يوسف عمر كتب:
موضوع "النظام المالي في الدولة الإسلامية" يتناول الحديث عن: "بيت مال المسلمين", من حيث تعريفه, ونشأته, وموارده, ومصروفاته.
بيت المال:
هو خزينة الدولة الإسلامية بحيث جمعت فيه كل موارد الدولة المالية من زكاة وجزية وغنيمة وهو أشبه بوزارة المالية في عصرنا الحالي يعتبر بيت مال المسلمين أهم مؤسسة مالية في الدولة الإسلامية وقد كان بيت المال ملكا عاما للمسلمين ولكل منهم نصيب فيه أما في العصر الأموي أصبح بيت المال ملكا خاص للخلفاء وأقربائهم يتصرفون به كما يشاءون.
نشأة بين المال:
نشا بيت المال في الدولة الإسلامية كمؤسسة رسمية في العصر الراشدي زمن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب بشكل رسمي ويعود سبب إنشاء بيت المال إلى كثرة الأموال المتدفقة إلى خزينة الدولة وذلك بسبب الفتوحات والانتصارات التي حققها المسلمين في الحرب, سبب آخر اتساع رقعة الدولة الإسلامية وازدياد عدد الخاضعين للدولة من الشعوب المغلوبة الأمر الذي استدعى إنشاء بيت المال, والسبب الأخير حاجة الخليفة لمساعدين لضبط أمور الدولة المالية .أما بالنسبة لكيفية نشوء بيت المال فهي قصة عمر بن الخطاب مع أبي هريرة:
أن الصحابي أبا هريرة قدم من البحرين ومعه مال كثير, فلقي عمر فقال له عمر: ماذا جئت به؟ قال: خمسمائة ألف درهم, فقال عمر: أتدري ما تقول؟ قال: نعم مائة ألف درهم (ردد ذلك خمس مرات),
فقال عمر : أطيب هو؟ (يقصد أحلال هو)
قال أبوهريرة :لا ادري, فصعد عمر المنبر فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال : أيها الناس! قد جاءنا مال كثير, فان شئتم كلناه كيلا , وان شئتم عددناه عدا, فقام إليه رجل, فقال: يا أمير المؤمنين,
قد رأيت الأعاجم يدونون ديوانا لهم فدون أنت لنا ديوانا.
كان الهدف من إنشاء بيت المال هو لتحقيق التوازن بين مدخولات ومصروفات الدولة المالية.
موارد(مدخولات) بيت مال المسلمين:
1- الزكاة: هي فريضة فرضها الإسلام , تعتبر من أركانه الخمسة تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء, عملا بقوله تعالى:
"والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"
[سورة المعارج: الآيتان 24-25],
و "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"
[سورة التوبة: آية 103].
مصادر الزكاة:
*زكاة المواشي: الإبل والغنم والبقر * زكاة الذهب والفضة * زكاة التجارة *زكاة المعادن *زكاة الزروع والثمار
كيفية صرف أموال الزكاة:
ينفق مال الزكاة في جهات ثمان, حسب ما ورد
في قوله تعالى:
"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"
[سورة التوبة: اية 60].
الفقراء, هم الذين لا شي لهم;
المساكين, هم الذين يملكون شيئا قليلا
(وقيل العكس);
العاملون عليها, القائمون بجبايتها وتفريقها;
المؤلفة قلوبهم,
هم الذين كان النبي وخلفاءه يتألفونهم لكف أذاهم عن المسلمين, أو لترغيبهم في الإسلام;
وفي الرقاب: مساعدة العبيد على التحرر من أسيادهم ;
الغارمون: هم المدينون الذين استدانوا في مصالح أنفسهم, أو في مصالح المسلمين, فيعطى لهم ما يقضون به دينهم;
وفي سبيل الله: أن تعطى للغزاة, وأهل الجهاد في سبيل الله, نفقة ما يحتاجون إليه في حروبهم;
وأبناء السبيل: هم المسافرون المنقطعون في بلد ما, فيعطى كل واحد منهم, ما يعنيه ليعود إلى بلده وأهله.
2-الخراج:
هي مقدار من المال أو المحاصيل, كانت تفرض على الأراضي التي صولح الأعاجم عليها (أهل الذمة اليهود والنصارى), ولا تسقط إذا اسلم الذمي. وتؤخذ ضريبة الخراج عن الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة (بقتال) وعن الأراضي التي أفاء الله بها على المسلمين فملكوها وصالحوا أهلها عليها, ولم يكن مقدار الخراج ثابتا.
ضريبة الخراج كانت تفرض على:
ا. الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة (بالقتال), إذا عدل الخليفة عن تقسيمها على المحاربين, بعد أن عوضهم عن نصيبهم فيها; كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب في ارض السواد في جنوب العراق.
ب. الأراضي التي أفاء الله بها على المسلمين (إي حصلوا عليها دون قتال) فملكوها, وصالحوا أهلها عليها, على أن يتركوها المسلمون بخراج معلوم, يئدونه إلى بيت المال,
وبهذا تصبح الأراضي ملك للدولة الإسلامية بفعل عملية الفتح, فتبقى بأيدي أصحابها السابقين من أهل الذمة (النصارى واليهود والمجوس) للاستفادة منها مقابل دفع خراجها, فلا تسقط ضريبة الخراج عنا إذا اسلم الذمي. وكان الخراج لا يفرض على ثلاثة أنواع من الأراضي, بل يدفع عنها أصحابها عشر ثمارها ومحصولاتها, وتسمى : الأرض العشرية, وتشمل :
1- الأرض التي اسلم أهلها, وهم عليها دون قتال, فتترك لهم.
2- الأرض التي ملكها المسلمون عنوة ( بالقتال) وقهرا, إما من أهل الذمة, أو من المشركين, فتعتبر غنيمة حرب, تقسم بين الفاتحين.
3- أراضي الموات (البور), التي تمنح للمسلم ليستصلحها.
مقدار الخراج:
لم يكن مقدار الخراج ثابتا; وقد جرى تحديدها بإحدى الوسيلتين: أن تحسب على أساس مساحة الأرض, إي حساب المساحة; أو أن تحسب على أساس ما تنتجه الأرض من الزرع; وهذا يعتمد على مدى خصوبة الأرض.
طرق جباية الخراج:
ا.طريقة المقاسمة: وهي الطريقة التي اقرها عمر بن الخطاب, وتكون بان يشرف الخليفة على جباية الخراج, ويحاسب الولاة والعمال تطبيقا لمبدأ: من أين لك هذا؟
ب.الطريقة المباشرة: وتكون بان يعين الخليفة, إلى جانب الوالي, موظفا هو"صاحب الخراج", لجباية الخراج من الولاية, ولا يكون للوالي أية سلطة عليه.
ج. نظام التضمين أو الالتزام: بحيث كان الخليفة يعين شخص لجباية الخراج فيدفع الشخص مبلغ من المال مسبقا, ثم يقوم بجمع الخراج.
وقد لجا الأمويون إلى طريقة الاستخراج أو التكشيف وذلك بإجراء تحقيق دقيق مع الجباة وموظفي الخراج عند اعتزال أعمالهم الإدارية.
كيفية صرف الخراج:
إنشاء مشاريع عامة لخدمة عامة المسلمين مثل: حفر قنوات للمياه لتوصيل الماء إلى الأراضي البعيدة وإقامة السدود والجسور على الأنهار الكبرى وتعبيد الطرقات.
(راجع مصروفات بيت المال)
3. الجزية:
هي ضريبة شخصية فرضها الإسلام على الرجال القادرين من أهل الذمة (النصارى واليهود والمجوس) مقابل بقائهم على دينهم, والكف عنهم, والحماية لهم فهم في ذمة المسلمين. تسقط الجزية عن الذمي في حالة إسلامه ويدفع الزكاة, فقد حدد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب
مقدار الجزية :
48 درهم من الأغنياء, 24 درهم من موسطي الحال, 12 درهم من الفقراء
تؤخذ الجزية من الذكور سقطت عن النساء والصبيان والشيوخ والعميان والمعاقين والمقعدين والمجانين , ورجال الدين إلا إذا كانوا أغنياء.
طرق جباية الجزية:
حث الإسلام على الرفق والإنصاف في جباية الجزية من الذميين. وحماية أرواحهم وأموالهم من عبث الجباة;
فلا يضرب احد من أهل الذمة لإجباره على الدفع; ولا يقاموا في الشمس; ولا يجعل عليهم في ابدأنهم شي من المكاره;
ولكن يرفق بهم ويسجنون في حالة عدم دفعهم الجزية;
كما انه باستطاعة الذمي الامتناع عن دفع الجزية إذا لم توفر له الحماية.
كيفية صرف الجزية:
تصرف في مصالح الدولة العامة مثل النفقة على المسجونين, المعدات الحربية (راجع مصروفات بيت المال)
4.الفيء: هو
كل شيء حصل عليه المسلمون من أموال منقولة وغير منقولة بدون قتال مثل: الأسرى ومحاصيل الأرض والمعدات العسكرية وغيرها.
كيفية صرف الفيء:
ويصرف بان يقسم إلى خمسة أخماس, يكون الخمس الأول مقسوما إلى خمسة أسهم:
فالسهم الأول: لرسول الله ينفق منه على نفسه, وأزواجه, ويصرف في مصلحة المسلمين, وقد اسقط بموت الرسول (صلوات الله عليه);
أما الأسهم الأربعة الباقية: فلذي القربى, واليتامى, والمساكين وابن السبيل,
عملا بقوله تعالى
"ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل"
(سورة الحشر:آية 7)
أما الأخماس الأربعة الباقية, فقسمت في صدر الإسلام على عطاء الجنود وشراء المعدات العسكرية حتى دون عمر الدواوين.
5.الغنيمة:
وهي كل شيء حصل عليه المسلمون من أموال منقولة وغير منقولة (الأراضي) بقتال وتشمل: الأسرى من الرجال المقاتلين, والسبايا من النساء, والأولاد. فالأسرى والسبايا كان يطلق سراحهم حسب رغبة الخليفة بمال, أو يباعون وتوضع أثمانهم في بيت المال. وتباع الأموال المنقولة (الأراضي).
كيفية صرف الغنيمة:
فيقوم الخليفة عليها, بان يخرج الخمس منها ويقسمه بين أصحاب الخمس على خمسة أسهم,
عملا بقوله تعالى:
"واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل"
(سورة الأنفال:أية 41).
5. العشور ( المكوس):
يرجع نظام ضريبة العشور إلى عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب وهي ضريبة فرضها المسلمون على التجار الأجانب الذين يأتون ببضاعتهم من دار الحرب إلى دار الإسلام (دار الحرب:
وهي التي لا تطبق فيها نظم الإسلام, وهي في حالة حرب مع الدولة الإسلامية) وقد حدد العشور بعشر البضاعة تؤخذ من كل تاجر مرة واحدة من السنة.
مصروفات بيت مال المسلمين:
لقد نص القران الكريم على أوجه صرف بعض موارد بيت المال, كالزكاة, والفيء, والغنيمة كما بينا سابقا, أما بقية موارد بيت المال, فكانت تنفق على الأوجه التالية:
1. أرزاق القضاة والولاة والعمال وصاحب "بيت مال المسلمين", وغيرهم من الموظفين.
2. أرزاق الجند, ويراد بها رواتبهم, التي يقبضونها في أوقات معينة من كل عام.
3.إنشاء مشاريع عامة لخدمة عامة المسلمين مثل: حفر قنوات للمياه لتوصيل الماء إلى الأراضي البعيدة وإقامة السدود والجسور على الأنهار الكبرى.
4. النفقة على المسجونين, والأسرى من: معاش, ومشرب, وملبس.
5.شراء المعدات الحربية.
6.الإنفاق على العلماء والأدباء والشعراء كتشجيع لهم