جاء في كتاب حلية الاولياء الجزء 1 ص 42
قول علي بن ابي طالب رضي الله عنة لكميل بن زياد
يا كميل بن زياد، القلوب أوعية فخيرها أوعاها، واحفظ ما أقول لك:
الناس ثلاثة:
فعالم رباني، ومتعلم علي سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق،
يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم،
ولم يلجئوا إلى ركن وثيق.
العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال،
العلم يزكو علي العمل والمال تنقصه النفقة.
ومحبة العالم دين يدان بها.
العلم يكسب العالم الطاعة في حياته،
وجميل الأحدوثة بعد موته،
وصنيعة المال تزول بزواله. مات خزان الأموال وهم أحياء،
والعلماء باقون ما بقي الدهر.
أعيانهم مفقودة،
وأمثالهم في القلوب موجودة، هاه، إن ههنا ، وأشار بيده إلى صدره،
علماً لو أصبت له حملة، بلى أصبته لقنا غير مأمون عليه.
يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله علي كتابه، وبنعمه علي عباده،
أو منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له في إحيائه،
يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لاذا ولا ذاك،
أو منهوم باللذات، سلس القياد للشهوات،
أو مغزي بجمع الأموال والإدخار،
وليسا من دعاة الدين، أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة،
كذلك يموت العلم. بموت حامليه،
اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة،
لئلا تبطل حجج الله وبيناته،
أولئك هم الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدراً بهم يدفع الله عن حججه
حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم،
هجم بهم العلم علي حقيقة الأمر فاستلانوا ما استوعر منه المترفون،
وأنسوا. مما استوحش منه الجاهلون،
صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى،
أولئك خلفاء الله في بلاده، ودعاته إلى دينه.
هاه هاه شوقاً إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك. إذا شئت فقم.
روي عن عليّ كرم اللّه وجهه ورضي عنه:
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاّء
ووزن كل امرئ ما كان يحسنه ... والجاهلون لأهل العلم أعداء