السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى آلاء الله هو علم الله تعالى وقدرته، كما في الآية (فبأي الاء ربكما تكذبان) والتي تكررت في سورة الرحمن تعني أفبعلم الله و قدرته تكذبان؟.
لهذا قالت الجن حين سمعوا الآية:
" اللهم ، ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد ".
فكانوا في هذه خيراً منا، فما زلنا نسمعها ونسكت.
ولا يعني هذا أن تفسير آلاء الله (بنعم الله) تفسير خاطئ لأن النعم معنى شامل وعام بينما علم الله وقدرته معنى خاص محدد، فإن قرأت سورة الرحمن الآن بهذا المعنى (علم الله وقدرته فهو العليم القدير) ستكتشف فهماً جديدا لم تكن تقرأه من قبل.
كما نعلم، أن التألي على الله سبحانه وتعالى هو حلف العبد بأن الله لن يفعل "كذا" فهنا العبد يدّعي انه أعلم بمشيئة الله وقدرته.
ففي صحيح مسلم وغيره: أن رسول الله عليه الصلاة والسلام حدّث أن رجلًا قال:
(والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك.)
ولننظر ما جاء في الأثر مما قد يبيّن المعنى لآلاء الله.
حدثنا ضمضم بن جوس قال دخلت مسجد الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام فإذا أنا بشيخ مصفر رأسه، براق الثنايا معه رجل أدعج جميل الوجه شاب فقال الشيخ: يا يمامي تعال لا تقولن لرجل أبدا لا يغفر الله لك، والله لا يدخلك الجنة أبدا.
قلت: ومن أنت يرحمك الله؟ قال أنا أبو هريرة
قلت: إن هذه لكلمة يقولها أحدنا لبعض أهله أو لخادمه إذا غضب عليها.
قال: فلا تقلها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( كان رجلان من بني إسرائيل متواخيين أحدهما مجتهد في العبادة والآخر مذنب فأبصر المجتهد المذنب على ذنب فقال له: أقصر فقال له: خلني وربي قال: وكان يعيد ذلك ويقول: خلني وربي، حتى وجده يوما على ذنب فاستعظمه فقال: ويحك اقصر! قال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟! فقال: والله لا يغفر الله لك أو قال لا يدخلك الله الجنة أبدا. فبعث إليهما ملك فقبض أرواحهما فاجتمعا عند الله - جل وعلا - فقال ربنا للمجتهد: أكنت عالما أم كنت قادرا على ما في يدي، أم تحظر رحمتي على عبدي، اذهب إلى الجنة يريد المذنب، قال للآخر اذهبوا به إلى النار، فوالذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته ). [رواه ابن حبان في صحيحه].
الشاهد هو (أكنت عالما أم كنت قادرا على ما في يدي)، اذاً التألي هو قول العبد بالعلم و/او القدرة على ما بيد الله تقدس في علاه.
فآلاء الله هي علم الله سبحانه وقدرته التي بيده ويختص بها وحده فلم يُمَكّن أحداً من عباده منها.
ولنقرأ الآن سورة الرحمن ونأخذ هذا المعنى بالإعتبار، لِتقرأ ما لم تكن تقرأ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{الرَّحْمَٰنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8.) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)}.
هذا والله أعلم، والحمد لله وعلى نبي الله الصلاة والسلام.