قال عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع (الا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله ، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)
نقاط : 3239 السٌّمعَة : 33 تاريخ التسجيل : 19/05/2018
موضوع: سورة الشعراء الأربعاء مايو 23, 2018 11:02 am
رند الناصري كتب:
سورة الشعراء هي سورة مكية شأنها شأن السور المكية وقيل هي مكية إلا أربع آيات نزلت في المدينة وهي آخر آيات السورة
والسورة تعالج أصول العقيدة والرسالة والبعث وأصول الإيمان
افتتحت السورة بالحروف المقطعة وتحدثت عن عظيم شأن القرآن الكريم وجاءت الآيات تشفق على المصطفى (صلى الله عليه وسلم) وتأمره بعدم الحزن وتنهاه عن التأسف والتأسي على قومه
ثم جاءت الآيات الأخرى تبين إعراض المشركين عن آيات القرآن ثم إعراضهم عن آيات الكون
ثم تحكي السورة قصة موسى الكليم (عليه السلام) مع فرعون وقومه وكيف قرعهم بالحجة وكيف أظهر لهم المعجزات وماذا كان مصيرهم
ثم تنتقل السورة إلى قصة إبراهيم (عليه السلام) مع أبيه وقومه وكيف دلل على وجود الواحد القهار
وتبين السورة بعد ذلك أحوال الفريقين المتقين والغاوين ومصير كل منهما
ثم تعود السورة إلى عرض قصص الأنبياء نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وتبين كيف فعلوا كيف استقبلوا الرسل كيف استقبلوا القوم مع المعجزات ثم سنة الله في الكون مع المكذبين للرسل لعل أهل مكة يتعظون أو ينزجرون
ثم تتعرض السورة للتنبيه بعظيم شأن القرآن وأن الله هو مصدر هذا التنزيل وترد على افتراءات المشركين حين زعموا أنه قد تنزلت به الشياطين وتنفي أن محمدا ليس بشاعر وأن أحوال الشعراء معلومة
طسم.. طاء سين ميم ثلاث احرف مقطعة أفضل ما قيل فيها هو قول أبي بكر (رضي الله عنه) "إنها سر الله فلا تطلبوه" وهي من المتشابهات التي لايجوز الخوض فيها فنؤمن بها بدون تفاصيل
تلك آيات الكتاب المبين .. إشارة لآيات السورة أو إشارة لآيات القرآن كله الكتاب المبين الظاهر إعجازه الواضح برهانه
لعلك باخع نفسك .. خطاب له (صلى الله عليه وسلم) والبخع: البلوغ بالذبح إلى البخاع والبخاع هي الضلع المبطن في فقار العنق فإذا بلغ الذابح تلك المنطقة .. فقد بخع الذبيحة فكأن الله يقول لحبيبه (صلى الله عليه وسلم) اشفق على نفسك وارحمها أتريد أن تقتل نفسك حزنا عليهم
ألا يكونوا مؤمنين.. خيفة أن لا يؤمنوا فالهداية من الله إن أرادوا ذلك
إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية.. لو أراد الله إيمانهم لحدث ذلك ولأنزلنا من السماء معجزة أو مصيبة أو شيء يلجأهم للإيمان قهرا فظلت أعناقهم لها خاضعين... (ظلت) أي دامت واستقرت على الخضوع والآية اختلفت فيها الأقوال قيل: الأعناق جمع عنق وهم الرؤساء أو الجماعات كقولك (جاءني عنق من الناس) أي رؤساء الناس أي وجوه الناس وقيل الأعناق هي أعناق الناس المعروفة
مع أن خاضعين: جمع للعقلاء فكيف ذلك والأعناق لا تُجمع بجمع العقلاء المفروض أن يقول (خاضعة)
قيل إن المعنى هو فظلوا هم للمعجزة خاضعين لأن إذا خضعت الأعناق خضعت الرؤوس وخضع أصحابها
فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون.. تهديد ووعيد حين يروا الموت حين يروا نصر النبي في بدر أو يوم القيامة ويعلموا حيئنذ إن كان جديرا بالتكذيب أم بالتصديق
أولم يروا إلى الأرض.. لقد أعرضوا عن آيات الله بالكون والسؤال سؤال توبيخ وهاهي الأرض امامهم
كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم.. كم أنبت الله فيها من كل زوج نافع كثير الخير مختلف اللون والرائحة والنفع والآية تدل على أن ما من شيء نبت من الأرض إلا وله نفع إما بمفرده وإما بإضافته لغيره
إن في ذلك لآية .. دليل على أن الإنبات بفعل فاعل والفاعل هو الله
وماكان أكثرهم مؤمنين .. في علم الله عز وجل فلا تقتل نفسك حزنا عليهم فالآيات التنزيلية واضحة والآيات التكوينية ساطعة لأن الله حكم عليهم بالكفر والإعراض
وإن ربك لهو العزيز الرحيم.. العزيز القوي الغالب المنتقم من أعداءه الرحيم لأحبابه وأولياءه أو الرحيم بهم حيث أمهلهم وأنزل عليهم القرآن ووعظ وذكر ولم يباغتهم فجأة بدون رسول
وقيل إن هذه الآية تكررت في هذه السورة 8 مرات فهذه واحدة والسبع الآخريات جاءت بعد كل قصة من قصص الأنبياء المذكورة بالسورة لتذكر كفار مكة أن في كل قصة عبرة توجب عليهم الإيمان وتهددهم للتكذيب والعصيان
قال ألم نربك فينا وليدا... قال فرعون بمجرد ما دخلا عليه وأخبراه بالرسالة في إيجاز وكان الرد بالاحتقار والاستهزاء والتعالي سماه (وليدا) لقرب عهده بالولادة أي أنعمنا عليك وربيناك في قصورنا
ولبثت فينا من عمرك سنين ... قيل كان عمره حين فر منهم 30 سنة وعشر سنين في مدين ثم جاءته الرسالة فكيف تأتي بعد هذه المدة الطويلة وتدعي بأنك رسول
وفعلت فعلتك التي فعلت... سماها فعلة لتعظيم شأنها والفعلة (فتح الفاء) هي المرة الواحدة من الفعل
وأنت من الكافرين .. كافرين بالنعمة حين قتلت أحد رعاياي أو كافرين بإلوهيتي
وأنا من الضالين.. لأن الحقيقة هي فعلتها وانا من الضالين الضالين ليس المقصود الضلال على الهدى لأن موسى على الهدى منذ ولادته لكن الضلال قد يأتي بمعنى النسيان لقوله (إن تضل أحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)
ففررتُ منكم لما خفتكم ... أي فررت منكم إلى مدين حين خفت منكم
فوهب لي ربي حكما .. النبوة وجعلني من المرسلين .. وجعلني رسولا منه اي من جماعة المرسلين
بعد أن أسقط في يد فرعون برد موسى عليه فبدأ الحوار بالتعالي والاستهزاء
قال فرعون وما رب العالمين... سأله لأن موسى قال (إنا رسول رب العالمين) وفرعون يدعي الربوبية وبداية السؤال سوء أدب لأن (ما) يسئل بها عن جنس الشيء والله سبحانه منزه عن الجنسية وماهيته لا تصل إليها العقول والأفكار كأنه يقول ما جنسه وشكله وهيئته
هنا أعرض موسى عن الجواب وبدأ يعرف بالله من خلال صفاته وآثاره وكأنه لم يسمع سؤال فرعون
قال رب السموات والأرض وما بينهما... إذن موسى لم يرد على السؤال لأنه يستحيل الإجابة فمن يعرف كنه رب العالمين فلا يعرف الله إلا الله
إن كنتم موقنين.. إن كان لديهم يقين بالسماء وبالأرض فالله ربها وهل زعم أحد أنه أوجدها فرب العالمين هو من خلق السموات والأرض وما بينهما من أمور
قال لمن حوله ألا تستمعون... يخاطب الموجودين متعجبا من موسى مستهزأ به وكأنه يقول أسأله عن شيء فيجيبني عن آخر
قال ربكم ورب آباءكم الأولين... هنا انتقل موسى إلى برهان آخر من برهان الآفاق إلى برهان النفوس (لمن حوله) فإن لم تتيقن من برهان الآيات الكونية فانظر إلى نفسك وانظر إلى أبيك أين هو الآن هل مات فمن أماته وأنت لم تكن ثم جئت فمن جاء بك ومن أفنى الأب ومن كوّن الابن إذن فهناك خالق يوجد ويُعدم وبيده الفناء والإيجاد ربكم ورب آبائكم الأولين
قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون استشاط فرعون غضبا وبدأ يحاول التشويش والتمويه
لكن موسى لم يرد بل جاء بإجابة ثالثة مفحمة
قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون (إن كنتم تعقلون) ردا على (مجنون) فمن المجنون هنا فمن يأتي بالشمس من المشرق إلى المغرب أهو أنتم ومن يأتي بالقمر ويذهب به أهو أنتم فإن كان لكم عقل فمن يأتي بالشمس والقمر
قال لئن اتخذت إلها غيري .. النقاش والحوار دائر والكلام منطق والوضوح عجيب وسطوع البيان يجعل الحجر يؤمن وينطق ومع ذلك انقلب فرعون إلى التهديد والوعيد شأن الجبابرة في كل زمان ومكان
لأجعلنك من المسجونين... الآية غاية في الغرابة لم يقل (لأسجننك) بل (لأجعلنك) واللام هنا للعهد أي أهددك بأن أسجنك عندي وأنت تعرف حال سجوني وأين هي (يقال أنها كانت تحت الأرض) فسجن فرعون كان أشد من قتله للناس
قال أولو جئتك بشيء مبين.. رد عليه موسى هل لو أتيتك بمعجزة ستبقى على تهديدك بالسجن لي
قال فات به إن كنت من الصادقين.. توقع فرعون أن ينتصر على موسى لذلك رد عليه بهذا خاصة وأن موسى لا شيء بيده إلا العصا ومن كان يتصور أن الضربة على رأس كل مستهزأ ستكون بالعصا
فجُمع السحرة لميقات يوم معلوم.. ارسل فرعون فعلا وتحدد الموعد وكان يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى وكأن الله استدرج الملأ ليطلبوا السحرة وقيل للناس هل أنتم مجتمعون .. وكأن هناك سرعة وهذا من إملاء الله لهم يحسبون أنهم غالبون وهم خاسرون
لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين.. انظر الى الكلام كان من المفروض أن يقولوا (لعلنا نتبع فرعون) لكنهم قالوا (نتبع السحرة) لأن الغاية عندهم هي إتباع الباطل بأي طريقة
قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون... جاءه الوحي فطلب منهم أن يلقوا أغراضهم لاحظ هنا أوليس السحر كفر فكيف يأمرهم بالسحر والنبي لايأمر بالمعصية الجواب: الأمر هنا هو إذن أعطاهم الإذن أن يلقوا لانهم فاعلون ولا شك فالقوا حبالهم وعصيهم ... ألقوا الحبال والعصي
وقالوا بعزة فرعون.. منتهى النفاق يقسمون بجاه فرعون وهو النفاق في كل عصر وأوان وكأن لولاه ما حصل وحصل النفاق من الحاشية المنتفعة وهل لفرعون عزة إنما العزة لله ولرسوله وللمؤمنين
فإذا هي تلقف ما يأفكون.. تلقف يعني تتناول بسرعة وهذا هو الفرق بين اللقف والأكل فهو التقام بسرعة خاطفة (يأفكون) والإفك هو أشد الكذب وهو قلب الحقائق فلم تكن هناك ثعابين تسعى وإنما خيل إليهم من سحرهم إنها تسعى كلما فعلوه أنهم سحروا أعين الناس فهي مجرد ألاعيب تمويهية
فألقي السحرة ساجدين.... هنا ظهر الحق فالثعبان الذي كان عصا منذ قليل إذا هو يأخذ ما على الأرض من حبال وعصي وفجأة خلت الساحة تماما من كل شيء ولم يبق إلا الثعبان فأين العصي واين العدة وأين الحبال فشعر السحرة بالحق
ولاحظ هنا الفعل (ألقى) جاء ذكره 3 مرات فقد القى السحرة عدتهم وألقى موسى عصاه ثم (ألقي السحرة) والفعل هنا مبني للمجهول فمن الذي ألقاهم إنه الله ألقاهم توفيق الله للهداية
قالوا آمنا برب العالمين... دخلوا في الإيمان فورا
رب موسى وهارون.. لكي لايتوهم السامعون أن إيمانهم بفرعون بل هو برب موسى وهارون كذلك الإشعار بأن سبب الإيمان هو معجزة (موسى وهارون)
حصلت صدمة لفرعون فالسحرة جنوده وأدواته وكل من هؤلاء سحار عليم وجيء بهم من كل مكان في مصر فأين ذهب النفاق وأين اشتراط القرب وأين بعزة فرعون نحن الغالبون
قال آمنتم له قبل أن آذن لكم ... استكبر فرعون واشتد استعلاءه فاستنكر ما فعلوه ولاحظ قوله (قبل أن آذن لكم) عجبا وهل يحتاج الإيمان بالإله لإذن من أحد أوليس الإيمان علاقة بين العبد وربه
إنه لكبيركم الذي علمكم السحر.. تدليس وخداع وكذاب وأين التقى موسى بالسحرة كي يعلمهم السحر أولم يكن موسى في مدين عشر سنوات أولم يأت فرعون بالسحرة دون علم موسى بهويتهم لكنه البهتان والافتراء
فلسوف تعلمون... تهديد لهم ثم بين لهم نوع التهديد
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ... من خلاف أي يقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى والعكس صحيح
ولأصلبنكم أجمعين .. ثم يصلب كل منهم منفردا حتى يموت وهو كذلك فيصبح عبرة للناس