القرية : ذات أعمدة وبناء مسكونة ، وذات دين واحد ومنهاج واحد خاص لجميع أفرادها يميزها عن باقي القرى
... فمثلا مكة والمدينة المنورة قرية لأن أهلها ذوي دين واحد وهو الدين الإسلامي والفاتيكان قرية لأن أهلها ذوي دين واحد وهو الدين النصراني
المدينة : ذات أعمدة وبناء مسكونة ، وذات ديانات ومناهج متعددة
... فمثلا والقدس مدينة لأن أهلها ذوي ديانات مختلفة
محور القرآن الكريم يدور حول قضية التوحيد وعدم الشرك بالله عز وجل وهذه الرسالة الأساس التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الرسل فنظرة القرآن الكريم إلى الأمور جميعها ( التوحيد ) فهو يؤكد على هذه القضية في كل آياته وسوره . ومن هنا عند وصف أرض في القرآن الكريم مأهولة بالناس فما يهمنا من أمرهم هو مقدار بعدهم أو قربهم من التوحيد ( مدى تطبيق شرع الله عز وجل أو الإبتعاد عنه وطبيعة المنهاج الذي يتبعونه )
لنتتبع الآيات للتوضيح والإستدلال
﴿ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ﴾ الكهف – 77
موسى و الخضر عليهما السلام دخلا القرية ولم يكن فيها موحد – حتى من كان فيها صالحا فقد مات - وكانوا كلهم من الكفار ( دين واحد خارج عن منهج التوحيد )
...
﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ الكهف – 82
ففي فترة إقامة الجدار بلغَّا دين التوحيد إلى الناس ( وهذه مهمة الرسل ) ولم يخرجا منها إلا وفيها من يوحد الله عز وجل ومنهم على الأقل غلاما الرجل الصالح ( الموحد ) فقبل خروجهم أصبح هناك أكثر من دين في القرية فتحولت إلى مدينة
وبالمثل
﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ يس – 13
كانوا غير موحدين بداية
﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴾ يس – 20
فأصبح فيها موحدين الرجل والرسل المبعوثين من الله عز وجل على لأهلها الكافرين
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ﴾ التوبة – 101
فقد كانت المدينة المنورة فيها ديانات مختلفة ( الشرك و اليهودية و الإسلام )
ومن الطبيعي أن يرد الهلاك لقرية وليس لمدينة ( لأنها تتفق على دين واحد – ومن الطبيعي غير دين التوحيد ) وفي الغالب ( لفظة ) المدينة تشير إلى وجود ديانات مختلفة أحدها الإسلام دين التوحيد ( وأن هناك صراع دعوي فيها بين الحق [ص] والباطل [ق] )
وتحديدا أكثر
لماذا لم يطلق على القرية التي دخلها موسى و الخضر ابتداءا مدينة وهم على دين وأهل القرية على دين ( لأن موسى و الخضر عليهما السلام ليسا من أهل القرية الفعليين )
وكذلك أهل قرية لوط عليه السلام فهو ليس منهم فقد جاء مع نبي الله إبراهيم عليه السلام من العراق مهاجرا على أغلب الظن داعيا لهم مع أن أصولهم الأبوية واحدة ويتشاركون نفس اللغة إلا انهم كان قبله مهاجرين إلى الأرض المباركة
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴿الأنبياء: ٧١﴾
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿العنكبوت: ٢٦﴾
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴿الشعراء: ١٦١﴾
فالذي نجا آل لوط وليس أهل القرية
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴿النمل: ٥٦﴾
فنسبوا القرية لهم ولم ينسبوها لنبي الله لوط عليه السلام ..... وقد يكون مرادهم أن اجعلوا هذا المكان خاصا لفكركم ومنهجكم وطريقتكم واطردوا كال من يخالفكم
﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾ الأنبياء -74
فقد أتفق القوم كلهم على الكفر وعمل الخبائث
والله أعلم
من بحث
https://ebadalrehman-new.ahlamontada.com/t1772-topic