمهم
واجعل لي لسان صدق.. كلمة (لسان) تدل على الجارحة المعروفة والعرب تستخدم كلمة (لسان) للاستعارة عن القول أي اجعل لي قولا صدق
في الآخرين.. في الأمم التالية اي اجعل لي الثناء الجميل عندهم أو حسن الصيت والجاه الذي يستمر أثره إلى يوم الدين أو اجعلني قدوة للمسلمين إلى يوم الدين وقد اجابه الله في هذا فما من أمة إلا وتدعي الإنتساب إليه حتى اليهود والنصارى
واجعلني من ورثة جنة النعيم... من معاني الإرث أنه يفاجيء به الوارث لأنه لم يبذل فيه مجهودا وكأن الجنة اصبحت إرثا لهم
واغفر لأبي إنه كان من الضالين.. قيل إن أبراهيم دعى بهذا الدعاء لأبيه ولم يكن يعلم أنه سيموت على الكفر أو قيل إنه دعى لأبيه قبل أن ينهاه الله في آية آخرى
ولاتخزني يوم يبعثون.. الخزي الذي خاف منه إبراهيم لأن العواقب مجهولة مما يجعل المؤمن على وجل وقيل بل كان مقصده أن لا تجعل رتبتي أقل من رتبة الوارثين في الجنة
يوم لاينفع مال ولا بنون .. هو يوم الدين فلا مال ولا بنون يدفع عنك العذاب
إلا من أتى الله بقلب سليم .. أي المال ينفعك إذا أنفقته في مرضاة الله والبنون تنفع إذا أرشدتهم إلى طريق الله فدعوا له
بقلب سليم.. أي سليم من مرض الكفر السليم من مرض الشك والشرك والنفاق السليم من الحسد والبغضاء والغل والحقد السليم من كل صفة ذميمة والمتصف بكل صفة حميدة
وازلفت الجنة للمتقين .. أزلفت يعني تقربت يرونها وهم في الموقف قبل الحساب هل يبشرهم الله قبل الحساب هل يطمئنهم الله الله أعلم فيشتاقون إليها المتقين من هم المتقين تقوى الشرك وتقوى الخلق وتقوى النفاق وتقوى الكبائر فلا يشغل قلبك إلا الله فالمتقون هو الذين تحصن قلبهم بالوقاية
وبرزت الجحيم للغاوين.. من البروز والظهور أي أظهرت لهم فيرونها قبل الحساب فيقبلون عليه وهم يعرفون ما ينتظرهم يؤتى بجهنم يوم القيامة ولها 70 ألف زمام تجرها الملائكة ولم لم يمسكونها لفلتت منهم ولأحرقت أهل الموقف جميعا الغاوين .. أهل الفساد والضلالة
وقيل لهم.. قالت لهم الملائكة سؤال توبيخ وتقريع
أين ما كنتم تعبدون من دون الله .. أين الأصنام أين الأحبار والرهبان والعلماء الذين حللوا لكم ما حرم الله
هل ينصرونكم .. هل يدفعون عنكم العذاب اليوم
أو ينتصرون.. لأنفسهم بل كلاكما حصب جهنم أنتم فيها خالدون
فلو أن لنا كرة .. (لو) للتمني لو أن لنا حياة ثانية بالرجوع
فنكون من المؤمنين.. فنكون في تلك الزمرة الصالحة ولايجدي الندم إن في ذلك لآية .. قصة إبراهيم فيها آية كيف أسألهم وأرشدهم وكيف الزمهم الحجة وكيف عرض بالكلام وكيف بدأ بنفسه عبرة وعضة لمن له عقل
وما كان أكثرهم مؤمنين.. لكن لم يؤمن أكثر قوم إبراهيم
وأن ربك لهو العزيز الرحيم.. العزيز المنتقم من أعداءه الرحيم بأحبابه وأولياءه
هنا يقص الله علينا قصة سيدنا نوح وهو أول رسول بُعث للأرض من بعد آدم عليه السلام وقد عاش في قومه عمرا طويلا استمر950 عاما وهو أشد الرسل صبرا على إيذاء قومه وكان إذا دعاهم غطوا وجوههم ووضعوا أصابعهم في آذانهم كي لايسمعوا
وقد ظل سيدنا نوح يدعو قومه وهم لايستجيبون له ويعذبونه بل إذا حضر أحدهم الموت جمع أبناءه من حوله وحذرهم من إتباع نوح
كذبت قوم نوح المرسلين.. (قوم) هي الجماعة التي كان يعيش بينهم المرسلين .. مع أن لايوجد سوى رسول واحد لكنها إشارة إن من كذب رسولا واحدا وإن آمن بالباقي فقد كذب الرسل جميعا لأن الرسل يصدق بعضهما بعضا
إذ قال لهم أخوهم نوح.. والأخ هنا أخ النسب أي منهم وليس أخوة الدين
ألا تتقون... ألا تخافون الله ألا تأخذون حذركم من عقابه وكيف تعبدون غيره
إني لكم رسول أمين.. الأمانة هي الصدق وهي ضد الخيانة أمين على الوحي أمين على التبليغ وقد علمتم أمانتي من قبل البعثة
فاتقوا الله وأطيعون... وكأن الأمانة كافية كدليل لإتباع الرسول أتقوا الله في أنفسكم واطعيوني فيما جئتكم به
وما أسألكم عليه من أجر... لا أريد منكم مقابل على الإبلاغ والرسالة من أجر.. مالا أو جاها أو سلطانا أو شرفا أو اي نوع من الأجور إن أجري إلا على رب العالمين.. إنما أجري على الله
فاتقوا الله واطيعون.. وهذا التكرار مهم وكأنه يقول أنا لكم رسول أمين وهذا دليل كافي لتصديقي ثم أني لا أريد أجرا وهذا دليل آخر يكفي لاتباعي فكيف لو اجتمعت الأمانة وعدم طلب الأجر
قالوا أنؤمن لك وأتبعك الأرذلون... الأمر الغريب هنا في حكاية القرآن الكريم عن الأقوام المكذبين أنهم دائما ينظرون إلى ظواهر الأشياء ولم يتأملوا في بواطنها ولم يعطوا فرصة لعقولهم أن تتدبر وتسمع فهنا رجل يقول كذا وكذا فاسمع ما يقول وفكر به هل هو حق أم باطل
أما إن تنظر لملابسه وعمره ووظيفته وأتباعه فماذا يفيدك فهذه سفاهة وقلة عقل لأنهم جعلوا فقر أتباعه مانعا للتصديق فلو كان أتباعه أغنياء لسمعوه
قال وما علمي بما كانوا يعملون... وكأن الكلام يشير إلى أمرين بأن الأتباع فقراء ذوي صناعات بسيطة لا جاه لهم ولا مال وأن هؤلاء الفقراء تبعوه من أجل المال فقط فلعله يعطيهم ولعله يغنيهم لذلك هو يرد عليهم وما علمي بما كانوا يعملون هل آمنوا بي إخلاصا وتصديقا أم لوجه الله
إن حسابهم إلا على ربي.. فهو المطلع على النيات
لو تشعرون ... (لو) هنا محذوفة تقديره (لو تعلمون لما قلتم هذا) فالله هو المحاسب والمطلع على مافي الصدور
وما أنا بطادر المؤمنين... إذن فقد طلبوا منه أن يطرد أتباعه وعلى هذا الأساس أتى الجواب كما طلبت قريش من النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يطلب من حوله من الفقراء
إن أنا إلا نذير مبين... وكيف أطردهم وهو رسول من الرسل واضح مبين للناس أنذركم وأحذركم من عقاب الله أغنياء كنتم أم فقراء
قالوا لئن لم تنته يا نوح... ويستمر جبروتهم هددوه والبطش حجة أهل الباطل والقهر وسيلتهم لتكونن من المرجومين.. بالقتل بالحجارة والرجم أيضا بمعنى الشتم
قال رب إن قومي كذبون...لجأ نوح إلى ربه مع ملاحظة شديدة الأهمية بداية أن نوح لم يدع على قومه إلآ بعد أن أوحي إليه بذلك (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)
ثانيا أن نوحا لما دعا عليهم لم يكن السبب آذاهم له بل بسبب تكذيبهم (إن قومي كذبون) فالأنبياء منزهون عن الدعاء على أحد بسبب الأذى الشخصي
فافتح بينني وبينهم فتحا ... أي أحكم بينني وبينهم والفتح أي إزالة الأغلاق والأقفال وذلك حين ينزل عليهم أمر الحق
ونجني ومن معي من المؤمنين.. لم يستأثر نفسه بالدعوة وما من رسول إلا واعتبر قومه أبناءه وبناته
فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون.. المملوء وقد أوحى الله له في حينها لبناء السفينة ونزل جبريل يعلمه وصنعها على الارض وكلما مر عليه قوم استهزؤوا به بسبب خلو المنطقة من الماء أو بسبب بعدها عن البحار
ثم أغرقنا بعد الباقين.. أي بعد إنجاءه من بقي من القوم إن في ذلك لآية ... علامة ودليل وبرهان لأي عاقل يسمع
وما كان أكثرهم مؤمنين... رغم الآيات والعبر لكن المؤمنين قلة
وإن ربك لهو العزيز الرحيم.. الغالب على أعداءه الرحيم بأحبابه
كذبت عاد المرسلين ..أي كذبت قبيلة عاد المرسلين .. ولم يكن لهم سوى رسول واحد وهو هود لكن كما قلنا من قبل إن من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل إذ قال لهم أخوهم هود .. أخوهم من النسب وليس من الدين
ألا تتقون... لاحظ الأمر بالتقوى دائما يكون في بداية القصص هنا
إني لكم رسول أمين.. واضح مبين ذو أمانة لأن وظيفة الرسل تنحصر في الدعوة فقط أمناء على الوحي والرسالة
فاتقوا الله وأطيعون... ما من رسول أرسل إلا وقال هذه المقولة (التقوى وعدم طلب الأجر) لأنهم من أهل الإخلاص
وما أسألكم عليه من أجر.. لاأريد منكم جزاءا ولا شكورا ولا أطلب أي نوع من أنواع الأجور
إن أجري إلا على رب العالمين... (رب العالمين) تدل على معنى التوحيد ومعنى استحقاق الله للعبادة فهو الرب الذي خلق وهدى و رزق وأمات وأحيا
ثم بدأ ينبه لأخطائهم الشائعة والظاهرة فقال
أتبنون بكل ريع آية تعبثون.. الريع هو المكان المرتفع أو هو الطريق أو هو الفج بين الجبلين أنتم تبنون بكل مكان مرتفع آية .. علامة عمرانية على غناكم وقواتكم تعبثون.. لأن الغرض من بنائكم هو اللهو واللعب وليس للنفع فالعبث هو ما لا فائدة وراءه
وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ... المصانع هنا هو البناء الشامخ أو هو القصر المشيد أو هو المنزل أو هي حفرة لتجمع مياه المطر لعلكم: أي تتخذون أمور سببا لإطالة أعمارهم هل هو التجميد هل هو التحنيط هل كانوا يقومون بعمليات زراعة الأعضاء الله أعلم
وإذا بطشتم بطشتم جبارين.. البطش هو الأخذ بشدة وبعنف وهو التسلط على المخطأ والمتعمد دون رأفة لأن لباطش يبطش ليس من أجل العقاب بل من أجل الانتقام وكأنهم يملكون القوة النووية