3 - الطيور :
من الطيور ما هو ضار بطبيعته
فيجوز قتله
كما مثل له الحديث بالغراب و الحدأة .
وهى بطبيعتها لا تستأنس ،
وهناك طيور لسيت ضارة تطعيعتها منها ما يستأنس كالحمام ،
ومنها ما لا يستأنس كالعصافير ،
والنوع الأول يذبح ليؤكل وكذلك الثانى يصاد
ليؤكل وما لا يحل أكله لا يقتل إن كانت فيه
فائدة مثل " أبى قردان "
صديق الفلاح كما يقولون .
لكن قد يثار هنا سؤالان ،
أحدهما عن الحمام الذى يسقط على الأجران
التى تدرس فيها الحبوب
ويأكل منها كثيرا ،
وثانيهما عن العصافير التى تهجم على المحصولات
كالقمح والشعير
وتلتهم منها كثيرا وهى مازالت فى طور نموها أو نضجها .
فهل يجوز قتلها من أجل ضررها ؟ .
أما الحمام فضرره بسيط يمكن أن يطارد دون اصطياد ،
ولو صيد هل يضمن ثمنه لصاحبه؟
إن لم يعرف له صاحب بيقين فلا ضمان ،
وإن عرف صاحبه بيقين ضمن ،
لأن حبس الطيور أمر عسير ، فلابد لها من التجوال ،
ويعتبر صاحبها غير مقصر فلا يضمن ما أتلفته من طعام غيره ،
وإن اشتبه عليه أمر الحمام أو اختلط فيه المملوك لأصحابه
وغير المملوك ، فالأشبه عدم الضمان .
ومع ذلك فأفضل عدم اصطياده ،
لأن غالب بيوت القرى فيها حمام ،
وهو يطلب رزقه من كل المواقع ،
فحمام الكل يأكل من طعام الكل غالبا ،
والأمر متبادل بين البيوت ،
والتسامح فى ذلك من وسائل التواد
والتراحم والتعاون على الخير ،
فلنحرص على هذه الروح السمحة ،
ولا نتورط فى شىء قد يكون من ورائه ما لا تحمد عقباه ،
مذكرا للناس بهذا الحديث الصحيح
" ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا
فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة "
رواه مسلم .
وأما العصافير-وهى غير مملوكة لأحد فيكتفى بطردها إن أمكن ،
أما إذا لم يمكن طردها فلتوضع لها شباك تصاد بها وينتفع بلحمها ،
أو تصاد بالرصاص الخارق -
على رأى بعض العلماء -
ويقوم ذلك مقام ذبحها والصيد بالشباك للانتفاع بالعصافير ،
بدل إبادتها وضياع الاستفادة من لحمها
هو ما أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائى والحاكم وصححه
لقوله
"ما من إنسان يقتل عصفورا فما فوقها لغير حقها إلا سأله اللّه عز وجل عنها "
قيل : يا رسول اللَّه وما حقها ؟
قال
"يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها ويرمى بها "
وفيما رواه النسائى وابن حبان فى صحيحه
بقوله
" من قتل عصفورا عبثا عج إلى اللَّه يوم القيامة
يقول : يا رب إن فلانا قتلنى عبثا ولم يقتلنى منفعة" .
وهذا توجيه اقتصادى إسلامى إلى عدم ضياع المنفعة
من الشىء فى الوقت الذى يدافع فيه ضرر هذا الشىء ،
وهذا كما يقال : ضرب عصفورين بحجر واحد .
دفعنا الشر واستفدنا مما فيه من خير .
فإن كانت بشكل "وبائى" ولا يفيد معها الاصطياد
فهل يمكن قتلها بمثل المواد الكيماوية أو بطريقة أخرى ؟
نعم لا مانع من ذلك لدفع ضررها ،
وحماية لقوت الإنسان منها ، فحياته ومصلحته مقدمة على حياة
أى مخلوق دونه وعلى مصلحته ،
وهى كلها جعلت من أجل الإنسان لتبقى حياته
ويستطيع أن يؤدى رسالته ،
وبمثل ذلك قال الدميرى فى الجراد .
وفى مثل هذه الحالة الاستثنائية التى تكاثرت فيها العصافير
وأكلت جزءا كبيرا من المحصولات ،
قامت بعض الدول ، فى شكل جماعى بمطاردتها طول النهار
حتى اضطرت إلى الأشجار العالية وباتت ليلها جائعة ،
تساقط بعضها ميتا فى أوال ليلة ثم قضى عليها فى أيام قلائل .
وقد يشبه هذا الحكم فى العصافير حكم مكافحة الجراد ،
وهو من نوع الحشرات الطائرة ويحل أكله
كما نص عليه الحديث
" أحلت لنا ميتتان ودمان : السمك والجراد ، الكبد والطحال "
رواه الشافعى وأحمد والدارقطنى والبيهقى مرفوعا
إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وروى موقوفا على ابن عمر وهو الأصح -
وروى البخارى وغيره عن عبد اللَّه بن أبى أوفى :
غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد .
ولو أبيد بأية طريقة حل أكله ما لم يكن فيه ضرر
بسبب المواد التى أبيد بها .
جاء فى " حياة الحيوان الكبرى- جراد "
روى الطبرانى والبيهقى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
قال " لا تقتلوا الجراد فانه جند الله الأعظم "
قلت :
هذا وإن صح أراد به ما لم يتعرض لإفساد الزرع وغيره ،
فإن تعرض لذلك جاز دفعه بالقتل وغيره .